بقلم: الكاتب والسياسي/ سيد الأسيوطي

في مسيرة الأوطان، تظل هناك شخصيات استثنائية لا يُدرك قيمتها إلا مع مرور الزمن، رجالٌ صبروا على الابتلاء، وتحملوا المسؤولية في أحلك الظروف، فصاروا رموزًا للوطنية والوفاء.
أحد هؤلاء الرجال هو ما أسميه “المشير أيوب الحكيم”، بطلٌ حمل أعباء مصر في أصعب أيامها، وأدار دفة الدولة وسط عواصف كادت تعصف بالوطن كله.

قد يتساءل القارئ: من هو “أيوب الحكيم”؟ هو رمز للصبر والحكمة، رجلٌ لم يتحدث كثيرًا، لكنه حين تكلم كان صوته مطمئنًا، وحين تصرف كان فعله حاسمًا. إنه المشير محمد حسين طنطاوي، القائد الذي عاش لمصر، وقاتل من أجلها، وحماها في لحظة فارقة من تاريخها.

شارك المشير طنطاوي في معارك الوطن منذ شبابه، من الاستنزاف إلى نصر أكتوبر، حيث امتزجت دماؤه بتراب المعركة، ليكتب مع أبناء جيله ملحمة استرداد الكرامة. لكن معركته الكبرى لم تكن بالسلاح وحده، بل كانت بالصبر والحكمة في مواجهة الفوضى ومحاولات إسقاط الدولة.

بعد أحداث 2011، حين بدا المشهد ضبابيًا والخطر يهدد كيان مصر، تحمل طنطاوي المسؤولية. لم يكن يسعى إلى سلطة، ولم يبحث عن منصب، بل حمل الأمانة باعتباره ابنًا مخلصًا لهذا الوطن. واجه الضغوط، وتعرض لحملات شرسة من النقد والتجريح، لكنه صبر وصمد، مؤمنًا أن مصر تستحق التضحية، وأن بقاء الدولة أسمى من أي اعتبار.

إنه “أيوب الحكيم” بحق؛ صبر على الابتلاء، وتحمل الألم في صمت، ولم يساوم على مصلحة وطنه. واليوم، ونحن نستعيد ذكراه، ندرك أنه كان بطلًا من طراز خاص، حافظ على الدولة المصرية من الانكسار، وترك إرثًا وطنيًا سيظل خالدًا في الذاكرة.

رحم الله المشير محمد حسين طنطاوي، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه عن مصر خير الجزاء. سيبقى بطلًا في ذاكرة مصر، ورمزًا للصبر والحكمة والإخلاص.

Loading