بقلم: يسرى فاروق
يخطئ من يظن إن الانسحاب الامريكى من افغانستان جاء نتيجة هزيمتها العسكرية او كما يبرر لها إعلاميا بانتهاء دورها في افغانستان وسفر الرئيس الافغانى و اختفاء الجيش الافغانى، وهناك من عدد خسائر الولايات المتحدة بالتليارات ( إلف مليار ) من الدولارات و المتتبع للمشهد الافغانى يجد إن ألاف القطع الحربية تركت بالمفتاح مستباحة لطالبان و سهوله دخول طالبان لكابول و الاستيلاء السريع على كل مؤسسات الدولة ليس وليد صدفة إنما هو أمر مخطط له بدقة قبل احتلال افغانستان بمدة طويلة ، وكذلك تصدير صورة الشعب الافغانى و الذي احتشد بالمطار و صورة الإفراد الأفغانيين الذين تعلقوا بعجلات الطائرة و سقوطهم منها .
المكاسب الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية
1- ما تم صرفه على الجيش الافغانى استفادت به الشركات الأمريكية و ما تم نشر أرقامه كان مبالغ ضخت للاقتصاد الامريكى عبر مشروعات تدريب و توريد أسلحة و بناء قواعد وخلافة و هذا الآمر هو المتبع في السياسة الامريكية إعطاء معونات تحدد للصرف للشركات الامريكية فلم نسمع عن توريد أسلحة للجيش الافغانى من خارج الشركات الامريكية .
2- الشركات الامريكية و التي تعمل فى افغانستان من أول يوم الغزو الامريكى قامت باستنزاف المعادن و الثروات النفيسة لأفغانستان وعلى سبيل المثال لا الحصر معدن الليثيوم النادر و الذى يستخدم فى صناعات كثيرة منها البطاريات وغيرة من المعادن النادرة و التى تعتبر مدخلات لصناعات لأحصر لها ، فقد قامت هذه الشركات عبر طيلة عشرون عاما باستنزاف الموارد الطبيعية و الثروات الأفغانية بل وصلت لحد النضوب الاقتصادى اى ان المتبقى منها مكلف اقتصاديا ( كتكلفة استخراج و العائد منه) و بذلك ما تم استخراجة خلال تلك الفترة يعادل ما كان يجب استخراجة خلال مائة عام فى ظروف اخرى.
3- زيادة المبيعات الامريكية للاسلحة كالبائع الاكبر فى العالم بمقدار يفوق ما تم انفاقة فى افغانستان بعشرات المرات خلال العشر سنوات القادمة نتيجة للهاجس الامنى المتزايد لدى المنطقة العربية ، فنحن امام تسونامى للتسلح يفوق كل الموجات السابقة و التى سعت اليها الدول العربية من الخوف على مستقبل دولهم فى ظل هذا الانسحاب المخطط و تسلط طالبان و الدعم النفسى الهائل الذى اكتسبته الجماعات المتطرفة و التى تهدف الى اسقاط انظمة الحكم بالدول العربية و تاتى فى مقدمة الدول التى ستقوم بالتسلح السعودية تليها مصر تليهم دول الخليج العربى ثم دول المغرب العربى و السودان ، فخلال عدة شهور قليلة قادمة ستقوم الجماعات المتطرفة باعمال عنف شديدة مستندة بشعورها بالنصر و الدعم المادى و المعنوى من طالبان و التى ستصبح الاراضى الافغانية منصة لتصدير الارهاب للوطن العربى ، ومن خلال ذلك ستتزايد الصفقات الامريكية للاسلحة بما يضمن مبيعات و عقود تسليح و تدريب و صيانه لمدة ثلاثون سنه قادمة ، وهذا يعنى مزيد من التوظف و فرص العمل فى الولايات المتحدة و انتعاش الاقتصاد الامريكى بشكل غير مسبوق.
4- نتيجة لوجود الولايات المتحدة الامريكية فى افغانستان لمدة 20 عاما استطاعت اختراق الجماعات هناك بشكل كبير وعن قصد و كذلك تكوين قادة و جماعات تلعب لصالحها و هذا بهدف تحقيق مكسب اقتصادي كبير عبر بيع المعلومات الاستخبراتيه للدول عن هذه الشبكات الإرهابية ، بل و تحقيق مكاسب سياسية و اقتصادية هائلة ، وتعد تجارة المعلومات الاستخبراتيه من اهم مصادر الدخل لعدد من الدول و بالطبع نظرا لسريه هذه المعلومات و الصفقات لايمكن وضع ارقام حقيقية عنها و انما نستطيع التكهن بانها قد تتساوى مع ارقام صفقات الاسلحة ان لم تكن تزيد عنها.
5- وجود طالبان فى افغانستان اعطى ايران دفعة قوية و سوف يشهد العالم دعم كبير بين ايران و افغانستان خلال الفترة القادمة مما يؤثر على دول الخليج تأثيرا قويا و يدفعها الى تقديم تنازلات كبيرة للولايات المتحدة و اسرائيل (من وراء الستار) للوقوف امام ايران و التى ستتعاظم دورها خلال الفترة القادمة و ان كنت اظن ان المكاسب الامريكية من هذة النقطه فى ضمان استمرار تدفق النفط العربى و استنزافه باقل الاسعار و التى نستطيع القول عنها انها متدنية و التاثير على سوق النفط العالمى اوبك بمزيد من الانتاج النفطى العربى ليصبح السوق سوق عارضين و ليس سوق مشترين و ليزيد العرض فية عن الطلب و ذلك لضمان تنافسية الاقتصاد الامريكى و لاستنزاف الثروات العربية .
6- وجود طالبان فى افغانستان اعطى قبله الحياه للاقتصاد الامريكى عبر اضعاف الاقتصاد الصينى و الاقتصاد الروسى و ذلك عبر زيادة الانفاق العسكرى الصينى وزيادة نفقات الدفاع و تعزيز التواجد على الحدود بين الصين و افغانستان بالاضافة الى اثاره القوميات العرقية الاسلاميه و دعمهم بالاسلحة و الرجال و تنفيذ العمليات التى تزعزع الاستقرار الداخلى فى الصين الامر الذى سيكون له مردود اقتصادى كبير او فى اقل السيناريوهات تشائما ابطاء الاقتصاد الصينى و عدم تجاوزة للاقتصاد الامريكى ، فمن ناحية زيادة الاقتصاد الامريكى بمبيعات السلاح و المعلومات و شراء البترول باسعار منخفضة ومن ناحية اخرى ابطاء الاقتصاد الصينى وزيادة النفقات الدفاعية . وكذلك بالنسبة لروسيا العدو القديم لافغانستان و العدو الاقرب اليها وسوف تعمل طالبان على اعادة دعم الششيشان بالمجاهدين و الاسلحة و الدعم اللوجيستى و احياء الجهاد الاسلامى ضد روسيا ، الامر الذى سوف يكبد الاقتصاد الروسى خسائر اقتصادية كبيرة.
7- تهديد طريق الحرير الذى قامت به الصين و محاوله اضعاف الصادرات الصينية عبر هذا الطريق ,و الذى تفلت به الصين و انفقت علية مليارات الدولارات وذلك كنوع من ابطاء الاقتصاد الصينى.
8- شوكة فى ظهر اوروبا لتهديدها فى حاله خروجها عن سيطره السياسات الامريكية عبر تصدير الارهابين اليها برعاية تركيا او بغض النظر عن خروجهم من افغانستان الى اوروبا عبر تركيا ، و المتتبع لنهج السياسه الاوروبية خلال الفترة السابقة يلاحظ صعود نبرة الخلافات الاوروبية الامريكية و تنافس الاقتصاد الاوروبى للاقتصاد الامريكى و زيادة المبيعات الاوروبية من الاسلحة للعالم العربى و هذة الخلافات على ملفات كثيرة و بانسحاب امريكا من افغانستان و استيلاء طالبان على الحكم هناك و الخوف الاوروبى من الحركات المتشددة و الارهابية هناك ، سنجد موقف موحد مع الولايات المتحدة من اوروبا و لن تحاول دوله اوروبيه الخروج عن السياسة الامريكية و ان حاولت ستجد العقاب المباشر و السريع.
الفائزين الاخرين و هم الهند و ايران و تركيا
اكثر الدول مكسبا بعد الولايات المتحدة الامريكية من الانسحاب من افغانستان هى الهند ، حيث ترتبط بعلاقات وثيقة مع الشعب الافغانى و كانت ولا تزال من اكثر الدول مساعدة للشعب الافغانى و يكن الشعب الافغانى للهنود و لدوله الهند احتراما ومكانه خاصة و كذلك طالبان .
و بالتالى سيتم اسناد المشاريع التنمويه للشركات الهندية ، بالاضافة للمكاسب الهندية من بيع المعلومات الاستخبراتية للعالم عن الشبكات الارهابية و تلى الهند فى المكاسب ايران حيث تعم الفرحة ايران بانهزام الولايات المتحدة امام طالبان (كما يزعمون) وذلك اعطى النظام هناك دفعة قويه اما شعبه فى حربه على الولايات المتحدة و بذلك تضعف اى معارضة حقيقية فى ايران بل تعتبرها فى هذه الحاله روح انهزامية يجب القضاء عليها ولسان حال النظام الايرانى يقول ” ها هى افغانستان تنتصر ما بالك بايران فالنصر قريب” ، فلا يوجد مجال لاى معارض هناك و تسريع بيع الوهم للشعب الايرانى و الهاب المشاعر و بذلك تضمن السيطرة على الوضع الداخلى و اخافة دول الخليج العربى و بالاكثر السعوديه .
و يلى ذلك تركيا و التى حاولت منذ الاعلان عن الانسحاب الامريكى ان تجد لها دورا و تضع موضع قدم فى افغانستان ، مرة عبر حمايه مطار كابول و مرة اخرى عبر محاوله دعم طالبان الخفية و رعاية المحادثات التى جرت فى الدوحة و غيرها من المحاولات الاخرى، وذلك لايجاد لها نصيب فى الكعكه الافغانية ،و تانى مكاسب تركيا فى بيع الاسلحة لطالبان مقابل الافيون ، ومن جهة اخرى بيع المعلومات الاستخبراتية ,من جهة اخرى بيع الخوف و ابتزاز الدول الاوروبيه عبر ظهور تركيا بدور صمام الامان لاوروبا و شرطى المنطقة ضد الحركات الارهابية المستهدفه دول اوروبا (كما فعلت سابقا باللعب بورقة المهاجرين السوريين) و بذلك تترجم تركيا هذا الخوف و التهديد و الابتزاز لاوروبا فى شكل مكاسب اقتصادية ، كما تستخدم تركيا هذا التيار فى ضرب الانظمة العربية المعادية لها و ابتزازها اقتصاديا لدول الخليج و السعودية و ضرب الاستقرار فى مصر ، حفظ الله مصر وشعبها و رئيسها.