كتبت: هويدا عوض احمد

الأول .طابور خفي مروع يزحف في الحرب .ويزحف في السلم .يتقدم الجيوش لانه عيونها .ويتقدم السياسه لأنه آذانها ..مصيره غالبا إلي الهلاك المحقق ولكنه يتحدي الموت لأجل لذه المغامره أو سطوة المال .أو في سبيل عزه الأوطان
عندما زحف الجنرال “فرانكو ” أثناء الحرب الأهليه في أسبانيا علي العاصمه قال إنه يزحف بخمسه طوابير وراءه أربعه والخامس في صميم مدريد
ومن يومها عرف الناس ان هناك طابور خامس ورأينا بعد ذالك ماذا فعل الطابور الخامس في البلدان التي إجتاحها الألمان وراينا منه العجب في بولونيا والنرويج وهولندا وبلجيكا ثم في فرنسا .
اما الطابور الاول الذي نحن بصدد التنوير حوله
هو الذي إتخذ حرفه التجسس مهنه
وهو الأول لأنه السباق السائر في المقدمه .معني ومبني يتقدم السياسه لانه آذانها الواعيه .
فالويل للدوله التي تهمل هذا الجانب من الدفاع الوطني وهو سلاح ذو حدين يقتضي الحصول علي الأخبار الخطيره والأسرار المعماة .ومقاومه ذلك كله مما يقتضي اليقظه والسهر علي روح البلاد المعنويه كحراسه مواصلاتها ومنشآتها المهمه سواء بسواء ..
لذلك
ربطت الدول في ميزانيتها الألوف والملايين علي الجاسوسيه وأسست لها المعاهد والمدارس وتسابقت في تربيه الجواسيس علما وعملا .. Espionage
او مايعرف دوليا بانه الحصول خلسه علي معلومات تهم حكومه اجنبيه عن حكومه اخري وتضر بمصالحها
الجاسوسيه ترجع إلي اقدم الأزمان فحيث توجد الحرب توجد
الجاسوسيه المنظمه بدات فعلا قبل القرن السابع عشر في عهد كرومويل بإنجلترا والكاردينال ..ريشليو في فرنسا وكانت هيئه الجاسوسيه لهذا الداهيه الأخير غايه في الدقه وعلي راسها الأب جوزيف الذي اشتهر ب ذي النيافه الرماديه وكانت في جوهرها جاسوسيه دلوماسيه
ولاننا إذا عرفنا سلفا نيات عدونا أمكننا التفوق عليه ولو كان جيشنا دون جيشه .
وفي عهد نابليون بونابرت إدارته لا تقل شانا عن بوليسه فقد كان يستخدم الجواسيس ويدفع لهم اجرهم من المصروفات السريه في وقت السلم ووقت الحرب علي التوالي بدون ادني إنقطاع بشكل ممنهج وثابت
وهناك جاسوسيه ذات وجهين تعمل مع وضد الطرفين كالمدعو ..شولميستر .الذي لعب دورا خطيرا في حمله 1805 وأشتغل بوجهين فكان ينقل أخبار النمسويين إلي الفرنسيين وأخبار الفرنسيين إلي النمسويين واضاف معلومات زائفه كانت سببا في هزيمه الجنرال النمسوي ماك وإستسلامه في موقعه أولم المشهوره
ومن هنا تأتي خطوره التعامل مع الجواسيس وضمان ولائهم والثقه في معطيات معلوماتهم
نظمت الجاسوسيه في ألمانيا في أواسط القرن التاسع عشر واعدت العده لحرب السبعين فتعدت ال الثلاثين الف جاسوس في فرنسا عام 1870 واختارت عملائها من عمال زراعيين وخدم بيوت وحلاقين وتجار جوالين ومقيمين ومعلمين الخ
الشاهد والخلاصه
ان الجاسوسيه كانت من اقدم الأزمان وستبقي إلي ماشاء الله السلاح الأول للحرب والسياسه
هذه المهنه التي يعدها البعض انها عمل دنيء ويعدها الاخر انها مهنه الجنتلمان الا انه في النهايه هي مهنه من لديه القدره علي فتح الافواه للإدلاء بالمعلومات فعدوهم الاول
هو الصمت
الصمت هو اول وأعظم سلاح للسياسي ورجل الدوله والضابط العظيم وهيئه اركان الحرب ..

ولا شك في ان شراء الأشخاص المؤتمنين علي أسرار يتطلب من الجاسوس الفطنه والحذر وموهبه التحليل النفسي للحكم علي أخلاق كاتم السر وهل يخضع للإغراء ويخون ام يأبي ويستكبر
ولا يمكن تلقين الجاسوس هذه الدروس لأنها مواهب ذاتيه تكونه وتخلق معه في روحه ودمه وهي أسلحته التي يتقرب بها للمسولين يبلو ضعفهم البدني والخلقي عندما يؤمل ان يمزق أقنعه الصمت وحجب الكتمان المسدله ويجعلهم يتكلمون إن طوعا وإن كرها
ويجعلهم احيانا يتهورون ويقدمون إليه الوثائق المكتوبه والخرائط المرسومه والمشروعات الموضوعه فيخدم بها بلاده علي حساب بلادهم
الجاسوس بطبعه لديه سمات الرجل المحبوب والجدير بالصداقه والود ومتحدثا لبقا ممتعا وملم بكل الحركه الفكريه والأدبيه والفنيه واخر التطورات السياسيه
وفي تاريخنا المعاصر هناك العديد من الجواسيس التي كان لها دور بارز في حروبنا مع اليهود علي مر العقود الماضيه
علمنا منهم ما علمناها وآخرون لم ولن نعلم عنهم شيئا
منهم من خدم الوطن ودفع عمره وحياته فداءا له ومنهم من خان وغدر

Loading