بقلم / صموئيل أديب
ان السياسة الأمريكية التي أصبحت لا تقيم للمواعيد أو المواثيق الدولية أي اهتمام، تعاود أمور البلطجة الدولية مره أخري بتهديد نابع من شخص المفترض به الحياد، حيث يتعهد بحجيم فى الشرق الأوسط لو لم تفرج حماس عن الرهائنِ، هكذا و في منتهي البلطجة الدولية “كما سماها كُتاب كثيرون” يعاود رئيس أمريكا المنتخب ترامب دورة الداعم للكيان المحتل في مواجهة أصحاب الأرض الصامدين..
فعلي مدار السنتين الماضيتين حدثت أمور فاقت الخيال في الفساد و ازدواجية المعايير أظهرت تناقضات صارخة شديدة السواد و القبح في وجه العالم الحر و أظهرت أن قلب حكام الغرب هو أسود من ظلمة الجحيم،
فعندما ابتدأت حرب روسيا / أوكرانيا عملت أمريكا على تجنيد المحكمة لتحقيق أجنداتها السياسية… 43 دولة أحالت الجرائم المزعوم ارتكابها إلى المحكمة وصبت في موازنة المحكمة الملايين، وهي نوع من الرشوة ليقوم مكتب الادعاء العام بتحقيقات سريعة ضد طرف واحد صدرت على إثرها وفي زمن قياسي مذكرات توقيف بحق الرئيس فلاديمير بوتين وعدد من المسؤولين الروس.
قام كريم خان بفتح تحقيق رسمي في الجرائم المزعوم ارتكابها من الجانب الروسي فقط بتاريخ 2 آذار/ مارس 2022، أي بعد أقل من شهر من بدء الحرب (24 شباط/ فبراير 2022)، وبعد سنة فقط وبتاريخ 17 آذار/ مارس 2023 أصدرت غرفة ما قبل المحاكمة مذكرات توقيف بحق بوتين ومسؤولة أخرى في مكتبه، وبتاريخ 5 آذار/ مارس 2024 أصدرت ذات الغرفة مذكرات قبض بحق شخصين اثنين فقط متداخلة تماما الانتهاكات الأوكرانية و التي تحدثت عنها بعض الجمعيات الأهلية ..!!
وعلى صعيد الجرائم المستمرة التي يرتكبها الكيان في فلسطين وعلى وجه الخصوص حرب الإبادة في قطاع غزة، لم يتخذ كريم خان أي إجراء عملي منذ توليه منصبه في حزيران/ يونيو 2021، واقتصر موقفه بعد أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر على بيانات صحفية ومقابلات لذر الرماد في العيون. و حتى بعدما ثارت ثائرة العالم على المجازر و أصدرت مذكرات توقيف بحق اثنين فقط من الجانب الإسرائيلي على الرغم من أن لائحة الأسماء المعروفة وترتكب بنشاط جرائم خطيرة في قطاع غزة طويلة منهم وزراء ورتب عسكرية، مثل رئيس الأركان هاليفي وأعضاء ما يسمى مجلس الحرب؟!
المشكلة كانت أنه بعد صدور قرارات التوقيف نددت أمريكا بخطوة المدعي العام، وبريطانيا اعتبرتها “غير مفيدة”، ودول غربية قليلة أيدته مثل أيرلندا وسلوفينيا وبلجيكا، ووصل الحد بالبلطجة أن أعلن عضو الكونجرس ليندسي جراهام أنه سيقدم مشروع قانون للكونجرس لفرض عقوبات على أعضاء المحكمة، وقبله وبتاريخ 24 نيسان/ أبريل 2024 وقع 12 سيناتورا رسالة موجهة إلى كريم يهددونه بفرض عقوبات عليه وعلى المحكمة.!!
الغريب ان رئيسة المحكمة الجنائية الدولية توموكو أكاني تخرج عن صمتها في 3 ديسمبر وتكشف: قضاة المحكمة يتعرضون “لتهديدات خطيرة وقد صدرت ضدهم مذكرات اعتقال من عضو دائم في مجلس الأمن الدولي-أمريكا- فقط لأنهم مارسوا واجباتهم القضائية بإخلاص واجتهاد، كما لو أن المحكمة منظمة إرهابية!”
ترامب الذي وعد بالحجيم جاء وعيده موجها إلى الشرق الأوسط كله وهو ما أثار دهشة الجميع، و على غرار فيلم اللمبي في المشهد” الله و انا مالي يا لمبي ” حيث تتساءل زوجة البطل عن سبب ضربها بينما لم تفعل اي شئ خطأ، تسأل أصحاب القرار في الشرق الأوسط عن سبب تهديد ترامب للشرق كله بالرغم من أنهم غير مشاركين في دعم غزة بأي شكل.. و لكن ترامب في إشارة شديدة الوضوح يفضح سيطرته على الشرق الأوسط بتهديد يعلم مدى قسوته خصوصا بعد أن هدد كندا بفرض جمارك تتجاوز 25٪ على وارداتها في خطوات لم يفعلها اي رئيس سابق في التاريخ..
بين تهديد بجحيم الشرق الأوسط و تهديد المحكمة الجنائية الدولية و تهديد كندا يستعد ترامب لتولي حكمه كرئيس الدولة التى أصبحت صاحبة سجل التهديدات الأكبر في التاريخ الحديث