بقلم د.مروة الليثي #دليلك للطمأنينة

في حياة الكثيرين، تتغير المشاعر والأفكار بشكل طبيعي، فنشعر أحيانًا بالسعادة والحماس، وأحيانًا بالحزن والكسل. لكن هناك من يعيش حالة مختلفة تمامًا، حيث تتقلب مشاعره بشكل حاد وغير متوقع، بين ارتفاع مفرط في الطاقة والنشاط، وانخفاض شديد يصل أحيانًا إلى الاكتئاب العميق. هذا هو اضطراب ثنائي القطب، أحد أكثر الاضطرابات النفسية تعقيدًا وتأثيرًا على حياة الإنسان اليومية.
يُعرف اضطراب ثنائي القطب بأنه اضطراب مزاجي شديد التأثير، يتميز بنوبات من الهوس أو فرط النشاط، تتبعها نوبات من الاكتئاب العميق. خلال نوبات الهوس، يشعر الشخص بطاقة غير طبيعية، ثقة مفرطة بالنفس، واندفاع نحو اتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر. بينما في نوبات الاكتئاب، قد يغرق الشخص في شعور باليأس، وفقدان الاهتمام بالأشياء التي كان يحبها، وأحيانًا أفكار سلبية عن الحياة أو الذات.
على الرغم من صعوبة التشخيص أحيانًا، إلا أن العلم اليوم يقدم طرق علاجية فعالة، تجمع بين الأدوية مثل المثبتات المزاجية، والعلاج النفسي والدعم الأسري. من أهم التحديات هو تقبل المرض والتعامل معه كحالة طبية تحتاج متابعة مستمرة، لا كعيب أو ضعف في الشخصية.
خبراء الصحة النفسية يؤكدون أن الدعم الاجتماعي يلعب دورًا حاسمًا في تحسين حياة المصابين. التواصل المفتوح مع العائلة والأصدقاء، وفهم طبيعة الاضطراب، يمكن أن يقلل من المخاطر ويساعد الشخص على إدارة تقلباته المزاجية بشكل أفضل.
وعلى الرغم من أن الحياة مع اضطراب ثنائي القطب قد تبدو صعبة، إلا أن العديد من الأشخاص يعيشون حياة ناجحة ومرضية عند اتباع العلاج بانتظام، والحفاظ على روتين يومي صحي، وممارسة الرياضة، والنوم المنتظم، وتقنيات التحكم في التوتر.
في النهاية، يبقى اضطراب ثنائي القطب أكثر من مجرد تقلب المزاج، إنه تحدٍ يومي يحتاج إلى وعي، دعم، وعلاج مستمر. ومهم جدًا أن نكسر وصمة الخجل حول الصحة النفسية، ونعرف أن طلب المساعدة ليس ضعفًا، بل خطوة نحو حياة أكثر توازنًا واستقرارًا.

“العقل أحيانًا يسافر بين القمم والوديان، لكن بالوعي والدعم، يمكننا أن نتعلم كيف نحافظ على توازننا وسط هذه الرحلة.”

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني