المغرب:الدولة بيروكي
ليس غريبا أن يضل نادي الرواية الأولى بعد 5 لقاءات من الفعالية المتميزة التي تزيد من كمية الإبداع، فالكتابة الأولى دائما تنزل من علياء ترقعها هذا النادي الذي إحتضن الكتاب والمبدعين لتحتضن الحياة الإبداعية بكل مكوناتها وأبعادها، من هنا كان اللقاء السادس في رواية ” رؤى”لكاتبه محمد الأحمدي والذي كانت حروف روايته الأولى تحكي الوقائع والرغبة في الحياة ثم تاتي المحاولات الاولى للكتابة ومعها سيعرف مذاق نشوة جديدة لكاتب آخر .
أقل عود الثقاب بين الأصابع وفي الوقت الحالي صفاء أراني أحرق عن آخرها. رأسٌ كبريتي أحمر كغضبي. لهيبٌ مهيب يبتلع المكان. عويل جهاز الإنذار. أصوات الفرقعة داخل طب لون الكهرباء. كل شيءٍ سيصبح لزجًا وأسودًا ويذوب على نفسه. اللون دِل الجديدة. ومودم الانترنت الجديد. ومكاتب إيكيا الجديدة بلوط التي تجلس حولها للاجتماع الأسبوعي. ليتنا نارًا واحدة تضرم فيها فتبتلعها كلها. ليس هناك علاقة. لا أريد سوى بضعة تخليص نفسي.
هذا الإقتباس من رواية رؤى فهذه الرواية لم تهتم بالجوانب النفسية للبطل و هي عمل أدبي يتسم بالتأمل العميق في جوانب النفس البشرية والعلاقات الإنسانية المعقدة وتتبع الرواية قصة شخصية رئيسية تعيش صراعًا داخليًا بين الرغبات الشخصية والمبادئ الأخلاقية التي تؤمن بها، فالكاتب يبحر بالقارئ في عالم مليء بالأسئلة الوجودية، مما يتيح للقارئ فرصة التفكير في جوانب من حياته الخاصة من خلال الأحداث التي يمر بها أبطال الرواية ورغم تنوع الموضوعات التي تتناولها، تتمحور حول فكرة البحث عن الذات والتحديات التي يواجهها الفرد في محاولاته لإيجاد مكانه في هذا العالم المعقد ولهذا أسلوب الأحمدي السردي يميل إلى العمق الفلسفي، معتمداً على وصف دقيق للأماكن والأشخاص لتسليط الضوء على المعاناة والتحديات اليومية.
فمحمد الأحمدي هو كاتب ومؤلف سعودي معروف بأسلوبه الأدبي الفلسفي والتأملي و يتميز أعماله بالتركيز على قضايا الإنسان الداخلية وصراعاته النفسية والاجتماعية فهو يعتبر من الأصوات الأدبية التي تتمحور حول الهوية والوجود والتحديات التي يواجهها الفرد في عصرنا الحالي. .
عارية لغة الكتابة لدى الأحمدي عري الوقائع التي يسردها ، متحررة من التزويق والإستعراضية اللغوية الداعرة، لغة شفافة لاحاجة لها بالمداورة والمروادة عبر التقعير والتصنع البلاغي ، ولأنها لغة الصدق فهي بعيدة عن الزينة كما يقول نيتشه :” احذرو كل بليغ مزوق!” فهي لغة متحررة ولغة تحكي الوقائع فقط.
صلة هذه الكتابة بالحياة هي التي تمكنها اليوم من رتق الإنخرام وردم الفجوة التي أحدثت عصور الإنحطاط في جسد الكتابة الأولى ، من هنا يمكن أن ندرك أن أهمية نادي الرواية الأولى ككتابة إنسانية بحق في تشكيل منبر إبداعي يحكي فيه الكاتب كل أسراره العميقة بين القارئ وبين المتلقي ، إنها البوابة المثلى التي تسمح للكاتب باتخاذ مسافة تجاه كل الأشياء بما في ذلك نفسه ذلك البعد هو مسافة الأمان التي تخول له إعادة صياغة كل عناصر الحياة ضمن تجربة جديدة هي تجربة الكتابة الأولى