✒️زكريا كرش
– أيش تشتي يا أمه؟
– أشتي أشوفك قبل ما أموت، يا زكريا.
– لا تقولي كذا… ربي يطوّل بعمركِ، وبإذن الله أشوفكِ قريبًا.
أوعدكِ، أول ما تطلع لي الإقامة، أسافر ونلتقي بمكة، وهناك تشوفيني وأشوفك.
ثم ماذا؟
ماتت أمي… ولم أحقق لها أمنيتها الوحيدة: أن تراني.
ماتت أمي… وبموتها فقدت أحد أحلامي الكبيرة: رؤيتها من جديد.
رحلت أمي، وهي تئنّ من ألمها…
لعلّ في رحيلها خيرًا ورحمةً لها.
لا اعتراض على قضاء الله،
لكنني سأبكيها، وبين دموعي سأدعوه:
اللهم ارحمها، وتغمّدها بواسع رحمتك،
واجعل قبرها روضةً من رياض الجنة،
وأسكنها دارًا خيرًا من دارها،
وأهلًا خيرًا من أهلها.
تسعة أعوام منذ أن افترقنا…
تسعة أعوام وأنا أمني النفس بلقائها،
ربما اليوم… ربما غدًا…
لكن الموت كان أقرب إليها مني.
كنت عاجزًا تمامًا،
لا حول لي ولا قوة.
لا حضن وداع، ولا قبلة أخيرة، فقط رؤيتها عن بُعد وهي تتجهّز للرحيل إلى مثواها الأخير…
هل هذا كافٍ؟
لا أظن.
لكنها مشيئة الله.
إلى أمي الحبيبة:
سامحيني، لأنني لم أستطع الوفاء بوعدي،
لكن ثقي أنني فعلت كل ما بوسعي لأراكِ،
غير أن الظروف، والأقدار، كانت أقوى مني…
وحالت بيني وبينك.
الواقع يقول إنكِ متِ…
لكن الحقيقة؟
أنا الذي مت.
أما أنتِ… فأنتِ الآن في علّيين،
حيث لا وجع، ولا ألم، ولا خذلان.
ارتاحي الآن يا أمي،
فأنتِ في ضيافة من هو أرحم منّا جميعًا.
أما نحن، فبقينا عاجزين أمام وجعك،
طوال تلك الشهور التي عانيتِ فيها.
إلى أمي الحبيبة:
كوني بخير، حيث أنتِ،
والسلام عليكِ ما تعاقب الليل والنهار.
إلى كل من فقد أمّه…
هل تجاوزتم ألم الفقد؟
اصدقوني القول…
فأنا أراه صعبًا، بل مستحيلًا.
رعدٌ وبرقٌ في السماء،
والأمطارُ أغرقتْ مدينتي.
الناسُ ظنّوها من السماء،
لكنها كانتْ أدمُعي.
فلا تلوموني على ما جرى،
فبالأمسِ فقدتُ عزيزتي.
#وداعًا… يا حبيبة قلبي،
وداعًا… يا نور عيني.
رثاء في أمي “والية الأحمدي” التي وافتها المنية في 6 شوال 1446 الموافق 4 أبريل 2025