بقلم: أحمد زهران
انتشرت مؤخرا ظاهرة الطلاق المبكر.. عقب الزواج لشهور أو سنوات عده، وظهر شبح هذه الظاهرة بشكل واضح في سن الثلاثين من العمر.
اعتقد ان لهذا الأمر عدة أسباب يمكن ان نحصرها في عدة جوانب رئيسية بالحياة وهي النفسي.. والديني.. والإجتماعي.
وقد تكون هذه العلاقة اتسمت بمظاهر الحب والتفاهم في أولها.. لكن دائما ما تنضح النهايات بالعواقب الوخيمة.. فإذا نظرنا للأمر من الجانب النفسي نجد أن أغلب علماء الطب النفسي يشيرون الي الخلل المجتمعي في بناء أمهات الغد.. فالسواد الأعظم من الآباء والأمهات يقع بدوره في فخين.. قد يكونا بمثابة النفق المظلم لأبنائهم.. فالأول وهو اختيار كل شئ لابنائهم تبعا لرغباتهم واهوائهم الشخصية بداية من الرداء الي جميع التوجهات الحياتية والفكرية.. والذي يصيب الابن بعدم الاتزان في المستقبل.. والشعور الدائم بعدم الثقة بالنفس وافتقار دائم وابدا للآخرين عند اتخاذ قراراته المصيرية فضلا عن التذبذب الدائم في خياراته العادية بالحياة اليومية.. فضلا علي إلصاق وتعليق اغلب الخيارات والرغبات بالمستقبل.. والفخ الآخر وهو المهمة الانتحارية.. التي ينشدها الأهل دائما وابدا في أبنائهم سواء إن كان شاب او فتاه.. وهو الحث على الزواج حتى يرزقهم الله بمولود.. وكإن الله اختص البشرية فقط بالولادة والنسل دون غيرها من المخلوقات.. غافلين بين طيات التناسل.. تحقيق الذات وافادة المجتمع.. والتقدم بالشعوب.. وهذا على الأغلب يكون شائع في الإناث.. وبالطبع بعد الإنجاب تشعر الأم أن المهمة قد انتهت.. والبعض يفقدن الرغبة في الحياة.. وقد يصل الأمر مع البعض الآخر إلي التفكير في الانتحار.. ولما لا فقد انتهت المهمة المنشودة لاسيما أن الحياة أضحت على غير المتوقع تماما فقد ظلت الانثي تحلم بالحصول علي حريتها طول الوقت الذي الصقاها الأهل بالمستقبل..
غير أنها لا تجد غير القيود والمسؤليات التي تزيد وتتفاقم مع مرور الوقت.
أيضا الرجل يشعر دائما ان الزواج هو الملاذ الأوحد لبوابة الإستقرار.. وان هناك أنثي خلقت للأهتمام به وسوف تتوقف حياتها حتي تظل ساهرة علي راحته.. الا أن الحقيقه على غير ذلك فحين ينجب الطفل الاول يتوقف الاهتمام ويختفي الشغف ويتزعزع الاستقرار وتتحول الحياة لخلاف دائم ونزاعات مستمرة.
من الواضح أننا نحتاج أن نواجه أبنائنا بحقائق الأمور والتحديات التي ستواجههم في الحياة وان الحياه تحتاج للعناء والمثابرة وتحمل المسؤلية.. كي يصبح عندهم القدرة علي تحقيق اهدافهم والاستمرار بحياة سوية مهما كانت التحديات.
ومن الجانب الديني فهناك خطائين شائعين
يرتكبهما الآباء الأول التسيب التام تاركين كل الدين متمسكين فقط بإن الله غفور رحيم.. والبعض الآخر يذهب إلي أن الله شديد العقاب.. وبالطبع نهاية التسيب الانحلال والتشدد الانحراف.. ولا غني أبدا عن التيسير والوسطية في كل شئ.
اما عن الجانب الاجتماعي.. فهناك عدة أوجه على رأسها وسائل الإعلام والسوشيال ميديا والسينمات والمسارح التي بدورها يجب أن تشكل وعي المجتمع ثقافيا ووجدانيا.. و للاسف على العكس تماما فقد أصبح المجتمع الإعلامي والثقافي منسدل تماما خلف التجارب الغربية ومحاولة تعريبها
بحجة الإبداع والبحث عن الجديد والغير مألوف ومواكبة العصر والسير على مسار التوجه العالمي في الوقت الحالي.. بالطبع دون النظر اذا كان هذا الأمر يتفق مع مجتمعنا في عاداته وتقاليده وأفكاره.. والتي قد تسمم فكر جيلا بعد جيل دون أن يشعر أحد.. وهذا ما نراه اليوم في الفضائيات.. يعرض بالمسلسلات التركية والهندية وغيرها التي تتحدث عن العلاقات المحرمة والخلافات بين الأزواج التي قد تصل حد القتل والعنف الغير مبرر لا سيما انها تبرر لهم جرائمهم.. وتحولها لحالة من الضعف ونزوة قد تحدث لاي شخصا كان حتي يصبح الأمر مألوف ولا غبار عليه..
فإذا كانت الوسائل التي يجب ان تشكل الوعي المجتمعي.. هي من تشوه الوعي بحجة اللحاق بالسباق العالمي.. واذا كان الآباء هم السبب الرئيسي في الخلل التربوي الذي أصبح واقع نشاهده كل يوم.. وحين يفقد الدين سماحته، ويتناسي أنه المرجع الأصيل لبناء مجتمع سوي يسوده التسامح ورفعة الأخلاق.. فلا ضير أبدا من أن يلتهم شبح الطلاق والتفكك أبناء مجتمعنا في الثلاثين أو قبل الثلاثين.