قَرُبَ إنصرامُ الخريف
هبت رياحٌ غَسولٌ
هزّت في عنفٍ فَرعاً
يعتزُّ بجنس ذكورته
في حقلٍ للعشب مخنّث
سقطت أوراقٌ يابسةٌ
كانت تثقل أكتاف الفَرعِ
جائت ريحٌ شَهَوِيَة
ريحٌ جائعةٌ عمياء
ركبتها الأوراق سعيدة
تاهت تحملها الريح
تلقيها في أرضٍ مفترسة
تبلعها ، تدهسها ، تَذْروها
كرماد الأفران الشعبيّة
فتدركُ تلك الأوراقُ
أنها فقدت سُمعتَها
قيمتَها و كرامَتَها
حين انخلعت من شجرتِها
فتعود لتنظُرَ موطنَها
فإذا الأفرعَ قد غسلتها
قطراتُ ندى النسيان
ربيعٌ من مهدِ الوجدِ أتى
دعَّمَ ثورةَ أوراقٍ أخرى
نَبْتَاتٌ خضراءٌ صرخت
صرخةَ مولودٍ مستبشِر
كلُ الأفرعِ تتراقصُ
في ثوبِ زفافٍ أخضر
تزهو الشجرةُ في خُيلاءٍ
يزدحمُ الضوءُ المبهر
و بقايا الورق اليابس
تُواري الدمعَ الندمانَ
مكان إقامتها تراه
الأن قد استُعمر
فقدته بكل إرادتها
تركته حزيناً مجروحاً
مُراهِنةً أنه لن يثمر
لن يحيا بدونها لن يُزْهِر
خانتها خَلَجاتُ النفسِ
لم تنظر لربيع آتي
ولِدَ و شَبَّ و كَبّرْ
و أقامَ صلاةَ الطُهْر
بضياءِ الفَجرِ توضئ
و بنور الصبح تعطّر
منح الشجرة نوراً
و أماناً للورقِ الأخضر
دموعُ الورقِ اليابس كَذِبٌ
هو من حَطَّ العُذر ليهجُر
هو من سقط بكل إرادة
ظنَّ الفَرعَ خِنَاقاً
قَرَّر أن يتحرر
ضوءُ الحبِ إذا ما ماتَ
ظلامُ الهجرِ سَيَسْعَرْ
#شحاته_على_ابودرب