كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن دور دبلوماسي بارز للجيش الأمريكي في سوريا، حيث يعمل كوسيط في مفاوضات بين الحكومة السورية الجديدة والفصائل المسلحة، بهدف تحقيق الاستقرار وتجنب تجدد الصراع.
ووفقًا لضباط أمريكيين، لعبت القوات الأمريكية دورًا رئيسيًا في التقريب بين الحكومة الجديدة والمقاتلين الأكراد، مشيرين إلى أن احتمال انسحاب القوات الأمريكية شكّل ضغطًا على قوات سوريا الديمقراطية (قسد) للتوصل إلى تفاهمات مع الحكومة السورية الجديدة.

اتفاق دمشق بين الحكومة الجديدة و”قسد”
في خطوة مفصلية، أعلنت الرئاسة السورية يوم الاثنين 10 مارس توقيع اتفاق تاريخي بين الرئيس أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، جاء برعاية أمريكية، وينص على:
- اندماج “قسد” في مؤسسات الدولة، وضمان دورها في الجيش السوري المستقبلي.
- تأكيد وحدة الأراضي السورية ورفض أي مشاريع تقسيم.
- ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل السياسي، بما في ذلك الأكراد.
- وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، وفتح قنوات للحوار الوطني.
وكشفت الصحيفة أن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة تولى نقل مظلوم عبدي بطائرة مروحية إلى مطار قريب من دمشق، حيث وقع الاتفاق مع الرئيس الشرع، ما يعكس تأثير واشنطن في إعادة ترتيب المشهد السياسي والعسكري في سوريا.
أهمية مناطق “قسد” في الاقتصاد السوري
تُسيطر قوات سوريا الديمقراطية على ما يقارب ثلث الأراضي السورية، أي 60 ألف كيلومتر مربع من إجمالي مساحة سوريا (185 ألف كيلومتر مربع)، وهي مناطق غنية بالموارد، حيث تضم:
- أكبر الحقول النفطية مثل رميلان، العمر، والجفرة، التي بلغت ذروة إنتاجها أكثر من 591 ألف برميل يوميًا عام 1995.
- حقول غاز رئيسية، أبرزها كونيكو.
- مناطق زراعية استراتيجية، حيث تُعرف مناطق شمال شرق سوريا بأنها “سلة غذاء البلاد”.
- قطاع الثروة الحيوانية، الذي يشكل مصدر دخل رئيسي للسكان المحليين.

جهود أمريكية لعقد اتفاقات أوسع
لم يقتصر الدور الأمريكي على الوساطة بين قسد والحكومة السورية الجديدة، بل امتد إلى تشجيع فصيل “جيش سوريا الحرة” في الجنوب، الذي كان متمركزًا في قاعدة التنف العسكرية الأمريكية، على التوصل إلى تفاهمات مع الحكومة السورية الجديدة.
كما كشفت الصحيفة عن حادثة كادت أن تؤدي إلى قصف أمريكي لموقع صواريخ مهجور تابع لجماعة مرتبطة بإيران، إلا أن القوات الأمريكية تواصلت مع وزارة الدفاع السورية، التي أرسلت فريقًا لتفكيك الموقع، مما حال دون وقوع تصعيد عسكري غير ضروري.
زيادة في عدد القوات الأمريكية داخل سوريا
أكد تقرير “وول ستريت جورنال” أن عدد الجنود الأمريكيين في سوريا يبلغ حاليًا نحو 2000 جندي موزعين على 8 قواعد عسكرية، وهو ما يتجاوز ضعف العدد المُعلن سابقًا. وأوضحت الصحيفة أن البنتاغون أرسل تعزيزات عسكرية جديدة عقب الانهيار المفاجئ لنظام الرئيس السابق بشار الأسد أواخر العام الماضي.
واشنطن ترسم ملامح سوريا الجديدة
وفقًا لمسؤولين أمريكيين، تسعى الولايات المتحدة من خلال هذه الوساطات إلى:
- ضمان الاستقرار ومنع تجدد الحرب الأهلية.
- تقليل نفوذ إيران والميليشيات التابعة لها في سوريا.
- منح واشنطن نفوذًا استراتيجيًا في مستقبل البلاد.
وأشار أحد الضباط إلى أن التواصل المباشر مع الحكومة السورية الجديدة أسهم في تجنب مواجهات غير محسوبة، كما ساعد على تنظيم العمليات العسكرية بما يضمن مصالح جميع الأطراف.