لم يشهد عام 2023 من تطوير ملف التعليم قبل الجامعي سوى مجرد كلام على ورق يردده الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، ويتباهى به في كل محفل.

فمنذ ستة أعوام كان ملف تطوير التعليم قبل الجامعي يتربع على عرش القضايا المهمة في المجتمع المصري، حتى جاء وزير التربية والتعليم الحالي ليخمد نيران ثورة التطوير تدريجيًا على الرغم من تبني الدولة المصرية لها ضمن الاستراتيجية الوطنية.

تحولت ثورة تطوير التعليم قبل الجامعي من أفكار يسعى قيادات وزارة التربية والتعليم لتنفيذها على أرض الواقع، والاعتراف بالمشكلات والعمل على إيجاد حلول لها، إلى مجرد تصريحات تصبّ جميعها تحت عنوان “كله تمام”.

عادت وزارة التربية والتعليم إلى رفع شعار “كله تمام” بدلًا من الاعتراف بالمشكلات الواقعية كخطوة أولى في طريق تقديم الحلول، كما كان يحدث خلال السنوات الماضية مع بداية ثورة تطوير التعليم على يد الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم السابق.

اختفت جميع مشكلات التعليم قبل الجامعي والمدارس بمختلف أنواعها، حتى الأزلية منها، في خطابات وتصريحات وزير التربية والتعليم الرسمية، في حين يعكس الواقع الذي يعيشه نحو 25 مليون طالب غير ذلك.

استمرار عزوف الطلاب عن المدارس

على الرغم من تغني وزير التربية والتعليم الحالي بإنجازه في إعادة الطلاب إلى المدارس، إلا أن الواقع عكس ذلك، خاصة في صفوف الشهادات، سواء شهادة إتمام التعليم الأساسي “الإعدادية” أو الثانوية العامة.

وتلجأ عدد كبير من المدارس إلى تقنين وضع الحضور ورقيًا حتى لا يتعرض الطلاب للعقوبات اللائحية المقررة، خاصة مع كونها أزمة متعددة الأطراف.

ساهم في تفاقم تلك الأزمة زيادة الكثافة الطلابية الناتجة عن الزيادة السكانية، مع عجز بناء الفصول الجديد عن تعويض الأماكن الكافية التي تتواءم مع تلك الزيادة، فلجأت بعض المدارس إلى استغلال فصول تلك السنوات لصفوف النقل.

هل يطبّق اليوم الرياضي؟

مع بداية العام الدراسي الماضي 2022-2023 قرر وزير التربية والتعليم إطلاق يوم رياضي أسبوعيًا في المدارس بهدف تدريب الطلاب على ممارسة الرياضة وجذبهم للحضور.

فكرة اليوم الرياضي جيدة لبناء جسم الطالب وبناء شخصيته، لكن تغافل وزير التربية والتعليم عن أبعاد تنفيذ هذا اليوم مع تقليص مدة العام الدراسي عما كانت عليه، فضلًا عن ضغط المناهج في مدة أقصر من المعتاد، ووجود الكثافة الطلابية.

لم ينفذ اليوم الرياضي في أغلب المدارس الحكومية للأسباب السابقة، سوى مرة في الأسبوع الأول من العام الدراسي ليتم تصوريه وعرضه على وسائل الإعلام باعتباره تم تطبيقه في جميع المدارس، في حين أن تطبيقه فعليًا تم في عدد محدد من المدارس خاصة ذات الطابع الخاص.

يوم الأنشطة المزعوم

بحسب قرار وزير التربية والتعليم، فإن المدارس تطبّق يومًا رياضيًا بشكل أسبوعي، بالتبادل مع يوم الأنشطة، لمنح الطلاب الفرصة في اكتشاف مواهبهم، ولكن لم يكن العائق ضيق العام الدراسي وضغط المناهج والكثافة الطلابية فحسب، وإنما عدم وجود معلمين متخصصين في تلك الأنشطة، ما جعل تطبيق هذا اليوم أكثر محدودية من اليوم الرياضي.

فترات المشاهدة

في تصريحات وزير التربية والتعليم، تعقد المدارس فترات مشاهدة من أجل تخفيف الضغط على المعلمين، وحل أزمة عجز المعلمين من خلال تغيير دورهم إلى مرشد بدلًا من ملقن، لكن على أرض الواقع كل ذلك لم يحدث باستثناء عدد من المدارس، وأيام التصوير لإرسالها للوزارة للعرض على وسائل الإعلام.

أزمات مجموعات الدعم

طرح وزير التربية والتعليم فكرة مجموعات الدعم كحل لأزمة الدروس الخصوصية ولتخفيف العبء عن أولياء الأمور، لكنها لم تكن فكرة جديدة فهي مسمى جديد للمجموعات المدرسية التي كانت متواجدة على مر سنوات طويلة.

بالفعل طبقت العديد من المدارس مجموعات الدعم لكن بنفس الصورة المتعارفة قديمًا، فلم تحدث أي تغيير للجوء الطلاب للدروس الخصوصية، إلا أنها زادت أعباء بعض الأسر لاستغلال عدد من المعلمين سلطاتهم في الفصل لإجبار الطلاب على الحضور.

تهميش التابلت المدرسي

منذ رحيل الدكتور طارق شوقي من منصب وزير التربية والتعليم، وتهمش دور التابلت المدرسي، واقتصر على احتوائه على الكتب المدرسية وعقد امتحانات محلية على مستوى محدود للغاية، حتى تأخر تسليمه لطلاب الصف الأول الثانوي في كثير من المحافظات.

وعلى الرغم من عدم اهتمام وزير التربية والتعليم الحالي بالتابلت والمنظومة الإلكترونية إلا أنه يذكر في جميع المحافل إدخال التكنولوجيا في التعليم ضمن إنجازاته، وسعيه من التوسع في تطبيق التحول الرقمي.

التخلي عن مسئولية الامتحانات الإلكترونية

منذ اليوم الأول لوزير التربية والتعليم تخلى عن دور الوزارة المحوري في الإشراف على الامتحانات الإلكترونية لصفوف النقل في المرحلة الثانوية وتقييم الدرجات، وتحليل نتائج التعلم، وتركها في أيدي الإدارات التعليمية ليعفي نفسه من المسئولية الثقيلة لأي مشكلة قد تحدث أثناء التحول الرقمي.

وزير التربية والتعليم يقول مرارًا وتكرارًا في خطاباته وتصريحاته أنه الوزارة تعقد الامتحانات الإلكترونية لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوي بشكل ناجح ودون أية مشكلات.

توسيع بؤر الغش في الثانوية العامة

شهدت امتحانات الثانوية العامة 2023 أكبر معدل للغش الجماعي، بحسب تصريحات طلاب الصف الثالث الثانوي وأولياء الأمور في محافظات عديدة، وتزايد معدل تداول أسئلة الامتحانات على مواقع التواصل الاجتماعي خلال فترة انعقاد اللجان.

وزير التربية والتعليم لم يعترف بذلك مطلقًا وإنما اعتبر أنه قضى على الغش في امتحانات الثانوية العامة 2023 وأن كل ما حدث مجرد حالات فردية معتادة لا يمكن القياس عليها، على الرغم من ظهور حالات كثيرة في كشوف النتيجة تؤكد وقوع الغش الجماعي.

انتشار لجان أولاد الأكابر

انتشرت لجان الغش المسماة بلجان أولاد الأكابر والتي كانت مركزة في محافظة سوهاج وكفر الشيخ في السنوات الماضية، إلا أن هذا العام توغلت في أغلب المحافظات وأظهرت النتيجة لجان حصلت على مجاميع متقاربة.

أنكر وزير التربية والتعليم كل ذلك وقال إنه تمكن من القضاء على لجان أولاد الأكابر من خلال منع تحويل الطلاب إلى اللجان المعروفة، في حين أن الواقع يقول عكس ذلك.

تسريب نتيجة الثانوية العامة

بكل ثقة وتأكيد، صرح وزير التربية والتعليم بأن امتحانات الثانوية العامة 2023 مرت بصورة مثالية دون أية مشكلات، في حين أنه تم تسريب النتيجة وأصبحت في أيدي الجميع قبل إعلانها رسميًا بأكثر من ست ساعات لأول مرة.

تسريب نتيجة الثانوية العامة 2023 ظل حديث الساعة لدى أولياء الأمور لعدة أيام، معتبرين أن ذلك خير شاهد على المشكلات الجسيمة في الامتحانات، ورددوا: “حتى النتيجة اتسربت”، في حين غض وزير التربية والتعليم النظر عن كل ذلك وكأن شيئًا لم يحدث.

أزمة امتحان الفيزياء

اشتكى طلاب الثانوية العامة من تسريب امتحان الفيزياء لطلاب أحد أعضاء لجنة مراجعة وضع الامتحان في الدرس الخصوصي الذي يعطيه بالمخالفة للائحة، وعلى الرغم من تأكيد الطلاب لرؤية الاسئلة نغسها قبل الامتحان، إلا أن الوزير أنكر كون ذلك تسريبًا واعتبره مجرد صدفة واستنباط.

ومن المثير للتعجب أن الموضوع مرّ مرور الكرام على الرغم من أن لجنة مراجعة الامتحان المكونة من 10 مدرسين كانت فكرة وزير التربية والتعليم الحالي، في حين رآها البعض تفتح الباب للتسريب، خاصة أن نظام الامتحانات الجديد يعتمد على عدم تدخل العنصر البشري.

تجميد منصات التعليم

الاهتمام بمنصات التعليم والتوسع فيها وتزويدها بالعديد من المواد التعليمية كان الأمر المعتاد خلال السنوات السابقة، لكن خلال هذا العام لم يحدث أي تطوير وفي بعض المنصات مثل منصة التعليم الإلكتروني نجد أن التحديث يقتصر فقط على الكتب المدرسية.

تخفيف المناهج الدراسية

بعد شكاوى متعددة من أولياء الأمور بطول المناهج الدراسية خاصة في نظام التعليم الجديد، وقصر العام الدراسي بشكل لا يتناسب مع تلك المناهج، قرر وزير التربية والتعليم تخفيف تلك المناهج على الرغم من أنها موضوعة حديثًا بشكل تسلسلي ومترابط.

فوجئ أولياء الأمور بأن المناهج لم تخفف كما ذكر وزير التربية والتعليم وإنما تم اقتصاص التمارين والأنشطة، واستراتيجيات التفكير، لكن المادة العلمية ذاتها كما هي.

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني