متابعة رفعت عبد السميع
في إطار حرص جامعة الدول العربية على دعم مسيرة الديمقراطية وترسيخ الحكم الرشيد، وتلبيةً للدعوة التي تلقاها معالي السيد/ أحمد أبو الغيط – الأمين العام لجامعة الدول العربية من معالي المهندس/ موسى المعايطة، رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب في المملكة الأردنية الهاشمية، وجّه معالي الأمين العام بتشكيل بعثة خبراء لمراقبة الانتخابات النيابية الأردنية لعام 2024 برئاسة السيد السفير/ خليل إبراهيم الذوادي – الأمين العام المساعد، رئيس قطاع الشؤون العربية والأمن القومي. وقد ضمت هذه البعثة في عضويتها مجموعة من المراقبين من موظفي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ينتمون إلى ست جنسيات عربية هي: مملكة البحرين، جمهورية العراق، الجمهورية اللبنانية، دولة ليبيا، جمهورية مصر العربية، الجمهورية اليمنية.
هدفت البعثة إلى رصد مجريات مختلف مراحل العملية الانتخابية وقامت البعثة بمتابعة وتقييم هذا الاستحقاق الانتخابي في ضوء ما يلي:
الإطار القانوني المنظم للعملية الانتخابية.
إعلان مبادئ المراقبة الدولية للانتخابات الذي ينظم عمل البعثة والتزامها.
المعايير والالتزامات الدولية المتعارف عليها.
وثيقة التطوير والتحديث والإصلاح التي اعتمدتها جامعة الدول العربية في قمة تونس عام 2004 بالإضافة إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
مذكرة التفاهم التي تم توقيعها مع الهيئة المستقلة للانتخاب.
ملاحظات بعثة الخبراء حول مجريات المراحل المختلفة للعملية الانتخابية
أولاً: الإطار القانوني
وجه جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، عام 2021، بتشكيل لجنة ملكية لتحديث المنظومة السياسية لضمان حق الأردنيين والأردنيات في ممارسة حياة برلمانية وحزبية. وفي ضوء ما خلصت إليه هذه اللجنة، تم إقرار عدة تعديلات دستورية عام 2022، والتي كان من بينها بعض الجوانب المتعلقة بالعملية الانتخابية مثل تخفيض سن الترشح للانتخابات النيابية، كما تم إصدار ثلاث وثائق قانونية جديدة هي قانون الانتخاب لمجلس النواب وقانون الأحزاب السياسية، بالإضافة إلى نظام جديد للدوائر الانتخابية، ولم تطرأ أي تعديلات على قانون الهيئة المستقلة للانتخاب.
بشكل عام، جاء الإطار القانوني المنظم لانتخابات المجلس النيابي العشرين، والمتضمن كل من دستور المملكة والقوانين ذات العلاقة والتعليمات التنفيذية التي أصدرتها الهيئة المستقلة للانتخاب، متوافقاً إجمالاً مع الالتزامات الانتخابية الواردة في المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة الأردنية الهاشمية، وشكّل أساساً لإجراء عملية انتخابية ناجحة.
ثانياً: النظام الانتخابي
مع إصدار قانون الانتخاب لمجلس النواب الجديد الذي يستهدف بشكل خاص الوصول إلى مجلس نواب قائم على التعددية الحزبية، بقي النظام الانتخابي هو التمثيل النسبي، الذي تم اعتماده لأول مرة عام 2016، مع إضافة بعض التعديلات عليه حيث تم رفع أعضاء مجلس النواب من 130 إلى 138 مقعداً، وتم كذلك زيادة المقاعد الخاصة بالمرأة مع إعطاء كوتا خاصة بالشباب. وجاء التعديل المتعلق بالعتبة على قانون الانتخاب الجديد وكيفية تحديد الفائزين بالمقاعد النيابية ليعطي فرصة أكبر لمختلف القوائم للوصول إلى المجلس النيابي. ومن هذا المنطلق، تشيد البعثة بالجهود الرامية إلى تعزيز الحياة الحزبية في المملكة كما ترحب بالإجراءات المتخذة لتعزيز حضور المرأة والشباب بشكل خاص في المجلس النيابي، وترحب ببذل المزيد من المساعي التي تدعم شمولية تواجد مختلف الفئات المجتمعية في مواقع اتخاذ القرار، ومن بينها ذوي الإعاقة.
ثالثاً: ترسيم الدوائر الانتخابية
جرى ترسيم جديد للدوائر الانتخابية المحلية والتي أصبح عددها 18 بدلاً من 23، وقد توسعت مساحتها الجغرافية لإعطاء قوة أكبر للأحزاب لطرح برامجها والوصول إلى شرائح متنوعة في المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، أضاف المشرع دائرة انتخابية عامة على مستوى المملكة حجمها يساوي 30% من مقاعد مجلس النواب، وذلك لمساعدة الأحزاب السياسية للوصول إلى المجلس النيابي، على أن ترتفع هذه النسبة تدريجياً لتصل إلى 65% عند انتخاب المجلس النيابي الثاني والعشرين. وفي هذا الإطار، لاحظت البعثة اتساع الفارق بين قيمة المقعد على الدائرة الانتخابية المحلية وقيمته على مستوى المملكة، والذي وصل إلى أكثر من 30% في عدة دوائر، وهو الأمر الذي قد يرجع إلى عدة اعتبارات تم الأخذ بها عند إصدار التقسيم الجديد للدوائر الانتخابية. إلا أن البعثة تؤكد على أهمية معالجة هذا الأمر في المستقبل تعزيزاً لمبدأ التكافؤ بين المرشحين ومعيار المساواة بين أصوات الناخبين.
رابعاً: الهيئة المستقلة للانتخاب
اكتسبت الهيئة المستقلة للانتخاب خبرة متراكمة على مدار السنوات الماضية منذ إنشائها عام 2012، وتحديداً بعد التعديلات الدستورية التي أقرت عام 2014 والتي عززت مهامها ومسؤولياتها لتشمل مختلف العمليات الانتخابية التي تجري في المملكة. وجاءت استقلالية الهيئة المالية والإدارية لتعزز الثقة بالعملية الانتخابية وتساعدها على تطبيق مبدأ الحياد التام مع الأحزاب السياسية والمرشحين. كما عملت الهيئة بشفافية في إدارة العملية الانتخابية مع نشرها التعليمات التنفيذية والأخبار والأرقام والإحصائيات الخاصة بالناخبين والمعلومات عن المرشحين والأحزاب والطعون، الأمر الذي عزز مصداقيتها. وتيسيراً منها على الناخبين ذوي الإعاقة، خصصت الهيئة لهذه الفئة المجتمعية الهامة مراكز اقتراع خاصة تم توزيعها على مختلف الدوائر الانتخابية بالمملكة، الأمر الذي ساهم في تيسير ممارستهم لحقهم الانتخابي. بالإضافة إلى ما سبق، حرصت الهيئة على توعية الناخبين حول أهمية المشاركة السياسية والانتخابية ترشحاً واقتراعاً، كما قامت بتثقيف الناخبين حول إجراءات الاقتراع خاصة مع التغيرات المتعددة التي شهدتها هذه الإجراءات مع إقرار قانون الانتخاب الجديد، وأهمها وجود صندوقي اقتراع، بالإضافة إلى ورقة وكتيب اقتراع مع اختلاف خطوات الاقتراع ما بين الورقة والكتيب. وتؤكد البعثة على أن جهود الهيئة المقدرة على مختلف الأصعدة ساهمت في سير مختلف مراحل العملية الانتخابية على النحو المأمول.
خامساً: تسجيل الناخبين
انطلقت عملية تسجيل الناخبين بتاريخ 26 أيار/مايو وامتدت لفترة 60 يوماً تخللها عدة مراحل منها إعداد الجداول الأولية للناخبين ثم مرحلتي الاعتراض الشخصي أو على تسجيل الغير، وكان آخرها تصويب الأوضاع واعتماد الجداول النهائية للناخبين ونشرها. والجدير بالذكر أنه وفق القانون الجديد جاءت جداول الناخبين محدثة، حيث أصبح مكان الاقتراع مقترناً فقط بمكان إقامة الناخب، باستثناء دوائر البدو، على خلاف ما كان مطبقاً في السابق بتخيير الناخب للاقتراع ما بين مكان الإقامة او مكان الميلاد أو البلد الأصلي.
قامت دائرة الأحوال المدنية والجوازات والمحاكم بمساعدة الهيئة على إتمام هذه المهمة، وكان للناخب حق الاعتراض على الجداول الأولية للناخبين لدى دائرة الأحوال المدنية والجوازات أو لدى الهيئة، وبشكل خطي أو الكتروني بحسب نوع الاعتراض، وبلغ مجموع هذه الاعتراضات أكثر من 32 ألفاً تم قبول معظمها. بالإضافة إلى ذلك، تمكن المواطن من الطعن على قرارات الرفض الصادرة من الدائرة أو الهيئة لدى محكمة البداية والتي كان قرارها قطعياً.
وعليه، بلغ عدد الناخبين في الجداول النهائية 5,115,219 وجاءت نسبة النساء 52.5%، وقد شهد هذا العدد زيادةً بأكثر من 450 ألف ناخب وناخبة مقارنةً بعدد الناخبين في الانتخابات النيابية لعام 2020، كما أن عدد الناخبين الجدد قارب ال 600 ألف. بشكل عام، تشيد البعثة بحسن سير عملية تسجيل الناخبين التي اتسمت في مجملها بالنزاهة والشفافية.
سادساً: تسجيل المرشحين
تم فتح باب الترشح لمدة ثلاثة أيام اعتباراً من يوم 30 تموز/ يوليو 2024، وبهذا التزمت الهيئة بمدة وتاريخ الترشح الواردة في القانون، إلا أنه قد يكون هناك حاجة في المستقبل لإعادة النظر في هذه المدة وزيادتها بهدف استيعاب الضغط وإعطاء المزيد من الوقت للمتقدمين للترشح.
تمكنت خلال الأيام الثلاثة 199 قائمة من الترشح، وصلت إلى 197 بعد انسحاب قائمتين من الدوائر المحلية بالإضافة إلى 10 مرشحين، إذ لا يسمح القانون لمرشحي الدائرة العامة بالانسحاب. بالإضافة إلى ذلك، ألغت الهيئة طلب أحد المرشحين خلال فترة الانسحاب، علماً بأنها كانت قد رفضت 11 طلباً للترشح لعدم استيفاء الشروط القانونية. وقد سمح القانون بالطعن على قرار رفض الهيئة لطلب الترشح وذلك لدى محكمة الاستئناف الخاصة بالدائرة الانتخابية المحلية، حيث تم تسجيل 3 طعون خلصت لصالح قرار الهيئة.
شارك 36 حزباً سياسياً مرخصاً في الترشح لهذه الانتخابات من مجموع 38 حزباً، 16 منها كونت تحالفات، الأمر الذي يدل على حرص الأحزاب السياسية الأردنية على المشاركة في هذه الانتخابات والذي جاء متماشياً مع التحديثات التي طرأت على المنظومة الانتخابية، والتي هدفت إلى تعزيز الحياة الحزبية في المملكة.
بلغت نسبة النساء المترشحات 23% من المجموع النهائي للمرشحين، متجاوزة نسبتها في الانتخابات السابقة بنسبة ضئيلة، وعلى الرغم من زيادة عدد مقاعد مجلس النواب مقارنة بالانتخابات الأخيرة، إلا أن إجمالي عدد المترشحين كان أقل. والجدير بالذكر أن شروط الترشح كانت مناسبة، بل ساعد التعديل الدستوري القاضي بتخفيض سن الترشح من 30 إلى 25 عاماًعلى فتح الباب أكثر أمام راغبي الترشح وإعطاء الشباب فرصة أكبر للترشح والمشاركة في الحياة السياسية، كما أن المرشح تمكن من الترشح عن أي دائرة بغض النظر عن مكان إقامته. بشكل عام، جرت مرحلة تسجيل المرشحين بشكل منظم وسلس ودون أية عوائق تذكر.
سابعاً: الدعاية الانتخابية
وضع الإطار القانوني ضوابطاً لهذه الفترة لأهميتها ولتأثيرها الكبير على قرار الناخب، حيث حرص قانون الانتخاب على معالجة تفاوت الإنفاق المالي بين المرشحين، والذي تم مراقبته من قبل لجنة خاصة، كما جاءت التعليمات التنفيذية الخاصة بالدعاية الانتخابية لتساهم في تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع القوائم وكذلك بين المرشحين.
امتدت فترة الدعاية الانتخابية إلى أكثر من شهر، خاصة مع إعلان الهيئة بدءها قبل أربعة أيام من التاريخ المحدد في الرزنامة، وذلك بهدف إعطاء فرصة أكبر للقوائم والمرشحين لإجراء حملاتهم الانتخابية، ملتزمة بذلك بما جاء في القانون حول تزامن بداية الدعاية الانتخابية مع تاريخ قبول طلبات الترشح.
بشكل عام، جرت فترة الدعاية الانتخابية في بيئة هادئة نسبياً وجو يسوده الاحترام بين القوائم والمرشحين، حيث كان متاحاً خلال هذه الفترة تنفيذ الحملات الانتخابية والأنشطة المتصلة بها وتعريف الناخبين بالبرامج الانتخابية من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل مثل التجمعات الجماهيرية والبرامج التلفزيونية واللوحات الإعلانية والمنشورات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي.
تم رصد حالات إخلال ببعض الضوابط المتعلقة بالدعاية الانتخابية التقليدية وكذلك الالكترونية، والتي سجلتها الهيئة، كونها الجهة المعنية بمراقبة الدعاية الانتخابية، وتعاطت معها بحسب ما جاء في القانون، وقد استجابت بالإجمال معظم القوائم واحترم أغلبية المرشحين هذه الضوابط والأحكام.
ثامناً: يوم الاقتراع
اعتمدت منهجية عمل بعثة جامعة الدول العربية خلال مراقبة مجريات عمليتي الاقتراع والعد والفرز على استخدام التكنولوجيا عن طريق ملء الاستمارات الالكترونية، وذلك من خلال تطبيق الكتروني يتلقى استمارات المراقبين ويحولها إلى رسوم بيانية وإحصائيات مئوية، الأمر الذي ساعد على التعرف على المؤشرات المتعلقة بسير العملية الانتخابية بسهولة ودقة.
تم نشر أعضاء بعثة جامعة الدول العربية في عدد من الدوائر الانتخابية، حيث زارت البعثة 73 لجنة اقتراع تواجدت في 28 مركزاً، 23% منها مراكز نموذجية، كما حضرت فرق البعثة افتتاح وإغلاق اللجان وعملية العد والفرز، وتتلخص ملاحظات البعثة في هذا الصدد فيما يلي:
أعضاء لجان الاقتراع
رصدت البعثة تواجد رؤساء لجان الاقتراع وأعضائها في معظم اللجان التي تمت زيارتها، مع تسجيل التواجد الملحوظ للنساء كرئيسات أو عضوات في 88% من هذه اللجان. بالإضافة إلى ذلك، لمست فرق البعثة الحيادية لدى أعضاء اللجان وكذلك المهنية في التجهيزات التي تم إعدادها منذ ساعات الصباح الأولى لجميع إجراءات يوم الاقتراع بما فيها الاستعدادات المتعلقة بفرز الأصوات.
علاوةً على ذلك، سجلت البعثة تعاون أعضاء اللجان مع المراقبين وإلمامهم الجيد بمعظم إجراءات يوم الاقتراع، مع حرص رئيس اللجنة على تثقيف الناخبين الذين لم يكونوا على دراية كافية بخطوات الاقتراع، حرصاً على سلامة صوتهم، الأمر الذي كان في بعض الأحيان يؤدي إلى تأخير في عملية التصويت.
إجراءات يوم الاقتراع
سجلت البعثة صحة وسلامة إجراءات الاقتراع في معظم اللجان التي زارتها والتي تمت في جو هادئ ومنظم وبكل شفافية وبحضور مندوبي القوائم، كما رصدت فرق البعثة افتتاح معظم لجان الاقتراع التي زارتها في الوقت المحدد لها قانوناً وهو الساعة السابعة صباحاً وذلك بحضور مندوبي القوائم في بعضها، كما أغلقت أغلبيتها في الوقت المحدد مع تأخير في بعض الأحيان حرصاً من رئيس اللجنة على أن يقوم الناخبون المتواجدون داخل مراكز الاقتراع بالإدلاء بأصواتهم. وتشيد البعثة بعدم ذكر القانون لأي تمديد لفترة الاقتراع حرصاً على حيادية الهيئة وعلى ثقة الناخب بالعملية الانتخابية.
وعلى الرغم من أن عملية العد والفرز استغرقت وقتاً أطول من العادة نتيجة لوجود صندوقي اقتراع، أحدهما خاص بالدائرة المحلية والثاني بالدائرة العامة، إلا أن البعثة لاحظت وجود دراية كافية لدى أعضاء اللجان بالإجراءات، كما لم تسجل البعثة أي شكوى خلال عملية الفرز.
المواد الانتخابية
لاحظت البعثة سلامة وتوافر المواد الانتخابية الأساسية في لجان الاقتراع التي تواجدت فيها، وخاصة الصندوق الشفاف الخاص بكل نوع من الدوائر الانتخابية، والذي جاء بلون مطابق لورقة أو كتيب الاقتراع وذلك لتفادي أي التباس لدى الناخب، كما أن ورقة وكتيب الاقتراع كانا واضحين، وسمحا للناخب بالتعرف على القائمة المراد انتخابها بثلاث طرق، الاسم أو الرقم أو الرمز الانتخابي مع وجود اسم وصورة لكل مرشح داخل القوائم على كتيب الاقتراع.
بالإضافة إلى ذلك، رصد المراقبون وضع المعزل في أغلب الأحيان بالطريقة الصحيحة، والتي تسمح لرئيس اللجنة ملاحظة أي تصرف غير مألوف من قبل الناخب، حيث سجلت البعثة ضمان كابينة الاقتراع لسرية التصويت في 97% من اللجان التي تواجدت فيها، كما ساهم الحبر الانتخابي، والذي يعد من أهم الضمانات الإجرائية للعملية الانتخابية، إلى الحد من تكرار التصويت، كما أن وجود جداول ناخبين ورقية والكترونية داخل كل لجنة اقتراع دل على التزام الهيئة وحرصها على دقة ونزاهة جداول الناخبين.
بشكل عام، تشيد البعثة بالتجهيزات الالكترونية المستخدمة داخل لجان الاقتراع والعد والفرز والتي عملت بكفاءة، بحسب ملاحظات مراقبي البعثة، كجدول الناخبين الالكتروني والشاشة التي تظهر للناخب صورته ومعلوماته الشخصية، بالإضافة إلى الكاميرا المستخدمة خلال عملية الفرز تعزيزاً لمعيار الشفافية بما يمكن جميع الحضور من رؤية اختيار الناخب بكل وضوح.
تأمين مراكز الاقتراع والمراقبون المحليون والدوليون ومندوبو القوائم والمتطوعون
لاحظت البعثة تأميناً مكثفاً لمراكز الاقتراع، كما أنها لم تسجل أي تدخل لعناصر الأمن في عمليتي التصويت والعد والفرز، الأمر الذي يدل على حيادية الجهات الأمنية واقتصار دورها على حماية مراكز الاقتراع والمواد الانتخابية وتأمين وصولها إلى مراكز التجميع.
بالإضافة إلى ذلك، رصد مراقبو البعثة تواجداً ضعيفاً للمراقبين المحليين أو الدوليين في لجان الاقتراع التي زاروها بنسبة 8%، مع تسجيل تواجد أكبر للمندوبين وصل إلى 89% من اللجان التي تمت زيارتها. وتجدر الإشارة إلى التواجد الملحوظ للمتطوعين والمتطوعات داخل مراكز الاقتراع، والذين كانت مهمتهم الأساسية مساعدة الناخبين، خاصة الأميين وكبار السن في التعرف على لجان الاقتراع الخاصة بهم أو في عملية الاقتراع نفسها عند الطلب منهم.
الإقبال والتوعية الانتخابية والصمت الانتخابي
كان المناخ الانتخابي متشابهاً في مختلف الدوائر الانتخابية التي تواجدت فيها البعثة، حيث سجلت إقبالاً أكبر على مراكز الاقتراع التي زارتها خلال النصف الثاني من يوم الاقتراع، وخاصة من قبل الرجال. وتؤكد البعثة على أهمية توعية النساء والشباب بأهمية المشاركة في العملية الانتخابية ومن ضمنها التصويت لاختيار من يمثلهم في المجلس النيابي المقبل.
بالإضافة إلى ذلك، لاحظت البعثة عدم دراية نسبة كبيرة من الناخبين بإجراءات الاقتراع، وقد يكون السبب وراء ذلك هو التحديثات التي طرأت على النظام الانتخابي واختلاف خطوات الاقتراع التي شهدت لأول مرة صوتين لكل ناخب.
علاوةً على ذلك، رصد مراقبو البعثة استمراراً لبعض مظاهر الدعاية الانتخابية خارج 71% من مراكز الاقتراع التي تواجدت فيها، والتي تنوعت ما بين يافطات لمرشحين في محيط المدرسة أو توزيع منشورات أو تواجد مناصرين عدد من الأحزاب، والتي قد يكون سببها عدم الوعي الكافي بضوابط وقواعد فترة الصمت الانتخابي.
ذوي الإعاقة والأميين وكبار السن
تشيد البعثة بالتسهيلات التي وفرتها الهيئة المستقلة للانتخاب لذوي الإعاقة من خلال تجهيز 95 مركز نموذجي يتيح لهذه الفئة من المجتمع ممارسة حقها الانتخابي واتخاذ كافة التدابير لتيسير اقتراعها، والتي سهلت اقتراع الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية من خلال توفير ممرات خاصة بهم تساعدهم على الوصول إلى لجنة الاقتراع. إلا أن البعثة لم تلاحظ أي ملصقات توعوية لخطوات التصويت بلغة الإشارة لذوي الإعاقة السمعية في هذه المراكز. بناءً عليه، توصي البعثة بأهمية مراعاة الأشخاص ذوي الإعاقة المختلفة في هذه المراكز مثل ذوي الإعاقة البصرية من خلال وجود أوراق وكتيبات اقتراع بطريقة برايل.
وفي الوقت نفسه، لا بد من الإشادة بحرص الهيئة على مساعدة الأميين وكبار السن من خلال المتطوعين المنتشرين في جميع مراكز الاقتراع، وتوصي بمراعاة كبار السن أكثر مستقبلاً من خلال وضع أسمائهم في لجان اقتراع متواجدة في الطابق الأرضي، رغم تسجيل البعثة مساعدة لهم في بعض الأحيان من قبل المتطوعين.
وسائل الإعلام
عملت وسائل الإعلام العام بشكل ايجابي على تشجيع الناخبين وتحفيزهم على التوجه إلى صناديق الاقتراع، كما أتاحت للناخب الحصول على المعلومة بشكل واضح وكافٍ مما يضمن له الاختيار السليم للقائمة والمرشح.
بالإضافة إلى ذلك، التزمت وسائل الإعلام بالإجمال بالضوابط التي حددها القانون، وتمكنت من تغطية الدعاية الانتخابية للقوائم والمرشحين من دون عراقيل. وقد لوحظ الحضور الإعلامي الواضح في المشهد الانتخابي، وقامت وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية، الوطنية منها أو الدولية، بدورها المنوط بها بالتغطية الإعلامية ليوم الاقتراع مع تغطيتها لعدد كبير من الدوائر الانتخابية على مدار الساعة.
وفي هذا الإطار، تؤكد بعثة جامعة الدول العربية أن الانتخابات النيابية في المملكة الأردنية الهاشمية جرت وفقاً لما نص عليه الإطار القانوني المنظم للعملية الانتخابية والالتزامات الدولية، وأتاحت للناخب الأردني ممارسة حقه الانتخابي بكل حرية. وبناءً عليه، تعرب البعثة عن ارتياحها للإعداد والتنظيم الجيد ولأجواء الهدوء والنظام التي جرت فيها الانتخابات. هذا وستصدر البعثة تقريرها النهائي متضمناً ملاحظاتها التفصيلية وتوصياتها بعد انتهاء الفترة المخصصة للطعون وإعلان النتائج النهائية، لترفعه لمعالي السيد/ أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، ليتم إرساله لاحقاً إلى الجهات المعنية في المملكة الأردنية الهاشمية.
وأخيراً، تعرب بعثة جامعة الدول العربية عن عميق شكرها لتعاون الهيئة المستقلة للانتخاب وعلى رأسها معالي المهندس/ موسى المعايطة، الأمر الذي سهل مهمة بعثة الجامعة وأسهم في إنجاحها. كما تتوجه البعثة بالشكر والتقدير لكافة الجهات التي التقتها ودعمت مهمتها، ومن ضمنها وزارات الداخلية والخارجية والشؤون السياسية والبرلمانية بالإضافة إلى هيئة الإعلام والمركز الوطني لحقوق الإنسان ومركز راصد.
لقد أدى تضافر جهود مختلف شركاء العملية الانتخابية إلى سيرها على النحو المأمول، كما سيسهم استمرار عمل مختلف مؤسسات الدولة على هذا الصعيد – ومنها هيئة الإعلام والمركز الوطني لحقوق الإنسان ووزارة الشؤون السياسية والبرلمانية – إلى تحقيق مزيد من التطور والتقدم والتحديث في العمليات الانتخابية المستقبلية.
وفي الختام، تعرب البعثة عن تمنياتها لمجلس النواب الأردني المنتخب بالنجاح والتوفيق في أداء مهامه وإنجاز التشريعات والقوانين التي تساهم في تحقيق تطلعات الشعب الأردني الشقيق، وأن يسهم المجلس الجديد في تعزيز دور المملكة الرائد على صعيد دعم وتعزيز أواصر العمل العربي المشترك.