بقلم : مريم همام
مريم همام: من الألم إلى الأمل… ومن المحنة إلى منارة للوعي والرحمة*
لم تكن رحلة مريم همام عادية، ولم تكن محطاتها سهلة، بل كانت رحلة صبر مرير، وعزيمة لا تلين، وإيمان عميق بأن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه، ولكنه لا يتركه أبدًا وحيدًا في ظلمات المحنة.
لقد مرت مريم بمراحل في حياتها جعلتها أقوى نفسيا وإيمانيًا، هيا بنا نتعرف على مراحل حياة مريم.
المرحلة الأولى: التعب والصراع المجهول
بدأت قصة مريم في صمت غامض، مع آلام لا يعرف أحد سببها، أعراض مبعثرة تنهك الجسد وتُربك الأطباء. كانت المرحلة الأولى مليئة بالأسئلة التي بلا إجابات، وبالليل الذي بلا نهار. ومع كل يوم كان الألم يتضاعف، ويشتد حتى أصبح يهدد الحياة نفسها. ولكن مريم كانت قوية، لم تستسلم، كانت تقاوم رغم الجهل بما يجري داخل جسدها.
المرحلة الثانية: التشخيص والصدمة
وأخيرًا جاء التشخيص: مرض “الذئبة الحمراء” – أحد أمراض المناعة الذاتية، مرض نادر وخطير، يهاجم فيه الجهاز المناعي أعضاء الجسم بدلًا من حمايته. كان الخبر صادمًا، لكنه كان أيضًا بداية طريق جديد؛ على الأقل أصبح للمعركة اسم.
المرحلة الثالثة: الانتكاسة والرعاية الحرجة
ثم جاءت الضربة الأشد: انتكاسة صحية عنيفة، أُدخلت مريم على إثرها إلى العناية المركزة بالقصر العيني، وظلت هناك ثلاثة أشهر كاملة، بين الحياة والموت. لم تكن أيامًا عادية، بل كانت كأنها معركة حياة، اجتازتها مريم بالإيمان والثبات، حتى خرجت منها وهي أكثر وعيًا وأشد إرادة وقوة وعزيمة وصبرا.
ولادة القدوة والرغبة في نفع نفسها والناس : قررت مريم أن لا تكون وحدها
خرجت مريم من المستشفى وهي تعرف أن الله أبقاها لرسالة، وأن نجاتها لم تكن فقط لأجلها، بل من أجل كل مريض يئن دون أن يجد من يفهمه أو يرشده. وهنا تحولت المحنة إلى منصة للرسالة، وبدأت المرحلة الأعظم في حياتها: مرحلة التأثير.
أسست أول مبادرة في مصر والعالم العربي للتوعية بأمراض المناعة الذاتية، وعلى رأسها الذئبة الحمراء، وأنشأت منصات ومواقع إلكترونية وقنوات توعوية، بدأت تُجيب من خلالها على استفسارات المرضى، وتشارك تجربتها، وتقدم النصيحة والمعلومة، وتُعطي من وقتها وجهدها خالصًا لوجه الله.
عشرات؟ لا.. بل مئات يوميًا!
مريم لا تتلقى فقط بعض الرسائل، بل عشرات ومئات الاستفسارات يوميًا، من مرضى محبطين، وأهالٍ قلقين، وفتيات لا يعرفون كيف يبدأن الطريق. ولا ترد برسائل آلية، بل بتفاعل إنساني حقيقي، فيه دفء التجربة، وصدق النصيحة، وصبر الناصح الآمين
—
حلم مريم الأكبر
الحلم الأكبر: مستشفى متخصصة
ورغم كل ما حققته، لم تتوقف مريم عند حدود التوعية. بل تحلم ببناء مستشفى متخصصة لأمراض المناعة الذاتية، تُمكّن المرضى من الحصول على التشخيص المبكر، والعلاج المناسب، والدعم النفسي والاجتماعي. حلم يبدو كبيرًا، لكنه مع هذه العزيمة الصادقة، وبهذا الإصرار النبيل، ليس مستحيلاً.
—
رسالة لمن يظن أن الحياة توقفت
قصة مريم ليست فقط قصة مرض. إنها قصة إنسانية عظيمة تُذكّرنا بأننا يمكن أن نصنع من الألم أملًا، ومن الوجع رسالة، ومن السقوط طريقًا للسمو. وأن القدوة ليست فقط في الكلام، بل في الفعل المستمر، والعطاء الهادئ، والعمل الصامت الذي يغيّر واقعًا ويزرع بذور الرجاء في قلوب الآخرين.
—
كل التحية والدعم لمريم همام
لكِ يا مريم، كل الفخر والدعاء، لأنكِ لم تكوني فقط مريضة تتعافى، بل كنتِ طوق نجاة لكل من ظن أن المرض نهاية، فإذا بك تُثبتين أنه بداية لرسالة خالدة.
لكِ التحية على كل استشارة، وكل كلمة طيبة، وكل دقيقة من وقتك وهبتها لغيرك.
هكذا تكون القدوة.
وهكذا يُصنع التغيير.
وهكذا يُكتب المجد لمن صدق مع الله ومع الناس.