بقلـم: زكـريا كـرش

هل تعلم يا أبي ماذا أريد أن أكون في المستقبل؟ أريد أن أصبح لاعب كرة قدم محترفًا ومشهورًا.. هل ترى ذلك ممكنًا؟

حلمي الجميل إلى أين؟ أنك تركض بسرعة وأراك تبتعد عني وكأنك لا تهواني!
أن سرعتك فاقت سرعة كريستيانو رونالدو بعز شبابه و مراوغات ميسي في بلوغه!
هون عليك يا صغيري فالعمر يمض والكبر له أحكامه.

إلى متى ستظل أحلامي تنقرض وتموت يومََا بعد يوم؟ مكتوب لي أن أشاهد فقط لا غير، ذنبي الوحيد أنني ولدت في وطن يقصي الطفل من حقه وهو في بطن أمه!

حلمي ذهب أدراج الرياح وأبسط حقوقي معدومة.
في وطني نشاهد، ومحرم علينا الممارسة، نستمع وغير جائز لنا الكلام، نحُلم، ولكن صعب الوصول لأحلامنا رغم بساطتها.

أحلامنا صغيرة مقارنة بأحلامهم لكن ماذا عسانا أن نفعل ففي وطني الحلم جُرم، وتحقيقه صعب المنال.

ليت كان لك يا حلمي العنيد صلاحية إلى مالانهاية ♾️ لبقيت الاحقك حتى أنال منك لكن مع الأسف بعض الأحلام لها صلاحية إنتهاء تنتهي كل ما تقدم بنا العمر وأنت أحدهم يا حلمي العنيد!

قاومت، وكافحت تعثرت ونهضت من أجل تحقيق حُلمي الجميل ،لكن دون جدوى سعيت حتى كتب أمامي خطر ممنوع الاقتراب منه!!
هنا لم يكن لدي سوى أن أميل عن الهوى واكتفيت بمشاهدته.

من الجيد أن تعزم الرحيل عن موطنك إلى بلد بها الحقوق موجودة، ولكن الرحيل عن الوطن ليس بالأمر السهل فقد تتبخر الأحلام وأنت ما زلت تبحث عن وطن تستقر عليه لتحقيق بعض من أحلامك الصغيرة فمثلََا أنا تبخر حلمي الجميل فولا وانتهى !!
ستة أعوام وبلدي في حرب منها أربعة أعوام وأنا بعيد عنه أبحث عن ملاذ للهجرة آملَََا أن التقي بحلمي العنيد وأحققه.
ستة أعوام كانت كافية بإنهاء حلمي الجميل العنيد.
ستة أعوام أنهت حلم مداعبة تلك المستديرة كما كنت أتمنى وأحلم.
ستة أعوام دمرت حلمي الذي كنت ارسمه وأنا بعمر العاشرة ستة أعوام، وقبلها عدة سنين حطمت حلمي الصغير، وحطمت أحلام الكثير غيري.

لم أعد أستطيع مواصلة حلم مداعبة المستديرة فقد أنتهى وأنا أبحث عن وطن لكي أحقق عليه حلمي الجميل.!
لم يعد بإمكاني تحقيقه كما كنت أتمنى، ولكن بإمكاني مشاهدته فقط، ومداعبته كما يداعب العجوز حفيده فأنا كبرت، وفي قانون المستديرة لا يدخل المسنين الملاعب إلا للمشاهدة، والتشجيع أو لإلتقاط صورة تذكارية لعينة.

كم هو مؤلم عندما ترى غيرك يداعب معشوقتك أمام عينيك وأنت لا حول لك ولا قوة تعشقها بجنون ومحرم عليك مداعبتها لكنك مجبر على متابعتها رغم الألم.

أغمضوا أعينكم وتخيلوا الموقف معي لتعرفوا حجم الألم الذي أعيشه منذ أعوام تخيلوا رغم ذلك ما زلت أعشقها، ولم أستطع التخلي عن مناظرتها وعندما يقتلني الشوق لها اذهب وأداعبها سرََا وأعود للمنزل منهكََا حزينََا بقلبي خيبة وغصة لأنني لا أستطيع مداعبتها كالبقية، وكما كنت أحب.

نعم ما زالت لدي القوة للعب، والممارسة ولكن في مربع محجوب، ومنصة خالية من الجمهور بعيدََا عن الشهرة بالمختصر رياضة لحرق الدهون، والحفاظ على الصحة ليس أكثر. !!
رحل حلمي لكن برحيله جعلني قوي العزيمة والإرادة.
نعم ضاع، لكنني مؤمن ومتيقن بأنه ليس لي نصيب في تحقيقه، ويبقى الأمل في غيره لهذا سأكتفي بمشاهدته من بعيد.

حلمي لم يكن مستحيلًا، ولكن البيئة، والوطن الذي ولدت وترعرعت عليه ليس مناسب لتحقيق أي حلم فأحلام الكثير في وطني العيش بسلام ولقمة تسد جوعنا وإيجاد وظيفة وشراء للأبناء أقلامََا، وكراسة هذه هي أحلامنا الأساسية. !!!

ملعونة الحروب واسفاه على حلمي العنيد التي أبى أن يتحقق!

وداعََا حلمي العنيد فليس لي نصيب في تحقيقك ليس بيدي الآن إلا مشاهدة من استطاعوا الوصول إليك لم يكن بمقدوري الاقتراب منك يا حلمي الجميل ما أنا إلا عاشق حاول معانقتك لكن العشق في وطني جريمة!

وداعََا حلمي العنيد فقد فقدت الأمل في تحقيقك عندما اقتربت من المرآة وقمت بتسريح شعري فتفاجأت أن هناك شعيرات بيضاء بدأت بالظهور، وشعيرات سوداء اختفت، وبعضها ذبلت كـ الزهور، وتجاعيد على وجهي قد شكلت كـ السطور!
هنا عرفت أني كبرت عليك فلم يعد بإمكاني معانقتك، وتوجب علي صرف النظر عنك فالعمر مضى، وصار من الصعب لقياك!

لم انتبه أنني أضعت عمري وأنا أحاول الوصول إليك أيها العنيد، ولكن رغم هذا كله بقيت أعشقك بجنون!
مضى كثير من الزمن وأنا أبحث عن وطن فموطني غزته الحروب وهناك حلمي اندفن.

بلغوا تلك المستديرة أنني عشقتها حتى الثمالة رغم هروبها مني
قولوا عني مجنونها قولوا عني ما شئتم يكفي أني عاشق أحب بصدق فهي معشوقتي الأولى منذ نعومة أظافري.

إلى الجلد المدور “(كرة القدم) ” وإلى “حلمي العنيد” قد تكون الظروف فرقتنا ومن الصعب أن نلتقي لكن ثقوا أنني عملت جاهدًا للظفر بكما رغم صعوبة الوضع لقد كان الأمر خارج إرادتي وفوق طاقتي وثقوا أيضًا أنني سأبقى أعشقكما أبد الدهر وثقوا أيضََا وهذا الأهم أنني باقٍ ولن يكسرني عدم لقائي بكما كما كنت أريد فالحياة ماشية في كل الأحوال كانت معكم أو بدونكم رغم ذلك لن انساكم فأنا العاشق الوافي.

على الثلج وتحت قطرات المطر وفي النهار وكل ما حل الظلام سأبقى أداعبها فهي معشوقتي الأولى.

#ملاحظة:_ هذا المقال مجدد فقد كتب قبل التاريخ هذا بعدة أعوام.

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني