ردت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:” حكم الطواف إذا خرج الدم من المحرم وأصاب ملابس الإحرام حال الطواف؟ حيث أُصِبْتُ في قَدَمِي بـجُرْحٍ، وأثناء الطواف خَرَج دم قليل مِن هذا الجُرْح وأصاب ثيابي، فهل طوافي صحيحٌ أم لا؟”.
لترد دار الإفتاء المصرية موضحة: ان خروجُ الدَّمِ من القَدَم أثناء الطواف لا يَنْقُضُ وضوءَكَ، ولا يَقْدَح في طهارة ثوبكَ، ولا يُؤثِّر أيضًا على صحة طوافكَ، فطوافُكَ صحيحٌ، ولا شيء عليك.
ندبَ الشرع إلى نظافة البَدَن والثياب، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رَأَى رَجُلًا وعليه ثياب وَسِخَة، فَقَالَ: “أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ؟” رواه أبو داود في “السنن”، والنسائي في “الكبرى”، والحاكم في “المستدرك”، وابن حبان في “الصحيح”.
والحديث وإن لم يَرِد في الـمُحْرِم، إلَّا أنَّ الـمُحْرِم داخلٌ في مشمولات الحديث؛ وذلك لأنَّه يستحب له النظافة في بدنه بالاغتسال؛ إذ هو من مسنونات الإحرام، فكذلك في ثيابه بالأَوْلَى. ينظر: “بدائع الصنائع” لعلاء الدين الكاساني (2/ 144، ط. دار الكتب العلمية)، و”تحفة المحتاج” لشهاب الدين ابن حجر الهيتمي (4/ 60، ط. المكتبة التجارية الكبرى)، و”كشاف القناع” لأبي السَّعادات البُهوتي (2/ 407، ط. دار الكتب العلمية).
من أجل ذلك فقد نصَّ جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والإمام أحمد في المشهور عنه، وهو قولٌ عند الحنفية أيضًا على اشتراط الطهارة للطواف؛ لما ورد مِن تشبيه الطواف بالصلاة في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَحَلَّ لَكُمْ فِيهِ الْكَلَامَ” أخرجه الحاكم في “المستدرك” واللفظ له، والبيهقي في “السُّنَن”.
وجمهور الفقهاء وإن اشترطوا في الطَّواف الطهارة، إلَّا أنَّهم اختلفوا في انتقاض هذه الطهارة إذا خَرَج الدَّمُ مِن المحرم وحَلَّ بثيابه أثناء الطواف، فمذهب المالكية والشافعية أَنَّ الدَّمَ السائل مِن غير السبيلين لا يَنْقُض الوضوء، وينبني عليه أيضًا صحة الطواف حال خروجه؛ لأنَّ صحة الطواف مبنيَّةٌ على صحة الوضوء عندهم، وهو أيضًا روايةٌ عند الحنابلة في القليل منه خاصة.
المختار للفتوى: أنَّ خروج الدَّمِ مِن البَدَن من غير السبيلين لا يَنْقُض الوضوء، على ما ذهب إليه الحنفية -عدا زُفَر-، والمالكية، وأحد القولين عند الشافعية، والحنابلة، ولا يَنْجُس الثوب به أيضًا متى كان يسيرًا يَعْسُر الاحتراز منه، فهو حينئذٍ مِن المعفو عنه الذي لا يُؤثِّر في صحة الطواف.