أعلن البنك المركزي المصري عن سحب ودائع بقيمة 992.450 مليار جنيه من 27 بنكًا محليًا، ضمن عطاءات الودائع بالعائد الثابت، بمعدل تخصيص 100% وبفائدة قدرها 27.75%، وذلك في خطوة جديدة تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي في مصر.
وتأتي هذه العملية ضمن إطار إدارة السيولة في السوق المصري، في وقت يشهد فيه الاقتصاد تحديات كبيرة تتعلق بالتحكم في التضخم والحفاظ على استقرار العملة المحلية.
أهداف عملية سحب الودائع
يُعد سحب هذه الودائع جزءًا من الآلية المفتوحة التي يعتمد عليها البنك المركزي لإدارة السيولة في السوق المصري. الهدف الرئيسي لهذه الآلية هو امتصاص الفوائض النقدية من السوق، وهو ما يُساعد في الحد من التضخم وتخفيض الضغط على الجنيه المصري، إذ يعمل البنك المركزي على تحجيم المعروض النقدي، وبالتالي تقليص الارتفاعات غير المرغوب فيها في الأسعار، التي تؤثر سلبًا على القدرة الشرائية للمواطنين.
التعديل على آلية الودائع: خطوة استراتيجية لمزيد من الفعالية
في سياق متصل، كان البنك المركزي قد أعلن في 22 أبريل 2024 عن تعديل في آلية العملية الرئيسية لربط الودائع ذات العائد الثابت، حيث تم تغيير شروط العملية اعتبارًا من 23 أبريل 2024.
وبموجب هذا التعديل، أصبح البنك المركزي يقبل جميع العطاءات المقدمة، بما يعرف بنظام ‘القبول الكامل للعطاءات’، وهو ما يعني قبول كافة العروض المقدمة من البنوك بسعر متوسط الكوريدور.
يهدف هذا التعديل إلى زيادة مرونة العملية وتحقيق توازن أكبر في السيولة المتاحة في السوق، كما يسهم في تحسين استجابة السوق للمتغيرات الاقتصادية من خلال تعديل معدلات العائد بما يتناسب مع تطورات الوضع المالي.
أداة فعالة في إدارة السيولة
تُعد عطاءات الودائع بالعائد الثابت إحدى أدوات السوق المفتوحة التي يستخدمها البنك المركزي لتوجيه السيولة في السوق المصري، من خلال هذه العمليات، يتم سحب جزء من السيولة الزائدة عبر البنوك، بما يقلل من كمية النقود المتاحة في السوق، وبالتالي يؤثر بشكل مباشر على التضخم.
وتعتمد هذه العملية على تقديم عوائد ثابتة للمصارف التي تودع أموالها لدى البنك المركزي لفترة قصيرة، مما يساعد في خفض حجم المعروض النقدي من الجنيه المصري في الأسواق، الأمر الذي يساهم في ضبط الأسعار ومنع الارتفاعات الحادة في التضخم.
دور البنك المركزي في الحفاظ على استقرار الأسعار
يُعتبر إدارة السيولة جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية النقدية التي يتبعها البنك المركزي المصري لضمان استقرار الأسعار في البلاد، من خلال هذه العمليات، يهدف البنك إلى ضمان استقرار سعر العائد المرجح لمدة ليلة واحدة في سوق المعاملات بين البنوك، مما يضمن التوازن في الأسعار ويُساعد في تحجيم التضخم في السوق المحلي.
تعد هذه الإجراءات خطوة مهمة في إطار التزام البنك المركزي بـ حماية استقرار العملة المحلية والحد من تأثيرات التضخم، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
ويعتبر معدل الفائدة المرتفع الذي تطرحه هذه العمليات، 27.75%، أداة قوية للحد من التضخم، حيث يساعد على توجيه الأموال بعيدًا عن السوق ويقلل من الإنفاق الاستهلاكي.
التحديات المقبلة
في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة المصرية والبنك المركزي إلى استعادة التوازن الاقتصادي، يبقى معدل التضخم أحد أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري.
وتُظهر الأرقام الأخيرة أن التضخم لا يزال يشكل ضغطًا على الطبقات المتوسطة والفقيرة، ما يتطلب استمرار هذه السياسات الاحترازية لتجنب أي انفلات في الأسعار.
كما أن سياسة رفع سعر الفائدة التي يتبناها البنك المركزي قد تكون لها تأثيرات على النمو الاقتصادي على المدى الطويل، إلا أن الهدف الأول يبقى الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، خصوصًا في هذه الفترة الحساسة التي تشهد فيها مصر إصلاحات هيكلية وتأثيرات متواصلة للأزمات العالمية.
ومع استمرار البنك المركزي في إدارة السيولة عبر أدوات مثل الودائع المربوطة والعائد الثابت، يبدو أن الجهود المصرية للتحكم في التضخم والحفاظ على استقرار السوق تركز بشكل كبير على ضبط المعروض النقدي وتحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق.
وبينما يواجه الاقتصاد تحديات متعددة، يبقى الحفاظ على استقرار الأسعار والسيطرة على التضخم أولوية قصوى للبنك المركزي في الفترة المقبلة.