بقلم: زكريا كرش

مكلبش اليدين، ومغلق العينين، وحاني الرأس في أعينهم مجرم، لكن بالحقيقة بريء. !!
هكذا تم إعتقالي يوم الأربعاء الموافق 25_8_2021/ من المخابرات الأردنية وإداعي السجن بعد 15 يوم من عمل المقابلة الأولى والتي كان الغرض منها الإقامة النظامية، ولكني قوبلت بالرفض كوني ناشط سياسي وكاتب صحفي كما وصلني ممن.. تابعوا قضيتي.
تم إبعادي من البلد قسرََا ولو لم يكن لدي تأشيرة عودة إلى إحدى الدول العربية لتم ترحيلي إلى اليمن لألاقي هناك مصيري المنتظر وهو السجن او الموت المحتوم لكن إرادة الله فوق كل شيء.

تسعة عشر يومََا قضيتها في معتقلهم الممتلئ بالكثير من المعتقلين جلهم من اليمنيين الذين هجرتهم الحرب للبحث عن لقمة العيش، والإستقرار بأمان.
لقد كانت أحلامنا هي الخروج من ذلك المعتقل المظلم التي إضاءته لا تنطفئ ثانية، وليله الطويل الذي لا ظلام ولا سكون فيه فقط مصابيح النظارة تغطي المكان.
لقد عشنا أيام كلها نهار فلا وجود للظلام هناك غير ظلام المكان الكُأيب وصراخ السجان المزعج كل لحظة.

أستبقت الأحداث في مقال سابق لي كان عنوانه ” لا شيء جميل سوى الحرية” يخص أسرى الحرب في اليمن تحدث فيه عن عظمة الحرية، وكيف يعاني المسجون والأسير، ويموت وهو على قيد الحياة مسلوب حريته التي لا تقدر بثمن.
عشت اللحظة وعرفت وتأكدت أكثر أن لا شيء جميل في هذه الحياة إلا الحرية وأن لا شيء أعظم منها ولو كنت تجني بذلك الذهب.
سيقول البعض أن مدة إعتقالي قليلة لكن من يعيشها سيمر عليه اليوم، كأنه سنة ناهيك عن الأرق الذي سيلحق بك بسبب ضوضاء المكان، وقساوة بعض ساجنيك وفرض سيطرتهم عليك، لأنك تحت رحمتهم وعليك إتباع ما يملوه عليك وكأنك مجرم، وحكم عليك بالسجن المؤبد مع الأعمال الشاقة.

كل شيء يهون إلا الغلط اللفضي الذي تعرضنا له في بعض الأحيان وإجبارك على السماع دون كلام من بعض جنود السجن اللانسانيين.
ستستمع لحديثهم وكل الذي عليك قوله هو نعم حاضر فلا مجال لك للحديث وطلب توضيح بسيط والسبب أنك أجنبي ولست من مواطني البلد ستتعرض للإهانة وقد تتعرض للضرب أن حدثتهم بلهجة حادة، هناك يمنع عليك إستخدام تلفونك ولو استخدمته سيكون مرة واحدة كل أسبوع بعد أن تطلب الأذن من كل جنود المعتقل راجيََا أن يسمح لك أحدهم بعمل مكالمة لأبلاغ ذويك أو أصدقاءك.
لن تحصل على الطلب بسرعة وإن حصلت عليه لن يكون كحق بل كشفقة بعد توددك لهم لعدة ساعات وأيام والشعور بالذل التي تهتك بالجسد.
كل من يعتقل وخاصة الجنسية اليمنية سيكون مصيرهم الترحيل إلى بلدانهم دون مراعات ما تمر به اليمن من ويلات وصراعات ومجاعة في كل ربوع اليمن.

ما دمت أنك يمني، وتحمل الجنسية اليمنية فستظل الشكوك تلاحقك على أي أرض وتحت أي سماء.
ما دامت الحرب باقية في اليمن فستظل الإجراءات “الأمنية” ملازمة لك في كل الأماكن فأنت مصدر شك لكل دولة تزورها وستعاني الكثير.
سيتم إتخاذ كل الإجراءات القانونية والأمنية ضدك التي هي اساسََا وليدة، وسببها الحرب العبثية التي لم تضر الا المواطن اليمني المغلوب على أمره.

ستذهب لكي تطالب بالإقامة في بعض البلدان وبالتحديد البلدان العربية، ولكنك لن تحصل عليها بسهولة فبما انك يمني يتوجب عليك إنتظار الموافقة “الأمنية” أما بالقبول او الرفض وفي بعض الحالات قد تحول للمخابرات للتحقيق معك وقد يتم إبعادك من البلد حتى لو كان ذلك خطرََا على حياتك.

سيتم التحقيق معك لعدة ساعات وأنت تحت الضغط النفسي، والتساؤلات الذاتية مالذي يجري هنا ؟ ولماذا انا هنا ومالذي سيحدث لي؟ ووولخ..
تنظر إلى الضابط الموكل بالتحقيق معك وإلى يديه وهي تقلب أوراق هويتك( جواز السفر) بحثََا عن ثغرة لسؤال آخر يوجه لك وأما الأخرى فهي مشغولة تدون أقوالك بلا توقف.
كل هذا لأنك طلبت الإقامة لكي لا تكون مخالف ولا تتعرض للغرامات والعقوبات.
لا بأس فهذا حقهم القانوني والأمني كونك تريد الإقامة في بلدهم وعليك إحترامه ولكن كان عليهم مراعات ما تمر به اليمن من ويلات الحروب فوضع اليمن والشعب مأساوي للغاية.

كل اللوم على المسؤولون عن رعيتك، وعلى تجار الحروب الذين اشعلوا الصراعات في بلدنا، وجعلونا مصدر شكوك وتخوف في كل بلد وطأت به أقدامنا.
كتبت هذا المقال للتوضيح إلى اين اوصلتنا الحروب من معانات، وإجراءات تتخذ علينا لأننا يمنيين دون مراعات ما تمر به اليمن.

رسالتي إلى مواطنون البلدان التي ما زالت بلدانهم تنعم بالأمن والأمان بعيدََا عن عبث الحرب احفظوا بلدكم ولا تدخلونها في صراعات، وحروب انتم غنى عنها فنحن نعي ونعرف ما سيحدث لكم من ويلات، ستتمنون لو أن بلدكم يوجد به الأمان لكي لا يتخذ ضدكم اي اجراء أمني يشعرك بالوحشة، والضيق وأن لا مكان لك في هذه الأرض إلا أماكن المعانات، ومرافق التحقيقات والإجراءات الأمنية ضدك.

ما قلته ليس من وحي الخيال أو نقلََا عن أحد بل انا عشت ذلك.. بكل تفاصيله، المرة في الأيام التي قضيتها في السجن كما تحدثت مع كل من وجدتهم في المعتقل آنذاك وكلََا له رواية وحكاية محزنة.
الموقف الذي تعرضت له أشعرعني بالأسف لما حصل لي وما يحصل للكثير غيري من اليمنيين ومما يدور في بلدي من صراعات، وحروب أجبرتنا على الرحيل، والبحث عن وطن آمن نعيد به ترتيب أحلامنا، ونعيش به العيش الآمن المريح لكن للأسف ما زالت المعانات باقية رغم الخروج من اليمن.
ملعونة الحروب وتبََا لبشر ماتت بقلوبهم الإنسانية، والسلام والأمن لليمن ارضََا وإنسانََا.

Loading

By hanaa

رئيس مجلس إدارة جريدة الاوسط العالمية نيوز