وبينما أظهر استطلاع الرأي، الشهر السابق، أن شعبية بايدن بين الأمريكيين العرب انخفضت من 59% عام 2020 إلى 17% حاليا، خرج، أمس الأحد، زعماء أمريكيون مسلمون من ست ولايات متأرجحة، تعد حاسمة في انتخابات الرئاسة المقبلة، بحشد مجتمعاتهم ضد إعادة انتخاب بايدن، وذلك بسبب دعمه لحرب إسرائيل على غزة.
ووفقا لما نقلته وكالة رويترز، تعد الولايات الست من بين الولايات القليلة التي أتاحت لبايدن الفوز في انتخابات 2020، وقد تؤدي معارضة مجتمعاتها المسلمة والعربية الأمريكية الكبيرة إلى تعقيد طريق الرئيس نحو الفوز بأصوات المجمع الانتخابي في العام المقبل.
– لماذا تراجعت شعبية بايدن بين الأمريكيين، وهل يعرقل العدوان على غزة إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي جو بايدن؟
عن ذلك، قالت الدكتورة حنان أبو سكين، أستاذ العلوم السياسية إن شعبية الرئيس الأمريكي جو بايدن تراجعت بشدة وفقا لاستطلاعات الرأي الصادرة عن مراكز بحثية مرموقة في أمريكا وبريطانيا، التي أجريت الفترة الحالية، بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي من المقرر انعقادها بعد عام في شهر نوفمبر 2024.
وأكدت أستاذ العلوم السياسية في تصريحات لـ”الشروق” أن عدة استطلاعات للرأي أشارت إلى وجود تغير وانخفاض ملحوظ في شعبية جو بايدن، مشيرة إلى أنه ورغم تعدد الأسباب وخاصة فيما يتعلق بالأوضاع الداخلية في أمريكا، فإن موقف بايدن من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يعد السبب الأول في تراجع شعبيته بين الأمريكيين وخاصة الشباب.
– أسباب تراجع الشعبية
وحول أسباب تراجع شعبية جو بايدن بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة، قالت أبو سكين إن بايدن هو زعيم الحزب الديمقراطي، وهو الحزب الأمريكي المعروف تاريخيا بأن داعميه من الأمريكيين المطالبين بتحقيق الديمقراطية والداعمين لقيم الحرية والإنسانية والرافضين للعنصرية بشكل كبير، لذلك فمنهم عدد كبير جدا من الأمريكيين من أصول أفريقية وعربية والمسلمين والمهاجرين.
وأوضحت أن نمط التصويت في الانتخابات الأمريكية دائما ما يشير إلى أن الأمريكيين من أصول أفريقية وعربية يصوتون للحزب الديمقراطي، مؤكدة أن موقف جو بايدن المنحاز جدا لإسرائيل هو ما أثر على شعبيته، لأن غالبية جمهوره من أصول عربية وأفريقية ومسلمة، يرفضون الانحياز المطلق لإسرائيل.
وحول انحياز جو بايدن المطلق لإسرائيل، قالت أبو سكين إن الرئيس الأمريكي وقع في فخ أعده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي يسعى لتحقيق أهدافه باستمرار الحرب للإفلات من العقاب والمحاسبة على إخفاقه وفشل حكومته الأمني والسياسي في 7 أكتوبر.
وتابعت أستاذ العلوم السياسية: “نتنياهو خدع بايدن وأوقع بيه بحيث أصبح بايدن يدور في فلك نتنياهو، وأصبح نتنياهو قادر على أن يدفع بايدن في الاتجاه الذي يرغبه”، مشيرة إلى أن نتنياهو كان يصدر صورة خاطئة لبايدن بتصريحات وفيديوهات مفبركة بأن حماس تقطع رؤوس الأطفال، وعلى الولايات المتحدة أن تساند إسرائيل في حربها حماس، التي وصفها بأنها “داعش”.
وأكدت أبو سكين أن الرئيس الأمريكي وهو لم يتبين ولم يتحقق -ولأسباب أخرى مختلفة كدعم الولايات المتحدة لإسرائيل ومصالحها المشتركة معها- انساق وراء رواية نتنياهو، وبدأ دعمه المطلق للاحتلال.
ومع ذلك، أكدت أستاذ العلوم السياسية أن الموقف الأمريكي بدأ يتغير بسبب ضغط الشعب على القيادة، والمظاهرات التي خرجت أمام الكونجرس الأمريكي.
وأشارت أبو سكين، إلى أنه بالرغم من انحياز الإعلام الأمريكي بشكل فج للرواية الإسرائيلية والتصريحات الإسرائيلية دون غيرها، إلا أن ذلك لم يجدي نفعا مع جمهور الشباب من الأمريكيين، الذين يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير في جمع الأخبار والمعلومات وليس الإعلام التقليدي.
وأوضحت أن الحقيقة بدأت تتكشف أمام الجمهور الأمريكي من الشباب بعد هجوم إسرائيل على المستشفى المعمداني والشفاء، وقتل آلاف الأبرياء، وأصبح الأمريكيون يعون أن إسرائيل تستهدف أهداف مدنية وليست عسكرية أو تابعة لحماس أو جناحها العسكري كما تزعم، حتى أنه أصبح لا يوجد مكان آمن في غزة.
وأشارت إلى أن ذلك أدى لخروج المظاهرات أمام الكونجرس والبيت الأبيض، التي تطالب بوقف الحرب في غزة والتوصل لوقف دائم لإطلاق النار.
وعن التعاطف الشعبي مع القضية الفلسطينية، قالت أبو سكين إن فئة ملحوظة من الشباب الأمريكي متعاطف مع الفلسطينيين، لأنهم يرون أن إسرائيل تمارس العنصرية ضد الفلسطينيين والعرب، كما كانت تمارسها إدارة ترامب ضد السود والأفارقة والمهاجرين، مشيرة إلى أن الشباب الأمريكي الرافض للعنصرية، أصبح يقارن ما بين العنصرية الإسرائيلية والعنصرية الأمريكية.
وبالرغم من ذلك، أوضحت أستاذ العلوم السياسية أن شعبية جو بايدن المتراجعة لا تستطيع أن تحسم توقعات فوزه من عدمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، متابعة: “ربما يتخذ موقف أكثر اعتدالا في الأيام المقبلة، فيستعيد شعبيته، وأكيد هو سيعمل على استعادة شعبيته خاصة بين الشباب والديمقراطيين”.
وأشارت إلى أن بايدن أرسل نائبته كاميلا هاريس إلى الشرق الأوسط في زيارة لحضور مؤتمر المناخ بالإمارات، حيث تحدثت عن القضية الفلسطينية وعن الحرب على غزة، لافتة إلى أن اختيار كاميلا ذات الأصول الأفريقية الهندية محاولة من بايدن لترميم شعبيته واستعادتها في الشرق الأوسط والمجتمع الأمريكي.