كتب: محمد عصام

 

قررت المحكمة الاقتصادية استمرار فرض التدابير التحفظية على أصول الشركة المتحدة للصيادلة، إحدى كبرى شركات توزيع الأدوية في مصر، مع استمرار الإشراف القضائي الكامل على أعمالها، وذلك في ظل أزمة مالية طاحنة تواجه الشركة منذ أكثر من عام.

 

وجاء القرار في جلسة حديثة للمحكمة، بعد مراجعة مستندات مقدّمة من الشركة ضمن خطة إعادة الهيكلة وفقًا لقانون تنظيم الإفلاس رقم 11 لسنة 2018، والذي يهدف إلى تمكين الشركات المتعثرة من استعادة نشاطها أو تصفية ديونها بشكل منظم تحت رقابة قضائية.

 

ديون بملياري جنيه… ودعاوى إفلاس منظورة

 

تواجه “المتحدة للصيادلة” ديونًا تتجاوز ملياري جنيه لصالح عدد من شركات الأدوية والمستلزمات الطبية. وقد تقدّمت بعض هذه الشركات بدعاوى رسمية أمام المحكمة الاقتصادية تطالب بإشهار إفلاس الشركة بعد تعثرها في السداد، وسط ترقب واسع في قطاع الصيدلة والمستحضرات الطبية لمصير هذه القضية المؤثرة على سلسلة الإمداد الدوائي في البلاد.

 

وفي جلسات سابقة، كانت المحكمة قد طالبت بتقديم تقارير مالية مفصلة من الشركة، وأرجأت البتّ في طلب الإفلاس لحين استكمال المستندات والتحقيقات اللازمة، وسط جدل حول قدرة الشركة على تنفيذ خطة إنقاذ مالية فعلية.

 

جهود تسوية وتحركات استثمارية

 

رغم الأزمة، بدأت بعض الشركات الدائنة – ومن أبرزها شركة العربية للأدوية – في التحصيل الجزئي للديون. إذ جرى جدولة مبلغ 28.8 مليون جنيه على ستة أشهر، تم سداد أول دفعتين منه في مارس وأبريل الماضيين، ما يعطي مؤشرًا أوليًا على محاولة “المتحدة” إعادة ترتيب التزاماتها.

 

كما كشفت مصادر مطلعة عن وجود مفاوضات مع مستثمر عماني مهتم بالاستحواذ على حصة من الشركة، في محاولة لضخ سيولة جديدة ضمن سيناريوهات الإنقاذ المالي. وفي الوقت ذاته، تتواصل مباحثات مع شركة “تمر” السعودية للاستحواذ على 30% من أسهم الشركة مقابل 35 مليون دولار، وذلك بالشراكة مع المساهم الأمريكي الذي يمتلك نحو 50% من الحصة الحالية.

 

خلفية عن الشركة

 

تُعد “المتحدة للصيادلة”، التي تأسست عام 1996، من أكبر موزعي الأدوية في مصر. تخدم أكثر من 20 ألف صيدلية ومستشفى، وتوزّع ما يزيد عن 12,500 صنف دوائي و4,500 منتج للعناية الشخصية، عبر شبكة تضم أكثر من 69 مركز توزيع منتشرة في مختلف أنحاء الجمهورية.

 

معاناة الموظفين تتفاقم وسط الأزمة

 

وبالتوازي مع التحديات المالية والإجراءات القضائية التي تمر بها الشركة، يشكو عدد من موظفي “المتحدة للصيادلة” من أوضاع عمل صعبة خلال الفترة الأخيرة. حيث أكدت مصادر من داخل الشركة وجود تأخر في صرف بعض المستحقات، إلى جانب تجميد الزيادات السنوية في الرواتب منذ بدء الأزمة، ما أثر بشكل مباشر على الأوضاع المعيشية للموظفين.

 

كما أشار بعض العاملين إلى وجود خصومات شهرية متكررة من الرواتب، دون توضيح رسمي للأسباب، وهو ما تسبب في حالة من الغضب والتوتر داخل بيئة العمل، وسط غياب واضح للتواصل الداخلي أو الشفافية من جانب الإدارة بشأن مستقبل العاملين أو السياسات المالية المُتبعة.

 

مصير مجهول… والقطاع يترقّب

 

حتى الآن، لا تزال المحكمة الاقتصادية تتابع أعمال الشركة عن كثب، وسط إشراف مباشر من خبير مالي مُعيّن لمراجعة الخطة المقدمة لإعادة الهيكلة، ومراقبة تنفيذ بنودها بدقة.

 

ويترقب القطاع الصحي والدوائي تطورات القضية التي قد تحدد مستقبل واحدة من أبرز شركات التوزيع الدوائي في مصر، في وقت يشهد فيه السوق اضطرابات تتعلّق بتوافر الأدوية وسلاسل الإمداد.

Loading

By محمد عصام

محرر صحفي في جريدة الاوسط العالمية نيوز