بقلم: مظهر شاهين

حينما أقول: “أزهري وأفتخر”، فأنا لا أردد شعارًا أجوف، ولا أتباهى بلقب،

 

بل أعبّر عن انتماءٍ عميقٍ لمؤسسةٍ حملت مشعل العلم والدين لأكثر من ألف عام.

 

انتماءٍ لمكانٍ لم يكن مجرد جامعة، بل كان ولا يزال منبعَ الوسطية،

 

حصنَ الإسلام، ودرعَ الأمة في وجه الغلو والانحراف.

 

الأزهر الشريف صانع التاريخ

الأزهر الشريف لم يكن يومًا شاهدًا على التاريخ فحسب، بل صانعه؛

 

فقد خرّج أئمةً وعلماءَ ومصلحين، حملوا فكرَ الإسلام السمح،

 

نشروا علمه وعدله في مشارق الأرض ومغاربها، وأسهموا في حفظ هوية الأمة في زمن التحديات والانقسامات.

 

أن تكون أزهريًا، فذلك يعني أنك تتلقى علمك من منابعَ نقية، تجمع بين علوم الدين وعلوم اللغة والعقل،

 

تتشرب منهج الاعتدال، فتزن الأمور بميزان الحكمة لا بميزان الانفعال، وتفهم الدين على أنه رسالة إصلاح لا ساحة صراع.

 

الأزهر صانع الإنسان المنفتح

الأزهر لا يصنع العلماء فحسب، بل يصنع الإنسان المتوازن: الواعيَ بقضايا وطنه، المتصلَ بتراثه،

 

المنفتحَ على عصره، القادرَ على الجمع بين الأصالة والتجديد، بين الثوابت والمستجدات، بين الرحمة والحزم.

 

لقد ظل الأزهر ـ رغم كل التحديات والعواصف ـ صوتَ العقل حين يعلو الصراخ،

 

صوتَ الرحمة حين يشتد العنف، وصوتَ الوحدة حين تتشظى الأمة.

 

وقف على ثغور الفكر، يذود عن الإسلام بسلاح العلم، ويصدّ الشبهات بسكينة المنهج، وينشر دعوته بالحكمة والموعظة الحسنة.

 

الدين ليس خصومة

أنا أزهري، وأفخر، لأنني تعلمت أن الدين ليس خصومة، ولا الفتوى سلاحًا يُشهر، ولا الاختلاف مدعاةً للعداء.

 

تعلمت أن الإسلام لا يُفرض بالقهر، بل يُقنع بالحجة، وأن الفقيه لا يُفتي إلا إذا علم، ولا يتكلم إلا بعلمٍ موصولٍ بسندٍ نقيٍ راسخ.

 

“أزهري وأفتخر” ليست صيحةَ تعصب، بل نداءَ مسؤولية، ودعوةً لكل طالب علمٍ أن يسير على درب الأزهر: علمًا، وخلقًا، واعتدالًا، ووسطيةً.

 

دعوةٌ أن نكون كما أرادنا الله: “شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ”، قائمين بالحق، عاملين بالعلم، لا منساقين خلف غوغاء الفكر ولا غوائل الجهل.

 

الأزهر منارة للحفاظ على الأمة

فليعلم من لا يعلم… أن الأزهر كان وسيبقى المنارةَ التي تهدي، والصخرةَ التي تتحطم عليها موجات التطرف،

 

والحصنَ الذي يحفظ الدين من التزييف، والأمةَ من الضياع.

 

ولهذا، وبكل فخرٍ ووعيٍ ومسؤولية، أقولها بملء القلب والعقل والضمير:

 

“أنا أزهري… وأفتخر”

حفظ الله أزهرنا الشريف، وحفظ إمامنا الأكبر. 

Loading

By hanaa

رئيس مجلس إدارة جريدة الاوسط العالمية نيوز