كتب: هشام فريد- هولندا
الحرب الروسيه الأوكرانيه هى بالأحرى حرب إقتصاديه بين أميركا وروسيا وبعض الدول المارقة إقتصاديا.
وفى بدايه الحرب فقد الروبل الروسى أكثر من 40 ٪ من قيمته وبفضل الأداء الجيد للبنك المركزى الروسى تحسن أداء الروبل وأستعاد قوته وخاصه بعد قرار روسيا بيع البترول والغاز بالروبل الروسيه وإنصياع بعض دول اوروبا لذلك مؤخرا وإعلانها ذلك رسميا !
مع توقعات بعض الخبراء بأستمرار هذه الحرب لمده عامين على الأقل .
ومنذ ظهور اليورو 2001 كعمله منافسة للدولار قررت أميركا تخفيض قيمه الدولار فى أسواق الصرف أمام اليورو الأمر الذى يؤدى الى أرتفاع أسعار المنتجات الأوروبيه مقابل أنخفاض أسعار المنتجات الأميركيه ويحدث كساد أقتصادى أوروبى مقابل إنتعاش أقتصادى أميركى .
وقصه الأتحاد الأوروبى بدأت منذ بدايه الثمانينات وهى إخراج أميركى وبطلب وتخطيط من أميركا نفسها لوضع كل العملات الأوروبيه فى سله واحده وهى اليورو لضربها ضربه واحده ! وأنا عاصرت هذه الأجواء وشاهدت جزء من جلسه مباحثات بين أميركا ودول الأتحاد الأوروبى مذاعه وقتها فى التليفزيون الهولندى وكنت أعيش وقتها فى هولندا وكان الوفد الأميركى يجلس على منصه عاليه ووفد الاتحاد الأوروبى يجلس تحت على كراسى المسرح فى القاعه ! وكانت هناك طلبات مقدمه من الوفد الأميركى للأتحاد الأوروبى للموافقه عليها من ضمن الإجراءات لإنشاء الأتحاد الأوروبى بشروط أميركيه فى ذلك الوقت ! وجاء إعلان رد دول الأتحاد وقتها برفض غالبيه الطلبات الأميركيه ! وما كان من رئيس الوفد الأميركى الا أنه وقف بغضب وأعلن إنهاء الجلسه والمباحثات وتبعه الوفد الأميركى وخرجوا من القاعه !
وكنت مدرك وقتها انى شاهد على التاريخ لانى كنت أعرف الأمريكان كويس ! وللأسف بعد ذلك إنصاع الأوروبين لكل مطالب أميركا لأسباب كثيره منها ضعفهم عسكريا ودخولهم فى تحالفات عسكريه ضعيفه مع أميركا بعد الحرب العالميه الثانيه وإرهاب دول أوروبا بأن تخلى أميركا عنهم يجعلهم فريسه سهله فى فم الدب الأبيض “روسيا” ومقابل ذلك حصلت أميركا على قواعد عسكريه فى بعض البلاد الأوروبيه بحجه حمايتهم ! وكذلك شعور الدول الأوروبيه بالإمتنان لتحرير أميركا لبلادهم من هتلر وعدم ثقتهم فى أنفسهم وقبولهم لمشروع مارشال الأميركى بعد الحرب . والمدهش فى الأمر أنه حتى بعد إنشاء الأتحاد الأوروبى لا يوجد فى دستوره أو قانونه او صلاحيته إنشاء جيش أوروبى موحد ! مما يدل على أنه مشروع أقتصادى بحت !! واذا قرر اليوم الأتحاد الأوروبى أن يعدل دستوره وقوانينه والسماح بإنشاء جيش أوروبى موحد يحتاج ذلك الى فتره زمنيه لا تقل عن ٢٠ عام من الأن !؟ ولأسباب عديده سياسيه وعسكريه وأقتصاديه.
حقيقه الأمر أن أميركا تتعامل مع أوروبا بتعالى وبالأمر وذلك لضعفهم وأنصياعهم لأوامرها !
وما يزعج أميركا مؤخرا ومن ضمن أهدافها فى إشعال الحرب هو إضعاف دور بعض الدول المارقه فى العالم مثل البرازيل والهند ومصر وغيرها من الدول الأوروبيه مثل التحالف الألمانى الفرنسى الذى ظهر مؤخرا ضد رغبات وأستراتيجيات أميركا فى العالم والمنطقه الأورو شرق أوسطيه !؟
ونرى ذلك جليا وتحديدا بعد حرب العراق الثانيه وبعد رفض ألمانيا دفع أى تكاليف مثل ما فعلت من قبل فى حرب العراق الأولى وأستيعابها الدرس بعد خديعه أميركا لها ووعدها بالحصول على عقود كبيره من عقود إعاده إعمار الكويت والعراق بعد إنتهاء الحرب ! ولم تحصل ألمانيا الا على الفتات وحصدت الشركات الأميركيه نصيب الأسد ! وقد نرى ذلك جليا فى التعاون العسكرى والأقتصادى بين هاتين الدولتين ( ألمانيا وفرنسا ) ومصر وبعد ثوره ٣٠ يونيو ! ويحسب ذلك للرئيس السيسى أنه أستطاع بذكاء رجل المخابرات وتقديره للموقف العالمى وإنشغال القوى العظمى بخلافاتها وصراعاتها بأن ينتهز هذه الفرصه الثمينه برؤيه ثاقبه وتخطيط دقيق سوف يذكره التاريخ لاحقا وفى غفله منهم وأستطاع أن يعقد صفقات عسكريه وإقتصاديه لإعاده بناء الجيش المصرى الحديث وإنشاء البنيه الأساسيه للثوره الأقتصاديه فى مصر الحديثه وقد وفقه الله فى ذلك والحمد لله ! وهو ما أدى إلى إنزعاج وغضب أميركا لأنها لم تعد المصدر الوحيد لتسليح الجيش المصرى وأصبحت مصر قوه إقليميه عظمى فى المنطقه ومن أهم دول مصادر الطاقه فى العالم فى لمح البصر !!
ولنقف الأن على أرض صلبه أمام تحديات آثار الحرب الحاليه على الأقتصاد العالمى وزياده نسب التضخم فى العالم كله.