كتب _ عبدالرحمن شاهين
يحب بعض الناس الحصول على المناصب والسلطة، حيث يعتبرونها نهاية المطاف، غير مدركين أن قيمة الإنسان الحقيقية لا تُقاس بمكانته، وإنما بما يخلفه من إرث نافع للبشر. يجب ألا تحكم على قيمتك وأنت تجلس على كرسي السلطة، فالقيمة تكون للكرسي ذاته، لا لك أنت.
قيمتك الحقيقية تبرز في حب الناس لك بعد رحيلك. المناصب لن تدوم لأحد؛ فكم من مسؤول غادر منصبه ولم يبقَ له سوى ما ترك من أثر؟ عدد قليل هم أولئك الذين يترك رحيلهم تأثيرًا حقيقيًّا، لأنهم قدّموا الخير للناس. فذهب منصبهم وبقي أثرهم. كما قال الله تعالى: “فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ”.
كن دائمًا من الذين يوحّدون الناس، ولا تستغل سلطتك لتفريقهم، لأن ذلك سوف يصنع لك إما تاريخًا مشرفًا أو يدفع بك إلى هامش التاريخ. المناصب لا تصنع الرجال؛ بل الرجال هم من يصنعون المناصب. وعند تقاعدك من منصبك، سينساك كل الذين كانوا حولك ما عدا الشخص الذي ظلمته؛
لذلك كن حذرًا ألا تؤذي أحدًا في منصبك، لأن الظلم سيبقى رغم زوال الكرسي. دعوة المظلوم يرفعها الله وينتقم له، مهما طال الزمن. هذه الحقائق معروفة للجميع إلا أن البعض يغفل عنها تحت متعة المنصب والمال،
مخدوعًا بقوته ونفوذه، ناسيًا ضعفه البشري وحقيقة أن فيروس صغير يمكنه أن يُمرضه ويشله. كما قال الله تعالى: “ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ“.
كيف يمكن أن ينام الظالم مطمئنًا وعينه لا تغمض؟ الدنيا قصيرة وكلها زوال، ولن يبقى منها إلا سيرتك الحسنة أو السيئة. فاعتبر وتذكر بما قال الله تعالى: “وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ“، ودوام الحال من المحال.