كتبت: نورا حمدي
الاحزاب التي تنسب نفسها للاسلام، والاسلام منها براء بمختلف توجيهاتها كانت عبر العقود الماضية هي القاسم المشترك في تفجير الأوطان العربية كحال الصومال والعراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان والسودان وفلسطين، حيث تسببت بأكثر من أي عدو خارجي آخر بتفجير شلالات من الدماء والأشلاء وهدم البناء وترميل النساء وتقسيم الأوطان إلى جماعات متناحرة ومتحاربة تكفي الأعداء القيام بذلك الأمر، واستبدلت ضمن ذلك المشروع المدمر للأمة الجيوش الوطنية القوية، بالميليشيات الضعيفة المتقاتلة مثلما استبدل الكي بورد وطلب العلم بيد شباب الأمة بالكلاشنيكوف وطلب النصر المظفر على شركاء الأوطان من المسلمين في الأغلب.
وما نراه بالأمس واليوم من عربدة على الأوطان والشعوب والأراضي العربية هو ثمن ونتاج مباشر لما قامت به الأحزاب المؤدلجة من تمزيق لنسيج المجتمعات وتأجيج وتحريض بعضها على بعض، فلم يعد لدى العرب أوطان موحدة تمثلها جيوش قوية يمكن لها لو توحدت أن تمثل على الأقل عامل رد للطامعين بالأراضي العربية، فقد حولتنا تلك الأحزاب والحركات وتنظيماتها الدولية إلى أجساد تقطع بعضها بعضا ولم تعد هناك أوطان يمكن لها أن تكون عمقاً استراتيجياً أو مخزون رجال وعدداً لدول المواجهة وتلك حقيقة تاريخية يجب ألا تخفى على أحد.
ما سبق هو التفسير الوحيد للتناقض بين المعلن من عداء القوى الإسلامية للدول المؤثرة بالعالم، والعلاقة الوثيقة وتبادل المصالح غير المعلن بينهم والذي هو السبب الرئيسي لتمدد وانتشار وتوسع تلك الأحزاب المؤدلجة، فالرايات والصيحات المجاهرة بالعداء لا تضر شيئاً بمن توجه له، مقابل قيام تلك الأحزاب بتقسيم الأوطان واشعال الحروب الأهلية وسفك الدماء وهدم البناء ونشر الجهل والفقر في مخيمات شعوبنا التي هجّرتها حروب تلك الأحزاب من أوطانها، وهذا ذكاء ما بعده ذكاء من قبل القوى المؤثرة بالعالم وغباء ما بعده غباء من المخدوعين من شبابنا وشعوبنا.