بقلم / مختار القاضى
تبدأ حرب أكتوبــر المجيدة بيــــوم 6أكتــــوبر 1973- الســــاعة 14:00عصرا فلقد كانت قبل ذلك بكثير. كانت الحـــرب بالنســبة للمهندسين العسكريين هى لحظة ترقب للأتقضاض على العدو فى الوقت المناسب. فلقد تم تدريب أفراد المهندسين على مهارات العمل بتميز شديد و تحقيق الهدف اللذى باتوا يحلمون به كهدف استراتيجى لنصرعسكرى :
* تم تجنيدى قبل الحرب كبــارى بســــلاح المهندسين العسكريين بتاريخ 19/6/1973 اللواء 109 كبارى وكنا وقتها نرقد بمعداتنا فى منطــــقة هادئة على ضفاف النيل تسمى عين الصيرة قريبة من حلوان وكنا دائما التدريب على ضفاف النيل لانها قريبة ” جنوب الجيزة وشهدت هذه المنطقة قمة تدريباتنا العسكريـة على الكبارى فى هدوء يشوبه الحذر .لاحظت فى هذه الفترة نوع من الأســترخاء فقد أخذنا أجازاتنا و ضباط يذهبون للعمرة كما تقول الصحف وتــسريح لعدد من الجنود بالجـــيش وكأن الجــيش فى طريقة للتهدئة والأسترخاء . . كان تسليح سلاح المهندسين بعد حرب 67 من الكبارى الثقيلة السوفيتية من طرازTTB لعبور الدبابات والمعــدات الثقيلة وكـــبارى خفيفة من طراز LBBلعــــبورالمركبات الخفـــيفة وكان كلا النـوعين من الأنواع القديمة التى يستغرق تركيبها خمس ساعات ولم يقدم الروس لمصر كبارى حديثة مما يتم تركيبها فى ساعة ونصف الساعة الا مؤخرا وبكميات لاتكفى وحسب تصريحات عايزرا وايزمان رئيس الأركان الأسرائيلى : ” أن مصر تحتاج الى معدات سلاح المهندسين الروسى والأمريكى معا لتســتطيع عبور المانع المائى لقناة السويس ” . وكان بمخازن سلاح المهندســين بعض من الكبارى الانجليزية الصنع من طراز PELY بيلى والتى سبق الأستيلاء عليــها بقناة السويس عقب العدوان الثلاثى على مصر وكان تركيبـــها يـحتاج 24 ساعة لذلك لاتصلح تكنيكيا لعملية العبور بالقـــناة وعلى ماتم من دراســــات مستفيضة لأستكمال احتياجات سلاح المهندسين من كبارى ومعدات للعـــبور والتى ابرزتها نتائج الخطة 200 فى اعادة بناء القوات المسلحة قام ســلاح المهندسين بتحويل الكبارى البيلى الأنجـــليزية الثقيلة الى كبـــارى اقتحام لا يستـغرق تركـــيبها بضع ساعات قلائل لذلك كان تســليح الكبارى للمهندسين 1/3 صناعة انجليزى و1/3 صناعة روسى و1/3 صناعة مصرى قامت به شركات مع المصانع الحربيـــة المصريـــة بكل بما تم من ادخال تعديلات فنية وهندســية على ماهو متوافر وما استحدث . وتم عمــــل تصميم لمعديات متحركة بواســـطة الدفع باللانشات ولحمـــولة الدبابات والمعدات الثقيلة ووضع فى الأعتبار أن تعمل هذه المعديات بين الشــــاطئين الشرقى والغربى للقناة بعد اتمام فتح الثغرات بالساتر الترابى وقبل سـاعتين من الأنتهاء من انشاء الكبارى . كما أن المـــــعديات تستخدم كوسيلة تبادلية لمرونة حركتها ذهابا وايابا مع تفادى الهـــجوم الجوى للعدو على الكبـارى ومحاور العبور . ولقد كان من نصيب كتيبتنا بامكاناتها أن تتدرب على أنشاء كوبرى خفيف 55 طن و عدد 9 معديات ثقيلة حمولة 50 طن (36 برطوم + 18 لانش ميكانيكي ) منهم 3 صناعة روسى و3صناعة مصرية و3صناعة انجليزى والى ذلك الوقت تعتبر الكتيبة الثالثة احتياطى اللواء بسراياها الثلاث .
* لاحظت بعض التغييرات التى تطرأ كل يوم على الوحدة فقد بدأ استكمال النواقص من المهمات وتغيير نظام خدمة الحراسة الليلية بدلا من ساعتين للجندى استبدل الى خدمة مزدوجة كل 6ساعات تم عمل مشروعات مشتركة بين السرايا لأنشاء الكوبـــرى الثقيل ومسابقـــات بين الفصائل لعمل المعديات فى أقل وقت وبأقل عدد من الأفراد وتم عمل مشروع مشترك مع وحدات المدرعات لتحميل ونقل الدبابات.وحضور بيان عملى لأزالة الساتر الترابى ممثلين جو المعركة وعملية انشاء معدية تتطلب تجميع (8؛12 برطوم) بمهارة هندسية وبتفاهمات بين الأفراد وبامكانات وجهد عضلى كبير وحركة الجنود على سطح المعدية بحســـابات لاحداث توازنات على ســـطح المياه وكانت التحديات التى تواجه المهندسين ما يلى :
– تغير اتجاهات التيار المائى بقناة السويس 4 مرات واختلاف المد والجــــزر .
– مشاكل اسقاط مهمات العبور(البراطيم) فى الشاطىء الغربى مع وجود رصيف بارتفاع يصل من متر الى مترين عن سطح الماء
– الأنحدار للساتر الرملى بالغرب بزاوية 60درجة وبارتفاع يقارب 20 مترامع اختلاف تربة الساترلخط بارليف من منطقة لأخرى مابين رمــال وطــفلة وطـــينية.
– تصميم وتنفيذ أرصفة ترسية مبتكرة للشاطىء الشرقى وتم تصميمه وتنفيذه وهو يتكون من دعامتين من زوايا الحديد توضعان على يمين ويسار محور الكوبرى أو المعدية ويصل بينهما مجموعة ألواح خشبية يتم التحــــكم فيــها حسب الأرتفاع المطلوب الوصــول اليه بحـــيث تكون المعدية طافية وعنــد نزول الدبابة ترتكز مقدمة المعدية على هذا الرصيف والدعامتين مشدودون بوايرات صلب قوية مثــــبته بأوتاد بالأرض ويتـــم الردم خلف الرصـــيف للوصول لمستوى الطريق المطلوب المرور عليه .
أثناء العمليات الحربية . أعطى قائد الكتيبة المقدم/ محمدعبد المنعم صيام تمام للقياده باستكمال تدريب الوحدة واستعدادها القتالى وتغير مسمى الكتيبة الى الكتيبة 3 اقتحام ثقيل احتياطى اللواء. تم استدعاء بعض الضباط من أجازاتــهم وكانت الأوامـــرباعداد الســـرية الثــــالثة للتحرك تجاه الجبهة فى منطقة سرابيوم قرب الأســــماعيلية ، وكان على أن أقــــوم بتجهيز الأفراد والمعدات وفى اليوم التالى تم سحب البراطيم من النــــيل وتحميلها على عربات الكتيبة 41 كبارى وكان يخصنى حوالى 28 عربــة وكان جرد المكونات فى غاية من الدقة وأن أى انتقاص أو اصلاح فى المعدات كان يتم توفيره على الفور وكنت مبتـــهجا لأكتمال عتــــاد للسرية وكانت جميع العربات مغطاه بشباك التمويه ولا نعرف الوجهة التى سنتجه اليها سوى اننا نتبع التعليمات و الدليل من الشرطة العسكرية وبمتابعة من ادارة المهندسين العسكريين التى تفقدت الترتيبات التى تمت وتحركنا مع آخر ضوء يوم 22/9/1973 وعند منطقة الهايكستب على حدود القاهرة انضم الينا عدد آخر من الوحدات بعرباتها وأصبح قــول العربات حوالى 96 عربة محملة بمعدات العبور ونسير بسرعة بطيئه فى اتجاه الأسماعيلية ، وبدأ الضباب ينزل علـينا واحتجبت الرؤية تماما وعــلى الطــــريق كان هناك تصادمات ووقفـــات واعطـــال للسيارات والشرطة العسكرية تحـــيط بالقول وسرب السيارات وتعمـل على تنظيم السيروالأخلاء وكانت المشقة فى الســـير كبـيرة مع صعوبة الرؤيــــــة فى الظلام والضباب الكثيف ،وتطلعت الى الموكب وأنا مترجل على الطريق الصحراوى فى احدى الوقفات كان المنظر مهيبا لم أشهد مثله الا فى أفلام السينما و مع بزوغ الفجر وصلنا الى أول قفزة جهزت لنا فى الصحراء وهى على بعد 60 كيلومتر من الأسماعيلية ودخلت العربات الى حفر وملاجىء وحصون أعدت من قبل وتم وضع الشباك عليها ووجدت أن مــــدير سلاح المهندسين اللــواء مهندس / جمال محمد على يمر بنفسة ليتأكد من عمليــــة الأخفاء والتمـــويه وكذا أفراد الشرطة العسكرية كانوا ينشطون بشكل غير عادى .وبدا لى كأننا سنستقر هنا….وعند الظـــهيرة طلب منى أن اختار سيـارتين لرجوعهما الى الوحدة بطموه واختلطت الصورة عندما وجدت عددا آخر من سيارات الوحدات الأخرى ولم أعرف لماذا ؟ فيما بعد عرفت انها من ضمن أساليب الخداع العسكرى والتمويه .فى الساعة السادسة من مساء يوم 23 /9 تحركنا مرة أخرى صوب الأسماعيلية فى قفزة جديــــدة وعلى مسافة تبعد 20 كيلومترا من جنوب الأسماعيلية وكان يطلق عليها ( أ – 2) وكانت مشقة كبيرة فى الامداد والتموين وتضاعف العمل والجهد فى اخفاء المعدات والعربات وتغطيتها بالشباك ومع الوقفات بدأت تظهر بعض الأحتياجات المطلوبة من المــؤخرة وبدأ الضباط والجنــود المتغـيبون والأجازات يتوافــدون الى الموقع الجديـــــد وفى كل يـــــوم يتم تجميع المتطلبـات ويكلف أحد الضباط بأحضارها وكنت انا مكلف باحضار بلدوزر محمل على جراروبعض المهمات يوم 1 أكتوبرمن المؤخرة وفى طريق نزولى للمهمة طلب منى المرور على الفرقــــــة 4 مدرعات وتسليم مكاتبات لرئيس غرفة العمليات ، وحينما دخلت الى وحـــدات الفرقة الرابعة مدرعات التى ترابض على حدود القاهرة شمالا وجنوبا لم أشهد فى حياتى هذا الكــــم من المدرعات والدبابات والمدفعية وتوغلت الى عمق 14 كيلو بين هذه الآلــيات لأصل الى غرفة العمليات . فى يوم 3 أكتوبر وحتى ذلك اليوم ونحن نعتــــقد بأن كل ما نقوم به هومشروع تعبوى سينتهى فى أى لحظة . فى العاشرة صباحا اجتمع بنا قائد الكتيبة مع قادة السرايا والضباط كل على حده . – فى صباح يوم 3 أكـــتوبر سلمنا قائد الكــــتيبة أمر القتــــال وأقسمنا اليمين وسلم لكل ضابط مصحفا وتلى علينــــا المهام القـــتالية وهى ” أمر قتال الى السرية الثالثة من الكتيبة الثالثة اقتحام ثقيل تقوم السرية بضباطها وجنودها ومعداتها بانشاء عدد 18 برطوم ث حمولة 55 طن فى المعبر رقم 2 وتقوم السرية بدفع 2/1فصيلة الى الشاطىء الشرقى بما هو موضح فى الخريطة العسكرية رقم .. ولتنفيذ رصيف ترسية (رأس كوبرى تبادلى) وتنفيذ ثغرة بالســاتر الترابى شرق القناة بالتعاون مع أفراد فصيلة المياه مهندسين وجماعة طرق وكبارى الملحقين ويكون قائد المعبر على الضفة الغربية للقناة الرائد / سمير تادرس وقائد المعبرعلى الضفة الشرقية للقناة نقيب محمد عبد العظيم .الله …..الوطن …بالأمر وتم معرفتنا بالخرائط ومحاور العبور ورسم الأستطلاع لقطاعات المحور على الجانبين .وتحدث معنا القائد عن فتوى الأزهر فى امكانية افطار المقاتل فى رمضان….الآن..فقط أدركت أننا سندخل الحرب …الآن فقط حانت لحـــــظة القصاص ..والأنقضاض على العدو…….
– تم توقيعى على خارطة أمــر القتال وقمنا بالأستـطلاع لمحور العبور على الطبيعة بالقناة وتحركاتنا تــتم فى صمت شديد وفى يوم 4 اكتـــوبر اجتمعت السرية وترك لى حرية اختيار12 جـــندى سيرافقوننى الى الضفـــة الغربيـة وتفقدت السرية لاختيار أفضل العناصر كنت أركز على الجنود اللذين يجيدون السباحة ولياقتهم البدنيـــة عالية ولديهم القدرة على الأستــجابة السريعة وكان كلما مررت أمامهم كان هناك جندى يستجدينى لآضمه الى المجموعة اسمه جاد وهو ضخم الجسم ولأصراره ورغبته اخترته رغم علمى بمحدودية تفكيره وأحسست بأنه سيكون له دور
– تحركت بالجنود حاملا السلاح والذخيرة وطعام 3أيام قتالى ومعدات رصيف الترسية والأدوات وأكياس خالية شكائر وجهاز لاسلكى محمول على الكتف R105 وكشاف اضاءة كبير وانتقلت بالمجموعة الى منطقـــة الجنـاين وتبعد عن القناة 4كــيلومتر وتركتنا السـيارة الزيل التى أقلتنا وبالقرب من المكان كانت هناك برمائية مجـــنزرة بقيادة ملازم أول /عاطـــف وهو المكلف بنقلــنا الى الضفة الغربية ونمت بها فى هذه الليلة
– فى يوم 5أكتوبر كنا فى استرخاء تام واستــــعرض مع الجنــــود خطوات العمل وتكليفات لكل فرد فيهم وتوقيتات العمل و الأوامرعندى لبداية التحرك تجاه القناة سيكون (س- 5) وسنصل الى القنـــاة (س+20) ومطـــلوب منا انجاز المهمة فى سعت (س+4.20) ..و س هى ساعة الصفر التى ننتظرها وكنت استمع الى الراديو ولا أسمع أى دلائل تشير على شىء يــــذكر وعلق ملازم اول عاطف قائلا : بعد لحظات يقـولون لنا بأن المشـروع انتهى وعودوا الى وحداتكم !!..واستراح الجنود فى هذا الـيوم .
– يوم 6 أكتوبر استيقظنا مبكرين ،أعدت على مسامع الجنود مهامهم وناقشتهم.
– فى الظهيرة الساعة الواحدة وفجأه ظهر لنا ضابط مخابرات مترجل برتبة رائد عرفنى بنفسه و نادانى باسمى وذكر لى أن ساعة الصفرهى الثانية ظهرا .وناولنى ورقة صغيرة وبت أسمـع من حــولى بالحدائق أصوات قرقــــعة المدفعية والأسلحة وحركة الجنود اللتى لم نكن نشعر بوجودهم .
– فى الساعة الثانية الا خمس دقائق بدأنا فى التحرك بالبرمائية المجنزرة ومرت فوق رؤســـنا طائراتنا المقاتلة منخفضة تكاد تلامس الأرض وصوتها يشق عنان السماء وعلت تكبيراتنا ودب الحماس الى قلوبنـــا وبتنا نتعجل الوصول الى الهدف وبدا لنا بأن الطريق طويلا..طويلا ..الى القناة واســــرعنا الخـــطى وماهى الا لحظات الا وكان هدير المدافع يصم الآذان.
* كانت افواج القوات من المشاه والمهندسين وغيرهم تتجة بالآلاف الى القنــــاة فى جو من الخيال وهـــم يتبادلون التهنئة والتلويح بالأيادى وكلمة (الله أكبر) وكـــانت أفـــراد الأخفاء والتموية يطلقون ســـحابات من الدخـــان اللذى يضعف الرؤية فكان المشاهد لهذه الملحمة كأنه يرى ملائكة من السماء تزف أطياف هؤلاء الجنود وتدفع بهم وتحملهم الى شرف الجهاد وكانت نسمات اكتــــوبراللطيفة تهب علينا و تقبل وجوهنا وتبارك زحفـــــنا المقدس وتدفع بقـــوارب العبــــور المحملة بالجنود جهة خــط بارليف وكنت أرى آلاف من جـراكن المياه العذبة تنتشر على طول الشاطىء وكأننا فى رحلة حج الى الأراضى المقدسة .حملنا البرمائية المجموعه ومجـــموعة اخرى أفراد ازالة ألغـــام وحينما استقر بنا الوصول الى المحور وجدت هناك أفراد ســرية المياه وخمس قوارب بخمس مضخات مائية وضابط المجموعة . وأنزلوا كل المــعدات من البرمائية ولم يجدوا على الرصيف موقع قدم نستطيع الوقوف عليه فتسلقنا وزرعنـــا أدواتنا بالرمال وكانت المشكلة فى هيكل الدعائم الحديدية لأجـــناب رأس الجســـر ففضل رئيس السريه أن يسقطها فى مكان تثبيتها الى حين تثبيته وبـــعد أن وضــــعنا الألواح الخشبية على الساتر انزلقت مع الرمال الى مـــياه القناة و طولها سبعــــة امتار فكلفت الجـــندى/ حمدى محمود اللذى يتقــن السبـــاحة بالسيطرة عليها وهى طافية على سطح الماء .
* التفت للتنسيق مع ضابط سرية المــياه وقمنا بتحديد حـــدود العمل على السـاتر الرملى بعرض 15 متر بأشـــرطة مثبتة بشوك حديد وانطلقت قذائف المياه بقوة شـــديدة ولاحظت تدفق الرمـال الى رأس الجــسر مما سيعيق عمــل المجموعه فى تثـــبيت المرسى وطالب قائد السرية من جنوده اعداد أكبر كمية من شكائر الرمال وقمنا برصها كحائط على طــول حـافة الرصيف بمسافة 20 متر وبارتفاع حوالى المتر فصارت الرمال المتدفقة مع الماء تتجه يمينا ويسارا عن مكان رأس الجسر وحينما تترسب الرمال فى المجرى يعمل الجنود على تطـهيره بقاذف المياه وكان حل وقتى للمشكلة التى ظهرت وكان الجنود من سرية المياه مثبــتين أقدامهم بالرمال وتفاديا للفرد من أن يطير فى الهواء اذا ما اخـتل توازنه .عملت المجموعه على تثبــيت أجناب رأس الكـــوبرى بالحجــارة وأكياس الرمال وعلى المستويات التى تتيــح للمعدية أو الكوبرى الترسية الصحيحة وكان لا بد من تثبيت هذه الأجنـــاب بالوايرات الحديدية ووتدين يزن الواحد 120 كيلو جـرام . عمل جـــنديان بوضع شكائر رمل وصـــعدعليها الجندى/ جاد من اسيوط الضخم البنيـــان ليحــــمل (المرزبه) وهى المطرقة الحديدية وليتمكن من أن ينهال على الوتــد بكل قوته ليخترق الوتد السطح المتماسك وأكمل الطرق عليه فغاص في الأرض بعمق يقـــارب أكثر من متر وشدت الأوتار عليه كأفضل مايكون. قارب أفراد المياه على الأنتهاء من عملهم وأعطى ضابطهم الأمر بالتوقف فارتمى الجنود بأجسادهم وملابسهم المبللة على ســـطح الرمال يتنفســـون الصعداء وفتـــحت أمامنا طاقة النـــصر المبين والتفتنا الى الجندى حمدى اللذى كان ما يزال بالمياه شبه عارى يناور ويحــاور للحفاظ على ألواح الخشب الطافية على سطح القناة واستكمل الجنود العمــل ووضعـت الألواح الخشبية على مستووين ومهد بادىء الرصيف ووضـــعت الشـــكائر الرملية لتــدعيم أجناب الجسر وحمايته وأحضرنا صخورا من خلف الساتر الرملى لنسقطها تحت رأس الكوبرى حتى تأكدنا من ثباته وراعينا أن يكون عمق المياه بعد انشاء الرصيف لايقل عن 90 سم كغاطس للمعدية والرصيف داخل المياه حوالى 3 أمتار . تم ازالة حوالى 150 الف متر مكعب من الرمال لفتح الثغرة وبعمق حوالى 100 متر داخل سينــــاء وتمت الملحمة فى أقل من ساعتين تحـــت قصف وغطاء مدفعى وصاروخى كبير.

أمســــك العريف احمد حامد بالاسلكى لأبلغ التمام ووجدت لايلتقط الأشارات وكان اتفاقه مع الرائد/ مرتضى أن يعطى له اشارات ضوئية بالكشاف الميدانى كبديل للجهاز ووقفــت أنا وزملائى الابطال صفا متلاصقين وأعطينا الأشــــارة فى اتجاه الغرب وانتظرنا النتيجة فجائنى الرد بمثلها ومضات ضوئيه خافــته ومتعاقبة فقفز الجنـــود يحتضنون بعضـــهم فرحين مهنئون وكررنا الأشارة مرة أخرى وماهى الا لحظات حتى شاهدنا ظلال المعدية قادمة تتجه الينا تحت ضربات المدافع محملة ببلدوزرضخم نزل على الفور ليسوى المــــمر ويمهد الطريق الى سيناء وقــــام الجنود من بعده بفرش الحصائر الحديـدية وكانت التربة ثابتــــة فى هذا المحور ولم تؤثـــر فيه كمية المياه المتدفقة وبعد لحظات شاهدت قائد الكتيبة المقدم / حسين شاور ومعه رئيس عمليات الكتيبة واقفين على اللانش الميكانيكى أمامى ويقـفزون على الرصيف ويحتضننى قائلا : (مبروك يارجالة ) ووقف رئيس العمليات مزهوا يقفز ويثب على الرصيف يدق بقدميه يختبر متانته بتلقائية وفــرح وودعانى الى معـــبر آخر وركعت ساجدا حمـــدا لله على رصيف رأس الكوبرى والمعديات رقم 2 للسرية الثالثة كبارى اقتحام ثقيل واللذى بدأ العمل باستقبال معديتين ذهابا وايابا وتدفقت الدبابات ترسم طريقا للنصر وشهد المعبر طوال الحرب ملاحم وقصصا لبطولات كثيرة …وأيقنت بأن القائد الحق لاينجح الا وهو وسط جنوده ورجاله .
مقاتل / محمد السيد حجازى

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني