بقلم: زكريا كرش
لكل قوة جانب هش، ولكل جماعةٍ نقطة ضعف قد تكون سبب نهايتها. بعض الناس يخشى على أسرته، وآخرون على أموالهم، والبعض لا يملكون شيئًا يخسرونه، فتراهم أكثر جرأة وأقل ترددًا. الحوثيون – في بداياتهم – كانوا كذلك؛ لا شيء يربطهم بالحياة سوى السلاح، ولا خسائر يخشونها سوى الموت، الذي لطالما رآه قادتهم شرفًا لا يُخيفهم.
في سبتمبر 2014، حين انطلق الحوثيون للسيطرة على عدد من المحافظات، بدا واضحًا أنهم لا يهابون شيئًا، وكانوا يدخلون المعارك بثقة وثبات. السبب بسيط: لم يكن لديهم ما يخسرونه. أغلى ما يملكونه كان سلاحهم الشخصي، وهذا ما جعلهم أكثر شراسة وأقل ترددًا. ضعفهم كان شبه معدوم، إن لم يكن غائبًا كليًا.
لكن بعد 11 عامًا، تغيّر كل شيء. بات للحوثيين مشاريع ومنازل فارهة، وبعضهم يعيش في أبراج شاهقة، ويمتلكون ثروات تُقدّر بملايين الدولارات. صارت لديهم مصالح يخشون ضياعها، وتحول الحذر إلى عنوان أساسي في سلوكهم.
سنوات العز والثراء أضعفتهم؛ كبرت بطونهم واعتادت أجسادهم على الراحة، ولم تعد لديهم تلك الروح القتالية الأولى. وبدت ملامح هذا الضعف واضحة، خاصة بعد الضربات الأمريكية الأخيرة التي أربكتهم وكشفت هشاشتهم. اقتصرت ردودهم على البيانات والاستنكارات، وصواريخهم – إن أُطلقت – إما تسقط قبل الوصول أو لا تصيب هدفها بدقة. تحوّلت حربهم إلى مجرد مناورات إعلامية.
وهنا تحديدًا، تلوح أمام الحكومة الشرعية فرصة نادرة، قد لا تتكرر: فإن أرادت استعادة صنعاء وبقية المحافظات، فالوقت الآن وليس غدًا.
يعيش الحوثيون حالة من الارتباك الحقيقي، خصوصًا بعد استهداف مراكز قوتهم ومقتل عدد من قادتهم من الصف الأول. ومن هنا، على القيادة الشرعية الإسراع بتفعيل الجبهات، والزحف البري باتجاه صنعاء، بالتزامن مع الضربات الجوية. هذا التشتت في صفوفهم سيمنح القوات الشرعية فرصة حقيقية لتحقيق تقدم ملموس.
لكن تبقى الأسئلة الكبرى التي لا بد أن تُطرح: هل الحكومة الشرعية مستعدة فعلًا لخوض معركة التحرير؟
هل ستتحرك هذه المرة بجدية؟
وهل ما نشهده اليوم هو بداية نهاية الحوثيين؟
أم أن هذه الضربات لن تزيدهم إلا تماسكًا كما في مرات سابقة؟