حَمَامَةْ …
للشاعر: عباس محمود عامر
“مصر”
إلى فلسطين الجريحة
وقَفَتْ فوْقَ الغُصْنِ حَمَامَةْ
عشَقَتْ أرْضَ ” المحْشَرْ “
غنَّتْ بيْنَ ضوَاحِيهَا وشوَارِعِهَا
عاشَتْ بيْنَ حدَائِقِ وَارِفَةٍ
منْ زيْتُونٍ وموَالِحْ ..
……………………
عَقدَتْ عهْدَاً بيْنَ الذِّئبْ
كى تُطْلقَ في الرُّوحِ ترَانِيمُ الحُبْ
لكنْ
في البَدْأَةِ رَاحَ يُرَاوِدُهَا
رسَمَتْ بالرِّيشِ رُوَاءً في الأفُقْ
فيَقْطفُهُ في اللَّيْلِ
ليْوهنَ في التَّوِّ جنَاحَيْهَا ..
……………………….
كَمْ حَاولْنَا أنْ نوْقِفَ بطْشَ الذّئبْ
كَمْ حَاولْنَا أنْ نحْصِدَ نَبْتَ مجَالسِنَا
كَىْ ننْسِجَ منْه رَايتَنَا المَفْقُودَةْ
جدَليَّةُ طَالتْ أزْمَاناً بيْنَ نظََائِرِنَا
اسْتنْهَرَ فيْنَا الطُّوفَانْ ،
فَهَلِعْنَا ،
وَهَرَعْنَا ،
وتنَابذْنَا في أطْيَافِ الحُلمْ
حتَّى انْحَلَّتْ في ” الشَّرقِ” جَدِيْلَتُنَا ..
……………………………….
ظَلَّ الذِّئبُ يطَاردُهَا ،
والصَّمْتُ جَلِيسٌ حَوْلَ الحَلَبَةْ
لنْ نمْلُكَ أىَّ هِتَافٍ ،
أو تشْجِيبٍ ،
أو تصْفِيقٍ ،
فأتَاهَا في زَهْوٍ مَلكُ الغَابَةْ
قَصَّتْ كُلَّ خبَائِثِهِ
كُلَّ غرَائِزِهِ الدَّنِسَةْ ..
…………………….
الذِّئبُ غَدَا حَمَلاً يتَمَثَّلُ ،
وغرَامَاً يتَخلَّلُ
بيْنَ برَاثِنِهِ نَهْرٌ منْ دَمِهَا
يَعْلنُ أسْئلةً هَربَتْ منْهَا إجَابَتُهَا
أىَّ حَدِيثٍ يجْدِى بعْدَ اليَومْ ؟
احْتَارَتْ ،
فانْهَارَتْ ،
نَزَفَتْ كُلَّ حَفِيظتِهَا ..
…………………………
الثَّكْلَى طَافَتْ عَرْجَاءً
تسْتَجْدِى العَطْفَ منَ الأنْظَارْ ،
وفي فَمِهَا غصْنُ الزَّيْتُونْ ،
فيُطَاردُهَا أسَدُ الغَابَةْ
هيْهَاتْ
أرْهَقَهَا التِّطَوَافُ ،
وقَائِظةُ الجُرحْ
حتَّى سَقَطَتْ في أحْشَاءِ الصَّمتْ
هلْ ينْشُلُهَا غُصْنُ الزَّيْتُونْ ؟
أو بَعْضُ قُشُورِ اللَّيْمُونْ ؟
نحْلمُ أنَّ الشَّمسَ تَمدُّ ضَفَائِرَهَا
كى تنْقِذَ في البئْرِ حَمَامَةْ …