الدكتور وائل فؤاد
بقلم: الشيخ أحمد ربيع الأزهري
نَعيشُ في عصرٍ لا يؤمن بغير القوة، قوةُ العلمِ والمعرفةِ ، وقوةُ المالِ والاقتصادِ وقوةِ السلاحِ والعتاد، ولم يَعد للضعفاء فيه مكان، وتحولت العلاقات إلى لغةِ المصالح والمصالح فقط ، وتوارت القيم وجفت ينابيع الإنسانية!!، من هنا كان من المهمِ أن نُذكر أُمتنا بـ “فريضة القوة”، تلك الفريضة الإسلامية،
فالإسلامُ يبتغي من أتباعهِ أن يكونوا أقوياءَ، فها هو أَبو هُرَيْرَةَ – رضِيَ الله عنهُ- يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ … » [رواه مسلم]، ولا يَظن ظان أن المقصود قوي الإيمان وفقط ،
بل المقصود المؤمن الذي يقرن مع قوة الإيمان علمًا ومعرفةً وذكاءًا وعزةً واستغناءًا ومنعةً ورهبةً.
والقرآنُ الكريمُ دعانا لتحصيل القوة ، مطلق القوة، فقال تعالى : ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ [الأنفال: 60]، والقوةُ هنا جاءت نكرة لتختلف بختلاف الزمان، فإذا كان العلماء القُدامى يُفسرون القوة بأنها “الرمي” وأنها “الحصون” وأنها “ذكور الخيل”،
فمعنى “الرمي” قديما الرمي بالسهام والنبال والرماح، لكنه حديثًا يكون بالصواريخ والقاذفات والطائرات المقاتلة، ولم تعد “الحصون” أسوارًا عاليةً بل منظوماتٍ للدفاعِ الجوي تَصدُ أي إعتداءٍ، و”ذكور الخيل” في زماننا فرق القوات الخاصة، كما أن العالم بعد “وباء الكورونا” أصبحت القوة فيه قوة منظومته الصحية وجيشه الأبيض المكون من الكوادر الطبية وما يملكه من أجهزة ومعدات طبية وإسعافية، ففي لحظة عشناها جميعًا أصبح “جهاز التنفس الصناعي” أشد أهمية من حاملة طائرات ..
لذلك جاء القرآن بلفظ “القوة” مفردة ونكرة ليظل أمر الاستعداد بالقوة تتغيير وسائله بلغة القوة في كل عصر، لذلك إن أردنا أن نُقيم سدًا يحمينا من الأعداء والوباء وإن أردنا أن نردم الفجوة بيننا وبين الآخر فلا من القوة جعلين من قول ذي القرننين ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾ منهاجًا لنا كما جاء في سورة الكهف يقول تعالى: ﴿قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ [الكهف: 95]، كما أننا يجب أن ندرك بأن القوة قوة العلم والمعرفة وتأملوا قوله تعالى: ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ﴾ [مريم: 12] .قال ابن كثير : “تعلم الكتاب ﴿بِقُوَّةٍ﴾ أي: بجد وحرص واجتهاد” والكتاب هو رمز العلم والبيان والهداية وهو مدخل المعارف والعلوم.
نُريد قوة نحمي بها ثغورنا نستدعيها في الملمات والشدائد، وتأملوا قول سيدنا “لوط” – عليه السلام – وهو في شدةٍ عندما اجتمع قومهُ للنيلِ من ضيوفهِ وهو يجهل أمرهم كيف تمنى “القوة” قال تعالى – على لسان لوط عليه السلام -: ﴿قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ [هود: 80] ، لذلك يجب أن نجتهد في تحصل أسباب القوة وأن نُحارب ثنائية “جهل الصناعة” و “صناعة الجهل”، وأن نستثمر في العقول لأن “الاستثمار في العقول أهم ما يحمي الثغور”، وأن نعلم أن القوة تكمن في “علم يرفع” و “وعي يجمع” و”عمل يدفع”، وأن القوة إتحاد وتعاون وتماسك واستشراف للمستقبل برؤى خلاقة ملهمة ، وقوة معرفية مبدعة.
بقلم: الشيخ أحمد ربيع الأزهري

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني