لكن للمفارقة أن شبكة (إن بي سي) الأمريكية نقلت عن مسئولين أمريكيين، لم تكشف عن هويتهم، أن هذا الممر البحري سيصبح جاهزا للعمل بكامل طاقته خلال 60 يوما، في الوقت الذي ترتفع فيه حصيلة موتى الجوع في القطاع بشكل شبه يومي.
وأوضح المسئولون، أنه سيشمل بناء ميناء عائم ورصيف بحري في غزة.
وأشاروا إلى أن الجيش الأمريكي سيتكفل بمعظم عمليات بناء هذا الممر الذي أعلن عنه الرئيس جو بايدن في خطابه عن حالة الاتحاد فجر الجمعة.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاجون)، إنها تأمل في نهاية المطاف تقديم مليوني وجبة غذائية يوميا لمواطني غزة.
وأضافت أن العمل مع الشركاء على تفاصيل الميناء المؤقت سيشمل إسرائيل عند تناول الجانب الأمني.
• وزارة الدفاع الأمريكية: من المحتمل أن يتطلب إنشاء هذا الميناء نحو 1000 جندي أمريكي
وبينما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، أنه من المحتمل أن يتطلب إنشاء هذا الميناء نحو ألف جندي أمريكي، أكدت أنه لن تكون هناك قوات أمريكية على الأرض في غزة، موضحة أن التخطيط والتنفيذ الخاص سيستغرق عدة أسابيع، وكأنه على المدنيين الفلسطينيين أن يتحملوا الجوع خلال هذه الفترة.
ونظرا لأن هذه الخطة تعطي تل أبيب مجالا زمنيا للاستمرار في الحرب، حظي الطرح الأمريكي بترحيب من جانب وزارة الخارجية الإسرائيلية التي اعتبرت في بيان أنه سيسمح بزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة بعد إجراء فحص أمني وفقا للمعايير الإسرائيلية.
وأضاف البيان: “ستواصل إسرائيل تسهيل نقل المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة، وفقا لقوانين الحرب وبالتنسيق مع الولايات المتحدة وحلفائنا في العالم.. ومن المهم للغاية أن تنضم المزيد من الدول إلى الجهود الدولية لنقل المساعدات”.
ويأتي هذا بينما رأى موقع واللا العبري، أن خطاب بايدن “يشكل نقطة تحول في موقف الولايات المتحدة من الحرب”.
• المفوضية الأوروبية: إيصال المساعدات الإنسانية بشكل مباشر إلى غزة عن طريق البحر أمر معقد
وفي غضون ذلك، أصدرت المفوضية الأوروبية وقبرص ودولة الإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا واليونان وإيطاليا وهولندا بيانا مشتركا بشأن تفعيل الممر البحري، ألقى الضوء على خطورة الوضع الإنساني في قطاع غزة، ووصفه بالمأساوي في ضوء حاجة العائلات الفلسطينية والأطفال الأبرياء الماسة إلى الاحتياجات الأساسية.
وأقرت تلك الدول بأن “إيصال المساعدات الإنسانية بشكل مباشر إلى غزة عن طريق البحر أمر معقد، وتلتزم دولنا بتقييم الجهود وتعزيزها لضمان إيصال المساعدات بأكبر فاعلية ممكنة، حيث يمكن لهذا الممر البحري، بل ويجب، أن يكون جزءا من الجهود المستمرة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية والسلع التجارية إلى غزة عبر الطرق المتاحة كافة”.
وشدد البيان، على أن حماية أرواح المدنيين مكون أساسي في القانون الإنساني الدولي ويجب احترامه كما يجب علينا جميعا السعي لضمان وصول المساعدات إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها.
وركزت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، على ردود الفعل على خطة بايدن، مشيرة إلى أن حتى أكثر المرحبين بها تساورهم الشكوك في مدى فعاليتها فما بالك بمعارضيها.
وأضافت الصحيفة، أن هؤلاء المعارضين يرون فيها “المزيد من الأدلة على إحجام الإدارة (الأمريكية) عن مواجهة إسرائيل بسبب عرقلتها إيصال مساعدات الإغاثة، أو استخدام النفوذ الاستثنائي للولايات المتحدة باعتبارها الداعم العسكري الرئيسي لإسرائيل للتخفيف من العواقب الأكثر كارثية للحرب”.
ونقلت واشنطن بوست عن سيجريد كاج، كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، ترحيبها بالخطة التي جاءت بعد أيام من انضمام الولايات المتحدة إلى مجموعة الدول التي تسقط المساعدات جوا على القطاع، إلا أن المسؤولة الأممية.
أضافت: “في الوقت نفسه، لا يسعني إلا أن أكرر أن الجو والبحر ليسا بديلا عن البر”.
وفي السياق ذاته، استشهدت الصحيفة الأمريكية بمنشور لوزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، الجمعة على موقع إكس للتواصل الاجتماعي قال فيه: “نواصل حث إسرائيل على السماح لمزيد من الشاحنات بالدخول إلى غزة باعتبارها أسرع وسيلة لإيصال المساعدات إلى من يحتاجون إليها”.
وقال بدر السيف أستاذ التاريخ في جامعة الكويت، إن إنشاء ممر بحري لتجاوز الطرق الأسهل لتوصيل المساعدات”ليس سوى أحدث عنصر في الاستجابة السياسية المحيرة من قبل إدارة بايدن.
وأضاف: “إن ذلك يبعث بإشارة سيئة للغاية بشأن القيادة الأمريكية.. إنه يعزز ما يعتقده العديد من العرب أن إسرائيل هي التي تقود العرض، والولايات المتحدة تتبعها”، حسبما نقلت واشنطن بوست.
• لجنة الإنقاذ الدولية: يجب على أميركا أن تستخدم نفوذها لضمان رفع إسرائيل حصارها عن غزة
ومن جهتها، قالت لجنة الإنقاذ الدولية في بيان: “إنشاء رصيف مؤقت قد يستغرق أسابيع لبنائه أو عمليات إنزال جوي ليس حلا.. يجب على الولايات المتحدة أن تستخدم نفوذها لضمان قيام إسرائيل برفع حصارها عن غزة، وإعادة فتح معابرها، بما في ذلك معبرا كارني وإيرز في الشمال، والسماح بالحركة الآمنة ودون عوائق للعاملين في المجال الإنساني والمساعدات، بما في ذلك الوقود والغذاء والإمدادات الطبية”.
• محللون: الخطوة الأمريكية تأخرت كثيرا
ويرى محللون، أن الخطوة الأمريكية تأخرت كثيرا وكان يجب اتخاذها أمس وليس بعد عدة أسابيع.
ويعتقد كثيرون، أن فتور الرغبة الأمريكية في وقف إطلاق النار في ظل تمسك إسرائيل بالمضي قدما في حربها حتى “تحقيق كل الأهداف” يظهر مدى تماهي الموقفين الأمريكي والإسرائيلي بشأن ما يجري في غزة، وأن واشنطن لو كانت جادة في مسعاها لألزمت تل أبيب بوقف الحرب، وضعا في الاعتبار أن الولايات المتحدة هي الداعم الأقوى والأبرز لإسرائيل ومزودها الرئيسي بالسلاح اللازم لاستمرار القتال، بعيدا عما يتداول في وسائل الإعلام عن خلافات بين الإدارتين.