جريمة جسر السويس.. رانيا التي قُتلت على يد من أقسم أن يحميها

بقلم د.مروة الليثي

في صباحٍ حزين هزّ الشارع المصري، استيقظ أهالي منطقة جسر السويس على جريمةٍ تقشعر لها الأبدان.

شاب يذبح زوجته “رانيا” داخل شقتهما بعد ثلاثة أشهر فقط من الزواج، في واقعة تكشف حجم الخلل النفسي والإنساني الذي بات يهدد العلاقات الأسرية في مجتمعنا.

التحريات كشفت أن خلافات نشبت بين الزوجين خلال الأسابيع الأخيرة من زواجهما، بعدما لاحظت الزوجة تغيّر سلوك زوجها واكتشفت وجود علاقات غير سليمة له. حاولت “رانيا” الانفصال والعودة إلى بيت أهلها، لكن الزوج رفض فكرة الطلاق، ليدخل في نوبة غضب انتهت بجريمة مأساوية.

أقارب الضحية رووا تفاصيل مؤلمة، مؤكدين أن “رانيا” كانت فتاة هادئة، محبة للجميع، وأنها كانت تحلم بحياة مستقرة وبيت بسيط مليء بالمودة، لكن القدر شاء أن تكون نهايتها على يد من وعدها بالأمان.

الخلل يبدأ من التربية

كل جريمة من هذا النوع لا تبدأ داخل الشقة، بل في الطفولة.

في بيتٍ لم يتعلم فيه الابن معنى احترام المرأة، ولم يُربَّ على ضبط غضبه، ولم يسمع كلمة “لا” دون أن يشعر بالإهانة.

نحن لا نصحو على جريمة فجأة، بل نحصد نتائج سنين من غياب التربية العاطفية، ومن ثقافة تُعطي الذكر سلطة بلا وعي، وتحمّله مسؤوليات بلا إعداد.

لماذا نصمت على بوادر العنف؟

كم من فتاة تشكو من تصرفات مريبة أو تحكم زائد أو غيرة مرضية، فيقال لها “هي دي غيرة الراجل”، وكم من شاب يغضب ويكسر ويُهان فيُقال “لسه صغير ويتعلم”.

تطبيع العنف هو أول خطوة نحو القتل.

وربما لو استمع أحد لرَانيا بصدقٍ قبل أن تصل الأمور إلى هذا الحد، كانت اليوم بيننا.

رسالة لكل أب وأم

راقبوا أبناءكم لا لتمنعوهم من الحب، بل لتعلّموهم كيف يحبّون بوعي ومسؤولية.

علّموهم أن الرفض لا يعني الإهانة، وأن الغضب لا يُفرَّغ في جسد إنسان.

علّموهم أن الزواج ميثاق رحمة، لا عقد امتلاك، وأن الرجولة لا تُقاس بالصوت العالي ولا بالسيطرة، بل بالقدرة على الاحتواء.

في النهاية

رحلت رانيا، لكن قصتها يجب ألا تمر كخبرٍ عابر.

هي مرآة لمجتمعٍ يحتاج أن يعيد النظر في أسس التربية والعلاقات الزوجية.

إن أردنا أن نوقف نزيف الجرائم، فابدأوا من البيوت، من الحوار، من التربية النفسية، ومن تعليم أولادنا وبناتنا أن الإنسان لا يُهان، ولا يُملك، ولا يُقتل باسم الحب.

Loading