كتب _ عبدالرحمن شاهين

حذر قادة النقابات المهنية والعمالية، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من أنه سيواجه “أم المعارك” بسبب محاولته إصلاح نظام التقاعد الذي يسمح للعمال والموظفين بالتقاعد عن عمر 62 عامًا.

وكان ماكرون قد أعلن خلال ترشحه لولاية رئاسية ثانية أنه يعتزم رفع سن التقاعد إلى سن الرابعة والستين، وهو الأمر الذي سوف تكشف عنه الحكومة الفرنسية اليوم الثلاثاء على الأرجح.

وبحسب صحيفة “التايمز” اللندنية، فقد شجب اليسار هذا القرار المرتقب ووصفه بأنه “قاسٍ” وغير مقبول من قبل النقابيين، الذين يهددون بإيقاف البلاد وشلها بالإضرابات والاحتجاجات في محاولة لإجبار رئيس البلاد على العودة عن هذا الأمر.

وحذر رئيس نقابة “القوة العاملة”، فريديريك سويو، المعارض لهذا الإصلاح على غرار كل المنظمات النقابية والمعارضة السياسية باستثناء اليمين، من أنه “إذا كان إيمانويل ماكرون يريد جعل ذلك أم إصلاحاته، فإن ذلك سوف يكون بالنسبة إلينا أم المعارك”.

وشهدت فرنسا منذ نحو 30 عاماً سلسلة إصلاحات كبرى لأنظمة التقاعد لديها للاستجابة لتقدم سن الشعب والتدهور المالي في خزينتها، وفي كل مرة يعلن فيها عن تمديد سن العمل، تنظم حركات اجتماعية في بلد تعتبر فيه نسبة توظيف كبار السن متدنية بشكل خاص.

وتأتي مبادرة ماكرون في أعقاب نشر تقرير رسمي في الخريف أظهر أن الإنفاق السنوي على معاشات التقاعد الحكومية سيتجاوز مساهمات الموظفين وأرباب العمل على مدى العقود الخمسة المقبلة، ما سوف يضيف مئات المليارات من اليوروات إلى الدين الوطني، الذي وصل إلى حافة 2.9 تريليون يورو.

وأشار تقرير مجلس التوجيه للتقاعد إلى أن فرنسا كان لديها 2.1 عامل لكل متقاعد في العام 2000، بيد أن هذه النسبة أضحت 1.7 عاملاً في العام 2020.

وبحلول العام 2070، حيث من المتوقع أن يكون متوسط العمر 90 عامًا للنساء و 87 عامًا وستة أشهر للرجال، فسوف يكون لدى فرنسا 1.2 عامل فقط لكل متقاعد ما لم يوافق الفرنسيون على رفع سن التقاعد.

وفي رسالته عشية رأس السنة الجديدة، قال ماكرون إن نظام التقاعد الحكومي معرض لخطر الانهيار وبالتالي يجب التكاتف والعمل على تفادي حدوث هذا الأمر.

ومع ذلك فإن محاولات إصلاح نظام التقاعد لا تحظى بشعبية كبيرة، إذ سبق لماكرون أن حاول تنفيذ إصلاح مماثل في العام 2019 خلال فترة ولايته الأولى، لكن ذلك أثار أسابيع من الاحتجاجات والإضرابات في القطاع العام قبل التخلي عن الخطة، خاصة مع تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.

ويقول المراقبون إن البلاد أصبحت أكثر اضطراباً الآن، مع أزمة تكلفة المعيشة التي تأكل ميزانيات الأسرة، في حين يواجه النظام الصحي الوطني صعوبات تسببت في قلق واسع النطاق.

و أظهر استطلاع للرأي نُشر الأسبوع الماضي أن 68 في المائة من الفرنسيين عارضوا رفع سن التقاعد حتى سن 64 عاما.

وفي هذا الصدد، قال جان باتريك جالون، البالغ من العمر 32 عاما، الذي يعمل في مجال التقنية، إن الحق في التقاعد في سن معقولة كان “خصوصية فرنسية، علينا الاحتفاظ بها”.

وأعرب عن قلقه من أن فرنسا “تتراجع” عن خصوصيتها باتباعها خطى المملكة المتحدة، حيث تريد الحكومة البريطانية تحديد سن التقاعد عند 68 عاما، مضيفًا أنه “إذا مضى ماكرون قدمًا في إصلاحاته، فسوف أنضم إلى الاحتجاجات”.

وحتى رجال الأعمال، الذين يشكلون حجر الأساس لدعم ماكرون، قلقون من رفع سن التقاعد، وهنا يقول رئيس شركة أدوية يدعى، ديفيد فان أكير (44 عامًا)، إن الإصلاح “جرى تفسيره بشكل سيئ” وكان توقيته غير مناسب لأنه جاء”بعد وباء كوفيد مباشرةً وفي خضم أزمة اقتصادية”.

وأضاف: “هذا رأيي ليس فقط كرئيس لشركة ولكن أيضًا كمواطن سيجد نفسه مرة أخرى مضطرًا لتحمل عواقب الإضراب الذي سيؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي الصعب بالفعل”.

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني