عبده حسن

يعتبر الهجوم الإرهابي الذي وقع في قاعة الموسيقى بمنطقة كروكوس سيتي هول خارج موسكو، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 130 شخصًا، صدمة للكرملين، إذ يبدو كهجوم جهادي ينطلق من آسيا الوسطى في وقت يتركز فيه الاهتمام على أوكرانيا.

وفي ظل المراهنة التي قام بها الرئيس فلاديمير بوتين على دوره كمدافع عن الوطن الروسي، فإنه بحاجة ماسة إلى الرد على هذا الهجوم، ولكن يواجه تحديات صعبة في اتخاذ الخطوات المناسبة.

فيما تم اعتقال أحد عشر شخصًا حتى الآن، بما في ذلك أربعة مسلحين مزعومين وسبعة آخرين يُعتقد أنهم متواطئون.

ومن الملاحظ أن الأشخاص الأربعة المعتقلين ليسوا من المواطنين الروس، بل من جنسيات مختلفة، بما في ذلك الطاجيك.

وكان بعض هؤلاء المشتبه بهم يعملون في أعمال التنظيف أو الصيانة في كروكوس، مما سمح لهم بتخزين الأسلحة مسبقًا.

كما تظهر التقارير الأولية أن قوات الأمن الروسية تتجه نحو قبول بيان المسؤولية الذي أصدره تنظيم داعش في خراسان، وهو فرع محلي تابع للتنظيم الإرهابي العالمي.

وعلى مدى السنوات العديدة الماضية، كانت الحركات الجهادية تشكل تهديدًا جسيمًا للأمن الروسي، وقد أعلن تنظيم داعش في خراسان مسؤوليته عن بعض أخطر الهجمات في البلاد، من بينها تفجير محطة المترو في مدينة سانت بطرسبرغ عام 2017، الذي أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا والجرحى.

وتتمركز أنشطة تنظيم داعش في خراسان بشكل رئيسي في مناطق متنوعة من أفغانستان وآسيا الوسطى، إلا أنه يبدأ الآن في التركيز بشكل متزايد على روسيا، التي يعتبرها التنظيم عدوًا للإسلام على نمط اعتباره للولايات المتحدة.

و يُشير التنظيم إلى تدخل روسيا العسكري في سوريا عام 2015، حيث دعمت نظام الرئيس بشار الأسد في مواجهة المتمردين، بما في ذلك مقاتلي داعش، فضلاً عن دعمها للحكومات المحلية في آسيا الوسطى التي تواجه التنظيم نفسه.

أما بالنسبة لروسيا، يُعتبر أكثر من 10% من سكانها مسلمين، وقد أصبحت الحركات الجهادية تسيطر على بعض مناطق الشمال القوقاز، حيث تقع الجمهوريات غير المستقرة مثل الشيشان وإنغوشيتيا وداغستان، والتي تمتد من بحر الآزوف إلى قزوين.

و هذه المناطق تشهد تمركزًا كبيرًا للحركات المتمردة والجهادية المحلية، وهي تعتبر مكانًا خصبًا لنشاط تنظيم داعش وفروعه المحلية، وكان تنظيم القاعدة أول من أكد وجوده في المنطقة، تلاه تنظيم داعش فيما بعد.

فعلى الرغم من ذلك، فإن الروس يتمتعون بخبرة واسعة في التعامل مع التهديدات القادمة من شمال القوقاز، حيث يمتلكون شبكات موثوقة من المخبرين المحليين والمحللين المتمرسين.

ومع ذلك، تكمن التحديات في التصدي للتهديدات القادمة من آسيا الوسطى، حيث تكون قدراتهم أقل بكثير.

وهذه الأخبار تأتي بشكل سيء للغاية بالنسبة للرئيس فلاديمير بوتين، إذ أن روسيا تعرف جيدًا ما هي عواقب الإرهاب، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1300 شخص خلال فترة حكمه التي بلغت 24 عامًا.

فمن المتوقع أن يكون الرد الأول من الحكومة الروسية هو شن حملة على المتشددين والمتعاطفين معهم في آسيا الوسطى.

ومن الواضح أن هذا الرد قد يكون عنيفًا وغير متناسب، كما تشير التجارب السابقة، ومع ذلك، فإن هذا الخيار يحمل مخاطر كبيرة.

ويواجه الاقتصاد الروسي أزمة فيما يتعلق بالعمالة، حيث بلغت معدلات البطالة مستويات قياسية منخفضة، وتضطر الشركات إلى زيادة الأجور لتنافس على العمال.

وتحتاج البلاد بشدة إلى وجود العمالة القادمة من آسيا الوسطى، حيث يقوم هؤلاء العمال بأداء العديد من الوظائف التي لا يفضلها الروس، وذلك مقابل رواتب لن يوافق عليها الروس، وقد يقنع القمع العنيف الذي قد يتبعه النظام بعض الأشخاص بالمغادرة.

بالإضافة إلى ذلك، قد يثير هذا السيناريو غضب حكومات آسيا الوسطى، التي تشعر بأنها أقل تخوفًا من موسكو في الوقت الحالي.

ومن المعروف أن التسامح من قبل هذه الحكومات يعد أمرًا حيويًا لاستمرار استيراد “السوق الرمادية” للسلع الحيوية، بدءًا من قطع الغيار وصولًا إلى الرقائق الدقيقة، التي تنتهك العقوبات الدولية.

 

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني