مروة الليثي#دليلك للطمأنينة

في مدينة عرفت دوماً بالهدوء والبحر والنسيم، استيقظت الإسكندرية على حادث مأساوي هزّ وجدان الناس جميعاً.
مهندس في مقتبل العمر، متخصص في الكيمياء النووية، يُقتل على يد صديقه المقرب — بسبع رصاصات أنهت حياة واعدة، وتركت خلفها أسئلة مؤلمة عن معنى الصداقة، والغضب، والسلاح الذي لا يرحم.
تفاصيل الواقعة: صداقة انتهت على فوهة سلاح
في منطقة كرموز بالإسكندرية، دوت طلقات نارية متتالية لتُعلن عن جريمة لم تكن في حسبان أحد.
الضحية، مهندس يبلغ من العمر نحو خمسة وثلاثين عاماً، كان يسير برفقة صديقه، قبل أن ينقلب المشهد في لحظة إلى مأساة حين أخرج الأخير سلاحاً نارياً وأطلق عليه سبع رصاصات متتالية، ليسقط غارقاً في دمائه، بينما فرّ القاتل هارباً.
لم تستغرق الأجهزة الأمنية وقتاً طويلاً حتى تمكنت من القبض على الجاني، وتبدأ التحقيقات لمعرفة أسباب ودوافع هذه الجريمة البشعة التي أودت بحياة شاب متفوق ومحبوب بين زملائه.
رسائل توعية من قلب الحادث
هذه الجريمة ليست مجرد واقعة فردية، بل هي جرس إنذار يدق بقوة ليذكرنا بخطورة الغضب غير المضبوط، والسلاح غير المرخص، وضعف الوعي النفسي في التعامل مع الخلافات.
أولاً: الغضب لحظة.. والندم عمر
كم من لحظة غضب دمرت حياة أشخاص وأسر بأكملها!
من المهم أن نتعلم إدارة الغضب، وأن نعي أن الانسحاب من الموقف لا يعني الضعف، بل هو وعي ونضج.
حين تشعر أن الحديث سيتحول إلى شجار، انسحب، تنفّس، وارجع لاحقًا بعد أن تهدأ الأعصاب.
ولا عيب أبداً في طلب المساعدة النفسية؛ الطبيب النفسي ليس للمرضى فقط، بل لكل من يحتاج إلى احتواء وضبط انفعالاته قبل أن ينفجر الخطأ في لحظة لا عودة منها.
ثانياً: السلاح ليس حلاً بل نهاية
حمل السلاح خارج نطاق القانون ليس شجاعة، بل خطر قاتل.
وجود السلاح في لحظة غضب يجعل الموت قراراً سهلاً وسريعاً.
لابد أن يكون هناك وعي مجتمعي مشترك بأن السلاح لا يرد كرامة ولا يحل نزاعاً، بل يخلق سلسلة من الأحزان والمآسي.
ثالثاً: راقب من تحب
قد لا ندرك أحياناً أن أحد أصدقائنا يعيش أزمة نفسية أو يغلي داخلياً من الغضب أو الإحباط.
العلامات واضحة لمن يلاحظ: عزلة مفاجئة، نظرة غاضبة للحياة، شعور دائم بالظلم.
حين تلاحظ تلك الإشارات، اقترب، اسأل، وادعم. كلمة واحدة قد تُنقذ حياة.
خاتمة: لأننا جميعاً مسؤولون
حادث الإسكندرية ليس مجرد قصة في صفحة الحوادث، بل دعوة لأن نعيد التفكير في علاقتنا بأنفسنا وبالآخرين.
علينا أن نزرع ثقافة الحوار بدلاً من السلاح، وأن نعلّم أبناءنا أن الرجولة في ضبط النفس، لا في إطلاق النار.
إن الحياة أغلى من لحظة غضب، والرصاصة التي تُطلق لا تعود.
فلنحمِ صداقاتنا وأرواحنا بالعقل والرحمة، قبل أن تصبح المآسي عنواناً متكرراً في صفحاتنا.

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني