تريليون جنيه قيمة الأصول حتى 2018.. و 759 مليار جنيه إجمالى الأطيان الزراعية

 

أثار توجيه رئيس مجلس الوزراء لوزارة الأوقاف بإجراء حصر شامل لأملاكها تمهيدا لطرحها على القطاع الخاص، الكثير من الجدل الممزوج بالغضب فى الشارع المصرى، خاصة وأن معظم هذه الأملاك خاصة ولا تملكها الوزارة وإنما تديرها فقط.
وأكد خبراء اقتصاديون وقانونيون، أن الحكومة لا يحق لها التصرف فى أملاك الأوقاف بالبيع للقطاع الخاص أو غيره، وإنما من الممكن التعاون فى إدارتها من خلال شركات متخصصة لتعظيم العائد منها وزيادة إيراداتها.
ومؤخرا وجه الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، الدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف بضرورة إجراء حصر شامل ومُميكن لجميع أملاك هيئة الأوقاف، على أن يشمل مختلف الأراضى والمبانى السكنية والتجارية وغيرها.
ووجّه بضرورة حصر الفرص الاستثمارية المتاحة من قبل هيئة الأوقاف ودراستها، تمهيدًا لطرحها على القطاع الخاص من أجل الشراكة، بهدف تعزيز كفاءة الإدارة والتشغيل لمختلف هذه الفرص.
وأكد مدبولى، أن أى مشروع تنفذه الهيئة بالشراكة مع القطاع الخاص سيحظى بالدعم الكامل من جانب الحكومة.
وكشف أن إيرادات هيئة الأوقاف تبلغ نحو ثلاثة مليارات جنيه سنويًا، ومن خلال إدارة أفضل لهذه الأملاك يمكن مضاعفة هذه القيمة بشكل أكبر، وبالتالى تنفق المخصصات للغرض الأساسى الذى أنشئ الوقف الخيرى من أجله.
ووفقا لتصريحات سابقة لرئيس هيئة الأوقاف السابق، سيد محروس، فى عام 2018، خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، فإن اجمالى أملاك الهيئة تبلغ تريليون و37 مليارا و370 مليونا و78 ألف جنيه، وذلك فى الحصر الذى تم لأول مرة لأملاك هيئة الأوقاف.
وأوضح وقتها أن قيمة الأطيان الزراعية للهيئة تبلغ 759 مليارا و181 مليون جنيه، وهناك أطلس خاص بأراضى الأوقاف، وبلغت مساحة الأملاك «مبانى وعقارات» نحو 7 ملايين و391 مترا مسطحا بقيمة 136 مليارا و824 مليونا و95 ألف جنيه وقتها، بينما بلغت مساحة الأرض الفضاء المملوكة للأوقاف 9 ملايين و714 ألف متر بقيمة 141 مليارا و364 مليون جنيه.
وفى هذا الصدد، قالت الدكتورة عالية المهدى، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق، إن الحكومة لا تملك أملاك الأوقاف وإنما هى مؤتمنة على إدارتها وليس بيعها أو التصرف فيها

.
وأضافت «المهدى» أنه إذا لم تكن الحكومة قادرة على إدارة الأوقاف فيجب عليها إعادتها لأصحابها، مشيرة إلى أنه من حق الحكومة إجراء حصر لأملاك الأوقاف لكنها لا تستطيع البيع، لأنها أملاك خاصة وليست عامة.
وأوضحت عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق، أن الوقف يوقفه فرد أو أسرة لهدف محدد، ثم يمنحوا إدارة هذا الوقف للدولة، وبالتالى فإذا كانت الدولة لا تستطيع إدارة هذا الوقف، فعليها إعادته إلى أسرة صاحب الوقف أو أحفاده، مشيرة إلى أن الاستغلال الأمثل للأوقاف لابد أن يتناسب مع الغرض الذى قرره أصحابه عند وقف هذه الأصول.
وتابعت، «لا يحق للحكومة بيع الأوقاف لأنها لا تملكها، لكنها من الممكن أن تستعين بشركات متخصصة فى الإدارة من أجل إدارتها مقابل نسبة معينة من الإيرادات ولتكن 10 أو 15%، لكنها تظل فى النهاية للغرض الذى أوقفت من أجله، ومهارة هذه الشركات تتمثل فى تعظيم العائد من الأوقاف والحصول على نسبة مقابل هذه الإدارة».
مخاوف
وقال الدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادى، إن مسألة أملاك الأوقاف لها شقين، الأول أن يكون لدى الحكومة أصول وتريد استثمارها وزيادة عوائدها وتنميتها واستغلالها بشكل أمثل، وبالتالى تقوم بإجراء حصر لها بشفافية كاملة، وهو شق إيجابى وجيد.
أما الشق الثانى فهو وجود عدة تخوفات من هذا الحصر أبرزها التجربة السابقة فى استثمار أموال المعاشات فى عهد وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى، والتى تم إهدارها، ولازالت الحكومة تسددها للتأمينات منذ 20 عاما ولم تنته حتى الآن.

وتابع، «هناك الكثير من الوعود التى قدمتها الحكومة ورئيس مجلس الوزراء ولم تنفذ سواء لأسباب داخلية أو خارجية، وهناك حالة من عدم الثقة الكاملة فى جدية استثمار هذه الأموال، والتخوف من استغلال القطاع الخاص للاستفادة منها، وليس لاستفادة أصحابها، لكن فى النهاية نحن فى حاجة بالفعل إلى حصر أملاك الأوقاف وتقدير فعلى لحجمها والعمل على استغلالها بشكل أمثل».
وأشار «الإدريسى» إلى أنه قبل كل ذلك لابد أن يكون واضح للجميع من هو صاحب قرار الاستثمار وكيف سيتصرف فى هذه الأموال، وما العائد المتوقع منها بالشكل الذى يحافظ على هذه الأملاك.
وأوضح الخبير الاقتصادى، أن الحكومة هى المنوط بإدارة أى أملاك تديرها أحد مؤسساتها ووزارة الأوقاف تتبع الحكومة، وبالتالى يمكنها التصرف فى هذه الأملاك بطرحها على القطاع الخاص من خلال مشروعات شراكة وليس بيع، تضمن مكاسب للدولة بنظام حق الانتفاع بحيث تعود للدولة بعد انتهاء مدة الانتفاع سواء 25 سنة أو غيره.
ولفت إلى أن العائد من طرح هذه المشروعات يتوقف على اختيار الأصول التى يمكن طرحها ولمن سيتم طرحها وكيف سيتم الطرح وغيرها من التفاصيل.
وأشار «الإدريسى» إلى أن أراضى الأوقاف فقط تقدر بمليارات الجنيهات، بالإضافة إلى التعديات عليها التى إذا نظرت الحكومة إليها وقامت بحل هذه النزاعات القانونية وعمل تصالح مع المتعدين، فإنها تستطيع جمع مليارات الجنيهات فى فترة زمنية قصيرة.
لا يجوز
فيما قال السفير محمد مرسى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن أملاك الأوقاف هى ممتلكات أوقفها أصحابها لأوجه البر والخير ولا يجوز تغيير إرادة واقفيها أو الالتفاف عليها لتوجيه ريع هذه الأوقاف فى غير الغرض المحدد لها.

وأضاف «مرسى»: «بالتالى فلا تملك الحكومة حق التصرف فى هذه الممتلكات مهما أصدرت من قوانين وتشريعات ولوائح، وأية قوانين تفتئت على حق واقفى هذه الممتلكات فى تحديد الغرض من استخدامها تخالف الشرع والدين».
وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق، إلى أنه قد نتفهم أن يكون هدف الحصر هو تصحيح المخالفات القائمة ووضع ضوابط لحسن توظيف هذه الأموال والممتلكات وتعظيم العائد منها، ومن هنا فقط يمكن طرح بعض هذه الممتلكات لفكرة الإدارة أو التأجير لفترة زمنية لا تتجاوز العشرين أو الخمسة والعشرين عامًا فقط وبضوابط محددة وواضحة وشفافة.
وتابع، «أما غير ذلك فهو توجه وقرار خاطئ وظالم وفيه إهدار للثروات ولشريعة الله فيها مهما أصدرت الدولة من قوانين ولوائح».
وتساءل «مرسى» عن سر رئاسة وإدارة رجل دين لهذه الثروات الضخمة التى يجب أن يتولى مسئوليتها الكاملة خبراء فى الإدارة والاقتصاد، ولا بأس فى أن تكون رئاستها الدينية فقط لوزير الأوقاف ذى الخلفية الدينية.
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن بيع ممتلكات الدولة مسألة غاية فى التعقيد والخطورة والحساسية ونتعامل معها بكثير من القلق والشك فى أحيان كثيرة، فما بالنا بممتلكات الأوقاف التى هى فى الأساس ملكية فردية لم يهبها أصحابها للحكومة أو الدولة بل لأعمال الخير؟.
إدارة فقط
وقال الدكتور أحمد القرمانى، المحامى أستاذ القانون الجنائى، إن وزارة الأوقاف هى المنوط بها إدارة الأصول الموقوفة، وبالتالى من حق الحكومة قانونا طرح هذه الأصول على القطاع الخاص للمشاركة فى إدارتها وليس بيعها كما يروج البعض.
وأضاف القرمانى، أن نسبة كبيرة من أملاك الأوقاف منهوبة وبها فساد كبير، وبالتالى فتطويرها وتنميتها فى صالحها وليس العكس، على أن يكون الطرح للإدارة فقط وليس البيع.
وأوضح أستاذ القانون، أن أملاك الأوقاف ثروة عقارية واستثمارية هائلة، تاريخيًا واقتصاديًا، تحمل فى طياتها قيمة دينية واجتماعية كبرى، وإدارة وحصر هذه الأملاك بالشراكة مع القطاع الخاص ليست مجرد خيار بل أصبحت ضرورة ملحة فى ظل التحديات الحالية والمستقبلية.
وتابع، «هذه الشراكة، إذا ما أديرت بفعالية وحوكمة سليمة، يمكن أن تحول أملاك الأوقاف من أصول كامنة إلى محركات تنمية اقتصادية واجتماعية فاعلة تساهم فى تحقيق مقاصد الوقف الأصيلة وتعود بالنفع على الأجيال القادمة، ولذلك فالأمر يتطلب رؤية استراتيجية، وإطارا قانونيا داعما وشراكات مبنية على الثقة والكفاءة لفتح آفاق جديدة لأملاك الأوقاف».

وأشار إلى أنه غالبا ما تواجه إدارة هذه الأملاك تحديات كبيرة، تتراوح بين الحصر الدقيق وسوء الاستغلال والتقادم، ما يحول دون تحقيقها لأقصى إمكاناتها فى خدمة المجتمع وتنمية موارده، وهنا تبرز أهمية الشراكة بين الهيئات الوقفية والقطاع الخاص كحل استراتيجى واعد لإدارة وحصر وتنمية هذه الأصول بفعالية.
ولفت إلى أن الشراكة مع القطاع الخاص يمكن أن تتخذ أشكالا متعددة، تبعًا لطبيعة الوقف واحتياجاته، ولكن قبل ذلك لابد من حصر وتوثيق أملاك الأوقاف، التى تعتبر الأساس لأى إدارة فعالة، حيث يمكن للقطاع الخاص المتخصص فى المسح العقارى وتطوير نظم المعلومات الجغرافية أن يلعب دورا حاسما فى المسح الميدانى الشامل، وتحديد جميع أملاك الأوقاف، سواء كانت أراضى أو عقارات، أو منقولات، ثم خطوة التوثيق الرقمى، بإنشاء قواعد بيانات شاملة تتضمن تفاصيل كل وقف من حيث الموقع والمساحة ونوع الاستخدام الحالى، والحالة الإنشائية، والوثائق القانونية، وتاريخ الوقف، مع تطبيق نظم المعلومات الجغرافية (GIS) لرسم خرائط تفاعلية للأوقاف، ما يسهل تتبعها وإدارتها وتحديد الأصول غير المستغلة.
وفيما يتعلق بتفاصيل عقود الشراكة، قال إنه يمكن للقطاع الخاص تولى إدارة وتشغيل الأصول العقارية الوقفية سواء (تأجير، صيانة، تحصيل إيرادات) مقابل نسبة متفق عليها من العائدات، ثم تشكيل شركات مساهمة أو عقود بناء وتشغيل ونقل الملكية (BOT) لتطوير الأوقاف المهملة أو الأراضى الفضاء، وتحويلها إلى مجمعات سكنية تجارية، أو صناعية، أو حتى مشاريع سياحية أو صحية ذات قيمة مضافة.
وأكد أنه على الرغم من الفوائد الكبيرة، إلا أن الشراكة مع القطاع الخاص لا تخلو من تحديات تتطلب معالجة دقيقة للإطار القانونى والتنظيمى، ويجب أن يكون هناك إطار قانونى واضح ومرن يحدد العلاقة بين الهيئات الوقفية والقطاع الخاص ويحمى حقوق الطرفين، ويضمن شرعية العقود.
كما أنه يجب أن يكون هناك شفافية وحوكمة ووضع آليات صارمة لذلك لضمان عدم استغلال أملاك الأوقاف أو التفريط فيها، وتحديد مؤشرات أداء واضحة للمتابعة والتقييم.

 

شيلشسيلسيش
شيلشسيلسيش
لشلسيش

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني