إن الثقافة والتراث يندمجان ليشكلان مفهوما واحد يعود الى التقارب والتداخل في كثير من الأحيان، فالتراث يعني التقاليد والعادات التي يتناقلها جيل عن جيل ومن ضمنها الثقافة التي تشير الى طريقة الحياة الكلية لشعب من الشعوب، من هنا جاءت مفهوم جهوية الثقافة أو ثقافة الجهة لتشكيل ضوءا وعاملا تنمويا حقيقيا يتيح للمواطنين تحقيق ذواتهم فكيف بجهات ثلاث ( العيون، كليميم ، الداخلة) أعطاهم جلالة الملك محمد السادس رؤية متكاملة تستدعي الجمع بين التنمية والبنية التحتية والإهتمام بالثقافة لأنها تشكل قاعدة للتراث وتتماشى مع مقومات مغرب أكثر فعالية ودينامية و نماءا لهذا الموروث بكل أطايفه.
مهرجان القصيدة البدوية الحسانية الذي إنطلق يوم الجمعة بمساهمة وزارة الشباب و الثقافة والتواصل ، بقطاع الثقافة ملاذا أمنا للحفاظ على التراث الحساني وصونه من الضياع، خلال الفترة من 6 دجنبر الى 8 دجنبر 2024 بساحة دار الثقافة أم السعد العيون، وتحت شعار ” القافية…. صيانة للهوية ودفاع عن الثوابت الوطنية”.
ويعدّ هذا المهرجان ظاهرة ثقافية فريدة تنظّمها المديرية الجهوية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل بنسخته السادسة ، ويحظى بمشاركة واسعة من مبدعين شعراء ومثقفين وجمهور ، يقدّمون خلاله أبرز ثقافات الصحراء المغربية بأشعارهم وبإبداعهم.
وقال المندوب الجهوي لوزارة الثقافة حمودي الفيلالي في حديثه للجريدة :” تأتي الدورة السادسة في إطار المجهودات الملكية بعد اعتماد الفصل الخامس للدستور للحفاظ على الثقافة الحسانية بإعتبارها مكون من مكونات الهوية الوطنية.
وتابع السيد الفيلالي:” لذلك انتهجت المديرية العامة تنظيم مهرجان القصيدة البدوية الحسانية الذي يلم بين جنابته جميع شعراء الأقاليم الجنوبية الثلاث ويتميز بمجموعة من القصائد والمسابقات الشعرية ، وأوضح الفيلالي: أنه إختير شعار القافية …دفاعا عن الهوية ودفاعا عن الثوابت الوطنية ، مما يجعل القافية مسجلة ومخلدة للتنمية الثقافية في عهد محمد السادس بل أيضا إستخدام نموذج تنموي وتعزيز القطاعات الثقافية وتشديد الإهتمام بالفن والمبدعين مما يؤكد العناية بمهرجان ثقافي من هذا النوع والمضي قدما للحفاظ على هذا الموروث الثقافي للأقاليم الجنوبية”.
ومن جانبه أكد فيه الشاعر ماء العينين رئيس اتحاد الأدباء للجهات الثلاث قائلا:”أن هذا الإفتتاح في نسخته السادسة جعل الشعر محافظا على الهوية الوطنية ، وتحدث فيها أن القصيدة الوطنية عرفت إزدهارا ، وأوضح: “أنها فرصة جيدة أن يكون هناك شعراء ومبدعين يجتمعون من أجل مشاركة تجارب فيما بينهم ، وكذلك لعرض حصيلتهم من الإنتاج الشعري أمام قمات أدبية وناقدة “.
ويصف الشاعر من كليميم أحمد بو عمرا:” إن حضور المثقفين والمفكرين والنقاد والأدباء والشعراء من داخل الوطن وخارجه يدل على اهتمام واسع بهذا المهرجان، وأضاف:” فالقصيدة الحسانية البدوية أضافة مميزة للشعراء “.
من جهته حضر مندوب الصناعة التقليدية ببوجدور السيد محمد فاضل الفيرس الذي ألقى كلمة نوه بهذا النوع من المهرجانات وذلك على إثر خيمة الأدب والتي جمع فيها الشعراء بالروائيين، تناولت القصيدة و اللهجة الحسانية وحضور التراث الحساني في الرواية ، وقد قال الروائي والشاعر محمد النعمة بيروك عن الدور الذي تلعبه مثل هذه التظاهرات والمهرجانات :”لاشك أن هذه التظاهرات والمهرجات مثل القصيدة البدوية الحسانية وغيرها هي نادرة في الحقيقة، ولكن على قلتها هي متنفس بالنسبة للمتلقي وبالنسبة للمبدع، ولأن الكاتب أو الشاعر يجب أن يعبر عن نفسه فهو لايجد كثير من الفرص التي تتيح له ذلك ، فهذه المهرجانات أولا للتعبير عن نفسه لكي يسمع أو ينتشر ، وأضاف:” تمكن الكاتب أو المبدع أو إن كان روائي أو مسرحي أو غير ذلك تمكنه من إلتقاء وجوه أدبية وشعرية وايضا وايضا يجدد لقاء بجمهوره فهي مهمة بالنسبة للمبدع وبالنسبة للمتلقي الذي يكسر روتين المحمول والتلفازوحتى في الحياة العامة ويشعر المتلقي بأنه يتشكل بشكل جدي ويستفيد من مثل هذه المهرجانات والتظاهرات “.
وشهدت الجلسة الإفتتاحية للمهرجان تكريم عدد من القامات الأدبية الحسانية ، تقديرا وتثمنيا لجهودهم الفكرية في العطاء الأدبي والشعري ، وفي المقابل كرم السيد المدير حمودي الفيلالي عدد من الشخصيات الوازنة التي حضرت الحفل ، وأعلن في الثامن من ديسمبر إسدال الستار على النسخة السادسة من مهرجان القصيدة البدوية الحسانية.
وكانت العيون قد إستضافت في الأعوام الأخيرة العديد من فعاليات الثقافة العربية بينها مهرجانات شعرية وندوات أدبية وفكرية وثقافية أعطت زخما لهذه المدينة التي تقف بسبب تنميتها إلى كبرى مدن المغرب.