متابعة _ عبدالرحمن شاهين
الشعب الأمريكي مسكين لا يستعمل عواطفه في اختيار مرشح الرئاسة، ويعتمد على الآلة الحاسبة، كم سيربح من الرئيس القادم؟.. ماذا سيقدم له من خدمات؟.. شعب كوزموبوليتاني لا تربطه إلا المصالح، ما يجعله يفكر جيدًا قبل رسم علامة التصويب على ورقة الاقتراع، ليطويها ويضعها في الصندوق، ما يجعل المناظرات الرئاسية فرصة لا يمكن تفويتها من أجل حسم القرار.
هذه المرة يبدو المشهد مختلفًا في الولايات المتحدة، جو بايدن الرئيس الحالي أمام دونالد ترامب الرئيس السابق، لكل من الرجلين تجربة سابقة في السلطة، في سابقة لم تحدث من قبل على الأرض الأمريكية، ما يزيد من فرص أحدهما ويخصم من رصيد الآخر من دون الحاجة إلى مناظرات، إلا أن نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية دائمًا ما تكون حُبلى بالمفاجآت اعتمادًا على حجم العطايا المقدمة.
الأوراق الرابحة
عُمر بايدن (81 عامًا) وقدراته الذهنية، وإخفاقاته في الداخل والخارج، أوراق ضغط يدرك ترامب كيف يلعب بها جيدًا على الطاولة، بهدف إقصاء العجوز من الحكم، وطرده من البيت الأبيض، إلا أن الجرائم الجنائية التي تحاصره (34 تهمة) قد تتسبب في شل يديه فلا يتمكن من صفع بايدن، فلم يحدث من قبل اتهام مرشح في مناظرة رئاسية بإدانة جناية، ما يجعل الدراما تسيطر على مشهد ضبابي لا يستطيع أحد التنبؤ بنهايته.
خياران أفضلهما سيئ أمام الناخب الأمريكي، إلا أن الأمور لا تدار بتلك الطريقة في “أرض الهنود الحمر”، المرشحان يقف خلفهما حزبان قويان لدى كل منهما حزمة من الإغراءات التي يستطيع من خلالها تمرير مرشحه حتى لو كان “عجوزًا” لا يقوى على الحركة أو “بلطجيًا” يحمل على كتفه “بؤجة” من الجرائم.
فاصل كوميدي
خيبة الأمل من المناظرة السابقة التي جرت بين جو ودونالد، (29 سبتمبر 2020) وتدني اللغة، وأساليب النقاش، والهجمات الشخصية، وكل ما احتوت عليه من ترويع وهدم للقيم الليبرالية الأمريكية، لا تبشر بأن تكون مناظرة الغد أفضل من سابقتها، خاصة مع سخرية ترامب اللاذعة من منافسه، واتباع المنهج نفسه من بايدن، ما يجعل مواجهة مساء اليوم أشبه بفاصل كوميدي، يخضع لمهارة كل منهما في النيل من الآخر، أو بالأحرى مسرحية كوميدية يمكن للعالم متابعتها في سهرة نهاية الأسبوع.
ومن المقرر أن تعقد المناظرة في “أتلانتا” الساعة التاسعة مساء غد الخميس 27 يونيو الجاري، في الوقت الذي تتقارب نتائج استطلاعات الرأي بين المرشحين الأكبر سنًا في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية (81 عامًا لجو مقابل 78 عامًا لدونالد).
الضعيف والمتغطرس
شبكة “سي إن إن” ترى أن أداء بايدن المتردد قد يؤدي إلى زيادة شكوك الناخبين الذين يعتبرونه ضعيفا. مقابل، أداء ترامب المتغطرس في المناظرة الأولى، ما يعزز مخاوف الناخبين من عودته إلى البيت الأبيض ومن ثم “الفوضى”.
لغة الجسد
الناخب الأمريكي على علم بلغة الجسد، يفحص كل حركة للمرشح تحت المجهر، لغة الجسد لا يمكنها فقط أن تكشف الأسرار، ولكنها قادرة أيضا على حسم المناظرة.
“سي إن إن” نقلت عن دوج سوسنيك (شغل منصب كبير المستشارين السياسيين للبيت الأبيض في حملة إعادة انتخاب الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون 1996) قوله: “يمكنك معرفة من الفائز في المناظرة من خلال مشاهدتها، مع إيقاف الصوت”.
أول مناظرة رئاسية متلفزة عام 1960، فضحت التناقض الجسدي بين جون كينيدي الواثق وريتشارد نيكسون المتردد، ما دعم حجة كينيدي، وأخبر الناخبين بأن لديه القدرة والطاقة لخدمة أميركا.
عادة ما يفضل الجمهوريون خطابا شعبويا، يتحدث فيه مرشحهم كتاجر شاطر إلى شعب يفهم في الاقتصاد، فيما يميل المرشح الديمقراطي إلى التحدث بلغة ملكية وفق قواعد الإتيكيت
فهل سيطيح رجل من لحم ودم يثور وينفعل ويهدد ويتوعد بآلة باردة تعزف لحنًا هادئًا مكررًا لا يتلاءم مع عالم سريع ينبض بالقسوة.. أم أن أسلوب الشوكة والسكينة ما يزال يجد رواجًا في المجتمع الأمريكي المتعالي؟… المناظرة بداية الإجابة عن السؤال.