تقدمت إسرائيل بمقترح إلى الأمم المتحدة لتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (UNRWA) في الأراضي الفلسطينية، ونقل موظفيها إلى وكالة بديلة لتوصيل المواد الغذائية إلى غزة.
والمقترح الذي قدمه رئيس الأركان الإسرائيلي إلى مسؤولي الأمم المتحدة في إسرائيل، تم إحالته إلى الأمين العام للأمم المتحدة.
وعلى الرغم من عدم مشاركة الأونروا في المحادثات بسبب رفض الجيش الإسرائيلي التعامل معها، فإن إسرائيل تصر على استعدادها للسماح بدخول المساعدات إلى غزة.
و تم اقتراح نقل موظفي الأونروا إلى وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة أو منظمة جديدة تأسست لتوزيع المساعدات في غزة. تبقى التفاصيل حول إدارة الوكالة الجديدة غير واضحة، مما يثير التساؤلات بشأن كيفية توفير الأمن لعمليات التسليم.
والأنوروا التي تأسست في عام 1950 وتعتبر أكبر جهة فاعلة إنسانية في المنطقة، تم استبعادها من المحادثات حول وجودها المستقبلي.
ويعتبر بعض مسؤولي الأمم المتحدة أن الخطة الإسرائيلية تهدف إلى تشويه صورة الأمم المتحدة، محاولة منها لتصويرها على أنها غير مستعدة للتعاون في حالة وقوع مجاعة في غزة، وهو ما حذرت منه المنظمات الإنسانية من أنه قد يحدث قريبًا.
وفي هذا السياق، أصدرت محكمة العدل الدولية، التي تنظر في اتهامات الإبادة الجماعية ضد إسرائيل، قرارًا يوم الخميس يطالب الحكومة الإسرائيلية باتخاذ “جميع الإجراءات الضرورية والفعالة” لضمان توصيل المساعدات على نطاق واسع إلى غزة، وذلك بالتعاون الكامل مع الأمم المتحدة.
ويعتبر بعض الداخلين في الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الأخرى وجماعات حقوق الإنسان أن الاقتراح الإسرائيلي هو الذراع النهائي لحملة إسرائيلية طويلة الأمد لتدمير الأونروا.
إذا سمحنا بذلك، فإن المنحدر الزلق بالنسبة لنا هو الذي يديره الإسرائيليون بالكامل، وتشارك الأمم المتحدة مباشرة في تقويض الأونروا، التي تعتبر ليس فقط أكبر مقدم للمساعدات ولكن أيضًا أكبر معقل لمكافحة التطرف في غزة، بحسب أحد مسؤولي الأمم المتحدة، سيؤدي ذلك إلى تورطنا في العديد من الأجندات السياسية إذا سمحنا به”، ولم يستجيب مكتب غوتيريش والجيش الإسرائيلي لطلبات التعليق.
وأشار الرفاعي إلى أن صغر حجم الهيئة التي تقوم بتوزيع المساعدات الجديدة المقترحة سيعيق قدرتها على تقديم المساعدات بشكل فعال في غزة في وقت تشتد فيه الحاجة إليها. وأضاف: “هذا ليس انتقادًا لبرنامج الأغذية العالمي، ولكن من المنطقي إذا بدأوا بتوزيع الغذاء في غزة غدًا، فسوف يستخدمون شاحنات الأونروا ويجلبون الطعام إلى مستودعات الأونروا، ثم يوزعون الطعام في ملاجئ الأونروا أو حولها”.
وتعتبر الأونروا أكبر منظمة مساعدات في غزة على الإطلاق، حيث كان يعمل لديها 13 ألف موظف في وقت اندلاع الحرب، وما زال 3000 منهم يقومون بعملهم، بالإضافة إلى عشرات الآلاف غيرهم في جميع أنحاء الضفة الغربية وأماكن أخرى في الشرق الأوسط.
وبالإضافة إلى توزيع المواد الغذائية، تعد الوكالة جهة توظيف رئيسية في غزة، حيث توفر التعليم والخدمات الطبية الأساسية في ظل انهيار الرعاية الصحية في القطاع.
رغم أهمية التركيز على تقديم المساعدات الغذائية لمواجهة المجاعة وتحسين التغذية، إلا أن دور الأونروا لا يقتصر على ذلك فقط.
وأدعت إسرائيل بأن نسبة تصل إلى 11% من موظفي الأونروا ينتمون إلى حركات مسلحة مثل حماس أو الجهاد الإسلامي، وأن حوالي 30 منهم شاركوا في هجوم على إسرائيل في أكتوبر، والذي أسفر عن وفاة 1200 شخص.
فحتى الآن، لم تقدم إسرائيل أي دليل على هذه الادعاءات، التي أدت إلى تعليق تمويل بقيمة 450 مليون دولار من قبل 16 جهة مانحة كبرى، في حين كان هناك 2.3 مليون شخص في غزة مهددين بالمجاعة.
وفي وقت سابق، أقر الكونجرس الأمريكي مشروع قانون للإنفاق يحظر التمويل الأمريكي المستقبلي للأونروا، ولكن مانحين آخرين استأنفوا تمويلهم بعد إجراء الأمم المتحدة تحقيقين.
الأول يتعلق بتحقيق في الادعاءات الإسرائيلية، والثاني هو مراجعة لنزاهة الوكالة بقيادة وزيرة خارجية فرنسية سابقة.
وعلى الرغم من توقف التعاون مع الأونروا من قبل الجيش الإسرائيلي، فقد أعلنت بعض الدول مثل أستراليا وكندا والسويد وفنلندا واليابان استئناف تمويلها للوكالة، في حين سعى الجيش الإسرائيلي للتعاون مع وكالات أخرى كبرنامج الأغذية العالمي.
وراء الستار في الأمم المتحدة، دعمت الولايات المتحدة الجهود الإسرائيلية لدمج وظائف الأونروا في وكالات أخرى، ولكن وفقًا لدبلوماسيين في نيويورك، واجهت هذه الجهود حتى الآن مقاومة من الجهات المانحة الأخرى وغوتيريس، الذي قدم حتى الآن دعمه الكامل للأونروا.
وخلال زيارة لمخيم للاجئين في الأردن الأسبوع الماضي، قال الأمين العام: “علينا أن نسعى جاهدين للحفاظ على تدفق الخدمات الفريدة التي تقدمها الأونروا، لأن ذلك يبقي الأمل متدفقًا”، مُشيرًا إلى أن وقف خدمات الأونروا للفلسطينيين سيكون “قاسيًا وغير مفهوم”.
فالأونروا تستمد تفويضها من الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي يمكنها نظريًا أن تقرر مصير الوكالة بمفردها.
وبعض مسؤولي الإغاثة في الأمم المتحدة يؤكدون أن الأونروا هي الوحيدة التي تمتلك الموارد وثقة الفلسطينيين العاديين لتقديم المساعدات الغذائية إلى غزة، وأن محاولة إعادة اختراع منظمة المساعدات لأسباب سياسية قد تتسبب في عواقب وخيمة خلال فترة القصف وبداية الحرب.
وقال كريس غانيس، المتحدث الرسمي السابق للأونروا: “من المشين أن وكالات الأمم المتحدة مثل برنامج الأغذية العالمي وكبار مسؤولي الأمم المتحدة يدخلون في مناقشات حول تفكيك الأونروا”.
وتُمنح الأونروا تفويضها من قبل الجمعية العامة ولا يمكن لأحد سوى الجمعية العامة تغيير ذلك، ولا حتى الأمين العام، وبالتأكيد لا دولة عضو واحدة”.