بقلم أشرف هوازل

إن العالم الذي نعيش فيه اليوم ـ في أنحاء الأرض ـ هو عالم الاضطراب والقلق والخوف ، والأمراض العصبية والنفسبة .
باعـتراف عـقلاء أهله ومفكريه وعلمائه ودارسيه ، وبمشاهدات المراقبين والزائرين والعابرين لأقطار الحضارة المادية .
وذلك علي الرغم من كل ما بلغته الحضارة المادية ، والإنتاج الصناعي في مجموعه من الضخامة في هذه الأقطار .
وعلي الرغم من كل مظاهر الرخاء المادي التي تأخد بالأبصار .
ثم هو عالم الحروب الشاملة والتهديد الدائم .
بالحروب المبيدة .
وحرب الأعصاب .
والاضطرابات التي لا تنقطع هنا وهناك .
إنها الشقوة البائسة المنكودة .
التي لا تزيلها الحضارة المادية .
ولا الرخاء المادي .
ولا يسر الحياة المادية وخفضها ولينها في بقاع كثيرة .
وما قيمة هذا كله إذا لم ينشئ في النفوس السعادة والرضي والاستقرار والطمأنينة .
إنها حقيقة تواجه من يريد أن يري ، ولا يضع علي عينيه غشاوة من صنع نفسه كي لا يري .
حقيقة أن الناس في أكثر بلاد الأرض رخاء عـاماً .
في أمريكا ، وفي السويد ، وفي غيرهما من الأقطار التي تفيض رخاء ماديــاً .
أن الناس ليسو سعداء .
أنهم قلقون يطل القلق من عيونهم وهم أغنياء .
وأن الملل أكل حياتهم وهم مستغـرقـون في الإنتاج .
وأنهم يغـرقون هذا الملل في العـربدة والصخب تارة .
وفي التقاليع الغريبة الشاذة تارة .
وفي الشذوذ الجنسي والنفسي تارة .
ثم يحسون بالحاجة إلي الهرب .
الهرب من أنفسهم ومن الخواء الذي يعشش فيها .
ومن الشقاء الذي ليس له سبب ظاهر من مرافق الحياة وجريانها .
فيهربون بالانتحار .
ويهربون بالجنون .
ويهربون بالشذوذ .
ثم يطاردهم شبح القلق والخواء والفراغ ولا يدعهم يستريحون أبــــــداً .

Loading