كتبت : لمياء كرم
سطع في سماء قاهرة المعز نجم من نجوم الإسلام الزاهرة ، ألا وهو الجامع الأزهر الشريف، والذي أصبح فيما بعد نجم نجوم الإسلام والدعوة الإسلامية.
يعتبر المسجد ثاني أقدم جامعة قائمة بشكل مستمر في العالم بعد جامعة القرويين. ورغم أن جامع عمرو بن العاص في الفسطاط سبقه في وظيفة التدريس حيث كانت تعقد فيه حلقات الدرس تطوعاً وتبرعاً، إلا أن الجامع الأزهر يعد الأول في مصر في تأدية دور المدارس والمعاهد النظامية، فكانت دروسه تعطى بتكليف من الدولة ويؤجر عليها العلماء والمدرسين. وألقي أول درس فيه في صفر سنة 365هـ/975م على يد علي بن النعمان القاضي في فقه الشيعة، وفي سنة 378هـ/988م قررت مرتبات لفقهاء الجامع وأعدت داراً لسكناهم بجواره وكانت عدتهم خمسة وثلاثين رجلاً.
أصبح المسجد والجامعة الملحقة به شمس العلوم الإسلامية التي تنير العالم كله ، شعوبا ودولا، شمسا يمتد نور علمها من القاهرة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ليست هناك بقعة على الأرض إلا وفيها أحد أبناء الأزهر وكتابا من كتبه شمسا لا ينقطع عطاؤها، ربما يقل في بعض الأحيان ، وربما تحاول بعض سحب أن تغطيه ، لكن هيهات فشمس الأزهر والإسلام الحنيف أبدا لا تغيب.
وقد عرف الجامع الأزهر بأنه أهم مساجد مصر على الإطلاق، وأحد المعاقل التاريخية لنشر وتعليم الإسلام كذلك هو واحد من أشهر المساجد الأثرية في مصر والعالم الإسلامي. يعود تاريخ بنائه إلى بداية عهد الدولة الفاطمية في مصر، بعدما أتم جوهر الصقلي فتح مصر سنة 969م، وشرع في تأسيس القاهرة قام بإنشاء القصر الكبير وأعده لنزول الخليفة المعز لدين الله، وفي أثناء ذلك بدأ في إنشاء الجامع الأزهر ليصلي فيه الخليفة، وليكون مسجداً جامعاً للمدينة حديثة النشأة أسوة بجامع عمرو في الفسطاط وجامع ابن طولون في القطائع، كذلك أعد وقتها ليكون معهداً تعليمياً لتعليم المذهب الشيعي ونشره، فبدأ في بناؤه في جمادي الأول 359هـ/970م، وأتم بناءه وأقيمت أول جمعة فيه في رمضان سنة 361هـ /972م، وعرف بجامع القاهرة
لقد أنجب الأزهر في تاريخه قامات كبيرة؛ من بينهم شيخ الأزهر عبد المجيد سليم رحمه الله الذي عارض الملك فاروق وأنكر عليه مخلِّفا كلمته المشهورة «أتقتير هنا وإسراف هناك»، ومنهم الشيخ الإمام شيخ الأزهر محمد مصطفى المراغي رحمه الله الذي صاح في وجه الملك فاروق بأعلى صوته: «إنَّ المراغي لا يستطيع أن يُحرِّم ما أحل الله!»، ومن بينهم أسد المنابر الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله، والشيخ الشعراوي، والشيخ محمد الراوي، والأديب المنفلوطي، والشيخ عمر عبد الرحمن رحمه الله، والشيخ أحمد المحلاوي.
وقد لقي الجامع الأزهر إهتماما كبيرا من زعماء مصر وتم تجديدة أكثر من مرة في السنوات الستين الماضية تزامنا مع الإحتفال بألفية الأزهر عامي 1969 و1983 واخر مرة تم تجديد المسجد كان في عام 1998 في عهد الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك ، ونلاحظ ذلك من خلال النقوش المكتوبة على الباب الداخل إلى المحراب الرئيسي للمسجد .
وفي مارس 2018 إفتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي وفضيلة الأمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب أعمال أحدث عمليات ترميم الجامع الأزهر الشريف قلعة الإسلام الحصينة.
ويبقى جامع الأزهر قبلة طلاب العلم ومحط اهتمام الحكام والحكومات بدرجات مختلفة على قدر إداركهم لهذا الصرح التاريخي والعلمي العظيم.
ولا يزال الأزهر وجامعه مؤسسة لها تأثير عميق في المجتمع المصري ورمزاً من رموز مصر الإسلامية، والمصدر الأكثر ثقة لتلقي العلوم الشرعية على مستوى العالم، حيث يفد إليه طلاب العلم من أكثر من مائة وأربعين دولة.