بقلم: الكاتب والسياسي المصري/ سيد الأسيوطي
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتباين المواقف الدولية، يظل ملف السلام في الشرق الأوسط هو الأهم على الساحة السياسية حتي الآن.
رغم ما أُعلن مؤخرًا عن بوادر تهدئة واتفاق مبدئي بين الأطراف، فإن الواقع الميداني والسياسي يكشف أن هذا الهدوء ليس سوى هدوء حذر يسبق العاصفة. فالعقبة الرئيسية تظل متمثلة في حكومة الكيان الإسرائيلي المتطرفة التي لا تحترم العهود ولا تلتزم بالاتفاقات، وتواصل استفزازاتها وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني دون وازع من ضمير أو رادع من قانون.
ورغم الدور المحوري الذي تقوم به مصر، وسعيها الحثيث لتثبيت وقف إطلاق النار من خلال اتفاقية ذات بصمات مصرية – أمريكية – تركية – قطرية، وبتنسيق دبلوماسي حضره أغلب قادة العالم، إلا أن المخاوف ما تزال قائمة من نقض العهود مجددًا من جانب حكومة الاحتلال التي عُرفت تاريخيًا بعدم احترامها للمواثيق الدولية.
إن الغياب والضعف العربي في مواجهة هذه السياسات يمثل أحد أهم أسباب التعنت الإسرائيلي المستمر، حيث تفتقر الساحة العربية إلى موقف موحد قادر على فرض الإرادة أو ردع العدوان. وفي ظل التقلبات في المواقف الأمريكية، وخصوصًا من شخصيات مثل دونالد ترامب، الذي لم يعرف عنه احترام الالتزامات أو الثبات على المواقف، تزداد المخاوف من أن تكون هناك خطة أمريكية – غربية خفية لإعادة فرض الهيمنة والسيطرة على الشرق الأوسط، تحت ستار “السلام” الزائف.
لذلك فإن استمرار هذا النهج الإسرائيلي في ظل الصمت الدولي، وعدم اتخاذ مواقف واضحة من القوى الكبرى، ينذر بأن المنطقة بأسرها قد تكون على أعتاب حرب إقليمية وربما عالمية، سيكون الجميع فيها خاسرًا — عسكريًا، وسياسيًا، وإنسانيًا.
إن مصر ما زالت تبذل جهودًا جبارة في سبيل تثبيت السلام ووقف نزيف الدم، واضعة مصالح الشعوب واستقرار المنطقة فوق كل اعتبار، لكن على المجتمع الدولي بأسره أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية والسياسية في إلزام حكومة الاحتلال باحترام المواثيق والاتفاقات، ووقف العدوان فورًا، حفاظًا على أرواح الأبرياء في غزة والمنطقة والعالم بأسره.
فما زال الأمل معقودًا على صوت الحكمة والعقل، وعلى إرادة الشعوب الحرة التي ترفض الحرب وتؤمن بالسلام العادل القائم على الحق والكرامة.
ويبقى صوت القاهرة هو نبض العروبة والعقل، الساعي إلى سلامٍ عادلٍ يحفظ للأمة كرامتها وللإنسانية مستقبلها.
