كَتَبَُ: أبُو أحمد سيِّد عَبْد الْعَاطِي
الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ
أمَّا بَعْدُ:
فَاللهُ سُبْحَانَهُ نُورٌ وَالقُرْآنُ كَلَامُهُ وَقَدْ وَصَفَهُ اللهُ بِالنُّورِ فَمَا أحْوَجَنَا إلَى تَدَبُّرِ آيَاتِهِ لِنُحَقِّقَ الْإبْصَارَ.
قَالَ اللهُ تَعَالَى:
{مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ “32” إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ “33” إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.”المائدَةُ:32:34″.
فَبَعْدَ أنْ قَصَّ الْقُرْآنُ قِصَّةِ ابْنَيْ آدَمَ -عَلَيْهِ السَّلَام-وَكَيْفَ قَتَلَ الْأخُ آخَاهُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا وَسَنَّ الْقَتْلَ فِي أرْضِ اللهِ يُحَذِّرُ اللهُ تَعَالَى أهْلَ الْكِتَابِ مِنَ الْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ لأنَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقٍّ فَكَأنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا،وَكَذَلِكَ مَنْ أحْيَاهَا بِحِفْظِهَا وَتَوْفِيرِ أمْنِهَا وَتَحْقِيقِ الْحَيَاةِ الْكَرِيمَةِ لَهَا فَكَأنَّمَا أحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا.
وَبَيَّنَ حَالَ الْمُحَارِبِينَ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَهُمْ الْمُفْسِدُونَ فِي الْأرْضِ بِالْكُفْرِ وَالظُّلْمِ وَالتَّجَبُّرِ وَقَتْلِ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهِ إلَّا بِالْحَقِّ،
وَأخْذِ الْأمْوَالِ بِالْبَاطِلِ وَإهْلَاكِ الْحَرْثِ وَالنَّسْلِ،وَإخَافَةِ الْخَلْقِ، وَقَطْعِ السُّبُلِ،فَهَؤلَاءِ الْمُحَارِبُونَ للهِ وَرَسُولِهِ السَّاعُونَ فِي الْأرْضِ فَسَادًا عِنْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِم أنْ يُفْعَلَ بِهِمْ وَاحِدٌ مِنَ الْعُقُوبَاتِ الْمَذْكُورَةِ هَذَا فِي الدُّنْيَا،وَفِي الْآخِرَةِ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمْ.
فَإلَى كُلِّ ظَالِمٍ وَقَاطِعٍ للسُّبْلِ وَمُفْسِدٍ فِي أرْضِ اللهِ الْبِدَار الْبِدَار بِالتَّوْبَةِ إلَى اللهِ تَعَالَى وَرَدِّ الْمَظَالِمِ قَبْلَ الْفَوْتِ وَقَبْلَ الْمَوْتِ،فَالْيَوْم عَمَلٌ وَلَا حِسَاب وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَل وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.
اللَّهُمَّ ارْفَعْ مَقْتَكَ وَغَضَبَكَ عَنَّا،وَلَا تُؤاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا،وَاجْعَلْ مِصْرَ أمْنًا آمَانًا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ،
وَآخِرُ دَعْوَانَا أنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.