إيمان محجوب
منذ أكثر تسعة أشهر ويعاني السوادنيين من ويلات الحرب والمجاعة والتي تهدد أكثر من 8 مليون سوداني يقطنوا في مناطق النزاعات الداخلية، بسبب الحرب الدائرة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات “الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حيث تضاءلت إمدادات الغذاء بشكل خطير.
هذا المشهد يعكس مدى المأساة التي يواجهها السودان، حيث قتل عشرات الآلاف من الأشخاص، وهُجّر أكثر من 12 مليوناً، ما تسبب في “أكبر أزمة إنسانية في العالم حالياً”، بحسب لجنة الإغاثة الدولية (IRC).
الجوع يمتد إلى جميع أنحاء السودان
وامتدت الازمة لجميع مخيمات النزوح، ومنها مخيم زمزم، ففي جنوب كردفان، حيث كانت الأراضي الزراعية يوماً ما غنية بالمحاصيل، يضطر المزارعون إلى أكل البذور التي كان يفترض بهم زراعتها، بل إن البعض يلجأ إلى غلي أوراق الأشجار للبقاء على قيد الحياة.
وفي مدينة ديلينغ، أمام أحد آخر المطابخ الجماعية التي لا تزال تعمل، تمتد طوابير الانتظار بلا نهاية، حيث يقف رجال ونساء وأطفال يعانون سوء التغذية الحاد، بعضهم غير قادر حتى على الوقو، وبحسب ما يؤكده آدم محمود عبد الله، المنسق المشرف على وحدة “سلام 56″، لم يتلقَّ المخيم سوى أربع شحنات غذائية منذ بدء الحرب، كان آخرها في سبتمبر، ومنذ ذلك الحين لم تصل أي امدادات غذائية
تقول ماري لوبول، مديرة الشؤون الإنسانية في منظمة “أنقذوا الأطفال”: “رأيت أطفالاً هزيلين، أنوفهم تسيل، وعيونهم ملتهبة، في حين يضطر الأهالي إلى اتخاذ قرارات تدمي القلوب حول أيٍّ من أطفالهم سيُترك للموت”، وفي جنوب الخرطوم، أبلغ عمال برنامج الأغذية العالمي عن مشاهد لأشخاص “أشبه بالهياكل العظمية”، يقتاتون على العدس وحبوب مغلية بالكاد تسد الرمق.
المجاعة تهدد أجيالاً قادمة
وأضافت لوبول: رغم المحاولات المحدودة لإيصال المساعدات، فإن الحرب المستمرة تجعل ذلك شبه مستحيل، لا يمكننا ببساطة تحميل الشاحنات بالمساعدات ونقلها إلى المناطق المتضررة. هناك حواجز، ورفض متكرر، وعمليات نهب من قبل الجماعات المسلحة، تحرم المحتاجين من الغذاء”.
وتحذر المنظمات الإنسانية من أن السودان يواجه كارثة قد تستمر تداعياتها لأجيال قادمة، مشيرة إلى أن “الأشخاص يموتون الآن، لكن العواقب ستظل قائمة لعقود”.
ذلك بالاضافة الي الاستخدام العشوائي للذخائر والغارات الجوية والأسلحة المتفجرة من قبل جميع الأطراف يؤدي إلى وقوع إصابات فورية ويعرض المدنيين لخطر الذخائر غير المنفجرة على المدى الطويل.
كما أدت تكتيكات الحصار مثل تلك المستخدمة ضد مدينة الفاشر، والقيود الصارمة التي يفرضها الطرفان على المساعدات الإنسانية، واحتلال الأراضي الزراعية أو تدميرها، والهجمات ضد العاملين في المجال الإنساني إلى تفاقم المجاعة، التي من صنع الإنسان”.
جرائم على أساس العرق
وأدان خبراء من الامم المتحدة الهجمات الأخيرة لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة، مشيرين إلى “التقارير المزعجة” التي تلقوها عن تعرض المدنيين للتهجير القسري والتعذيب وسوء المعاملة والإعدام بإجراءات موجزة والاحتجاز التعسفي على أساس عرقهم. وقالوا: “هذا يضيف إلى نمط متزايد من الفظائع ضد الأقليات العرقية التي قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية”.
وأدان خبراء من الامم المتحدة الهجمات الأخيرة لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة، مشيرين إلى “التقارير المزعجة” التي تلقوها عن تعرض المدنيين للتهجير القسري والتعذيب وسوء المعاملة والإعدام بإجراءات موجزة والاحتجاز التعسفي على أساس عرقهم. وقالوا: “هذا يضيف إلى نمط متزايد من الفظائع ضد الأقليات العرقية التي قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية”.
وقال الخبراء إنهم ما زالوا منزعجين بشدة من “الاستخدام المنهجي للعنف الجنسي كسلاح حرب، مؤخرا في ولاية الجزيرة وعلى نطاق أوسع أثناء الصراع، وخاصة من قبل قوات الدعم السريع. وقد تبين أن هذه الحملة واسعة النطاق، التي تستهدف النساء والفتيات بشكل أساسي، تشمل الاغتصاب والاستعباد الجنسي والزواج القسري والاتجار بالبشر في ظل ظروف من العنف الشديد الذي يرقى إلى التعذيب”.
وضع مستحيل في غياب القانون
وأشار الخبراء إلى أن غياب حكم القانون عرض المدنيين لانعدام الأمن والعنف بشكل عام، بما في ذلك عمليات السطو المسلح والنهب والابتزاز والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي التي يرتكبها المجرمون، فضلا عن الاشتباكات العنيفة بين المزارعين والرعاة.
كما أعربواعن قلقهم إزاء احتمال تعرض المدنيين الذين نزحوا مؤخرا بسبب الفيضانات الموسمية الشديدة لتفشي وباء الكوليرا،وأضافوا: “يواجه شعب السودان وضعا مستحيلا، فهو محاصر بين الصراع والمجاعة والجريمة والكوارث والأمراض”.
ا
ودعا الخبراء المستقلون القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى “إنهاء هجومهما على المدنيين، وضمان الوصول غير المقيد إلى المساعدات الإنسانية، ومنع وضمان المساءلة عن العنف الجنسي المرتبط بالصراع وتوفير الحماية والمساعدة والعلاج للضحايا، والعمل من أجل وقف إطلاق النار، ومفاوضات سياسية شاملة، واستعادة القانون والنظام، وضمان المساءلة عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان”.
وقالوا إن المجتمع الدولي يجب أن يدعم هذه الجهود من خلال الوساطة والدبلوماسية وتمويل الاستجابة الإنسانية، “وإنهاء عمليات نقل الأسلحة غير المشروعة إلى الأطراف”.