بقلم : جمال القاضي

يعاني الفلاح المصري الكثير من المشكلات التي تواجهه بصفة مستمرة ولم يلتفت إليه أحدا أو ينظر في حالته الإقتصادية والإجتماعية والصحية نظرة تجعله راضيا فيها عن نفسه وحياته
ومع جانحة كورونا صارت حالة الفلاح المصري في تدهور واضح في السنوات الأخيرة ، أصبح معها جنديا مقاتلا ، محاربا فيها الصعاب ، متحديا فيها للظروف الراهنة ، أملا منه بأن تتحسن الأوضاع ويصبح في حال أفضل من حاله بالأمس ، لكن جميع هذه الظروف التي أتت بها رياح الحاضر لم تكن في مصلحته أبدا ، فراح يعمل في صمت ، تحت سماء ماطرة ، وبرد يخترق أثوابه التي لم يمتلك من المال ماتجعله يستبدلها ، تحت لهيب الشمس وحرارتها المحرقة لوجهه ، يزرع ويسقي مازرعه ، ثم ينتظر حصاد ماغرسه بأرضه ، لكن حصاده كان ندما وحصرة ، قليل من المال لم يكفيه لسداد ديونه التي حصل عليها من هنا وهناك ، يجلس يوم الحصاد ،بوجه تراكم عليه غبار الحزن والحيرة ، يسأل نفسه كيف أقضي ماعليا من ديون ؟ ولم يجد لنفسه إجابة يستريح بها قلبه ، وربما راح يفكر في أن يبحث عن عمل آخر ربما منه يكتسب مالا أكثر ، لكن دون جدوى .
ولو بحثنا في مشكلات الفلاح لوجدنا منها الكثير فمنها على سبيل المثال لاالحصر
أولا : عدم وجود سياسة تسويقية واضحة تجعله يقوم بزراعة أرضه بنوع معين من المحاصيل تضمن له بالنهاية التصرف في محصول وبيعه بأسعار مرضية تغطي كل نفقات وتكاليف محصوله ويتبقى له هامش ربح يجعله يستمر في الزراعة بالموسم التالي .
ثانيا : القوانين التي يسمعها كل يوم ، منها الرسوم التي فرضت أخيرا على حفره للأبار أو إستخدامه المياه الجوفية ، كيف يجب عليه أن يدفع كل هذه الرسوم من أين لايدري، عليه أن يدفع ايضا التكاليف الازمة لزراعة محصوله ، وهو لايمتلك من المال مايكفي لزراعة التقليدية التي تعود زراعتها بأرضه ؟ كيف له أن يستأجر ماكينات لري تلك المحاصيل ودفع النقود الازمة لري محصوله من آبار جوفية مرخصة من قبل الغير وسعر الساعة الواحدة منها مرتفع للغاية ؟ وغيرها من القوانين التي تحظر زراعة المحاصيل المستهلكة للمياه مثل الأرز ، المحصول الذي يعالج ملوحة الأرض ويحسن من صفاتها ، ربما مع كل ذلك يفكر في ترك أرضه بدون زراعه لكن هناك قوانين آخرى تعاقبه بالغرامة إن تركها هكذا .
ثالثا : إرتفاع أجر العمالة اليومية
في السنوات الأخيرة رغم عدم وجود فرص عمل كثيرة للشباب إلا أن الكثير منهم لايرغب في العمل في مجال الزراعه ويفضل الراحة والجلوس في المنزل دون العمل في المزارع والحقول ، فقد يرى بعضهم أن العمل بالأجر عند الفلاحين عيبا في نظرهم ، وأنه متعلما ولايؤهله تعليمه بأن يعمل في هذا المجال ألا أن من يوافق منهم في هذا العمل الشاق يطلب أجرا عاليا مقابل ذلك ، حيث أصبح أجر العامل يتراوح مابين 150 – 200 جنيه في اليوم الواحد .
كيف يوفق الفلاح بين الأسعار المرتفعة للعمالة المرتفعة ، ومايتطلبه محصوله من تكاليف غيرها ؟
رابعا : إرتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات
قفذت أسعار الأسمدة قفذة لايتحمل إرتفاعها الفلاح ، حيث أن ثمن الجوال منها مابين 158 – 165 جنيه وهذا هو ثمنها المدعم ، لكن ثمنها يصل الى مايزيد عن 200 جنيه بالسوق الحر ، إلى جانب ذلك إرتفعت الأسعار للمبيدات إرتفاعا كبيرا .
خامسا : ضعف الرعاية الصحية
لو تمت مقارنة مايقدم للفلاح من خدمات علاجية بغيره لوجدنا فارقا كبيرا بينه وبين تلك الفئات التي يتم علاجها بالتأمين الصحي وغيره ، وماعليه إلا أن يدفع الكثير من المال ليتلقى العلاج على نفقته الخاصه كما يجب ، وهذه إضافة آخرى من الأعباء التي تواجهه في حياته .
وبالحسابات لأحد المحاصيل الرئيسية التي زرعت بالموسم الزراعي الماضي وهو محصول البطاطس ، هذا النوع من المحصول يكلف الفلاح تكاليفا باهظة من أسمدة وأجور عمال ، وخدمة الأرض وغيرها ، فماكان ثمن الكيلوا منه في أرضه لم يكن سوى نصف جنيه إلى جنيه واحد ، وبالرغم أن ماينتجه الفدان الواحد يتراوح مابين 15 إلى 20 طن ، إلا أن العائد منه قليل جدا ، حيث مايحصل عليه الفلاح يعادل 10 آلاف إلى 15 ألف جنيها لاتكفي لسداد ماعليه من ديون لهذا المحصول وحده ، أضف إلى ذلك قياسا لباقي المحاصيل .
وماهي إقتراحات الحلول ؟
أولا : وضع سياسة تسويقة مسبقة عن طريق التعاقد مع الأسواق الخارجية حتى يضمن الفلاح تسويق ماينتجه من محاصيل .
ثانيا تقديم دعم أكثر للفلاح عن طريق دعم للأسمدة وتوفير الآلآت الزراعية من قبل الدولة مقابل أجر مخفض لإستخدامها في خدمة الأرض والحصاد .
ثالثا : إنشاء مراكز لتجميع المحاصيل الزراعية تحت رعاية الدولة حيث تتولى عملية التصدير والتسويق وبالتالي يطمئن الفلاح بأن مايزرعه سيتم تسويقه دون تلاعب من التجار .
رابعا : تقديم الخدمات الصحة للفلاح مجانا فهو أولى من غيره بها .
وأخيرا لنعلم جميعا أن الفلاح هو العصب الذي تستمد منه القوة في مختلف المجالات ومقومات بقاؤها ،وهو الذي ينتج لنا مايتناوله يوميا من غذا فعلينا أن نهتم به جميعا ولانهمل تواجده كفئة عريضة واسعة الإنتشار بين أفراد المجتمع ، ولايمكن لنا أن نتقدم بدون الزراعة أو الإنتاج الزراعي .
بقلم : جمال القاضي

Loading