كتب _ عبدالرحمن شاهين
على الرغم من أن النقاش العلمي حول السيارات الكهربائية كحل أنظف بيئيًا قد تم حسمه منذ سنوات، إلا أن الجدل لا يزال مستمرًا، حتى من قبل مسؤولي كبرى شركات السيارات. في حين يتفق معظم العلماء على أن الانتقال إلى السيارات الكهربائية يساهم بوضوح في تقليل تلوث الهواء، لا تزال بعض الأصوات تتحدى هذا الاتجاه.
أثار أكيو تويودا، رئيس مجلس إدارة شركة تويوتا، جدلاً حديثًا عندما صرح بأن إنتاج سيارة كهربائية واحدة يوازي انبعاثات ثلاث سيارات هجينة. وفي مقابلة مع مجلة Automotive News، أوضح أن “بيع 27 مليون سيارة هجينة يعادل بيئيًا وجود 9 ملايين سيارة كهربائية”. وعلل تويودا رأيه بأن اليابان، مثل دول أخرى، لا تزال تعتمد على الطاقة الحرارية في توليد الكهرباء، مما يجعل شحن السيارات الكهربائية يساهم فعليًا في زيادة انبعاثات الكربون بدلاً من تقليلها.
تتبنى تويوتا سياسة “المسارات المتعددة”، حيث تعتقد أن الحل يجب أن يشمل ليس فقط السيارات الكهربائية، بل أيضًا محركات البنزين المحسنة، والسيارات الهجينة، والهيدروجين، لضمان توازن بين الكفاءة والانبعاثات والاعتمادية في مختلف الأسواق. رغم تفوق السيارات الكهربائية بيئيًا على المدى الطويل، إلا أنها تنتج انبعاثات كربونية أعلى أثناء مرحلة التصنيع مقارنة بالسيارات الهجينة أو التقليدية.
يرجع السبب إلى البطاريات عالية الجهد التي تتطلب كميات هائلة من الليثيوم والنيكل والكوبالت، مما يؤدي إلى عمليات تعدين كثيفة. وفقًا لدراسة نشرت في IOP Science، فإن السيارات التي تعمل بالبنزين أو الهجينة تنتج بين 6 إلى 9 أطنان من ثاني أكسيد الكربون أثناء التصنيع، بينما تنتج السيارات الكهربائية بين 11 إلى 14 طنًا. يُعرف هذا الفارق بـ “الدين الكربوني”، وهو مصطلح يستخدم لقياس الانبعاثات المتراكمة قبل تشغيل السيارة.
بمجرد أن تبدأ السيارة الكهربائية في العمل، تبدأ في تقليص هذا الدين الكربوني تدريجيًا بفضل اعتمادها على الكهرباء بدلاً من البنزين. في المناطق التي تعتمد على مصادر طاقة نظيفة، تكون السيارات الكهربائية أنظف بكثير على مدى عمرها. أيضًا، بدأت بعض شركات السيارات في استخدام بطاريات مصنوعة من مصادر أكثر استدامة، وتقنيات إعادة تدوير المواد مما يخفض الأثر البيئي لتصنيع البطاريات.
رغم أن السيارات الكهربائية ليست البيئة المثالية عند التصنيع، إلا أنها تتفوق في الأداء البيئي على المدى الطويل مقارنةً بسيارات الوقود التقليدي والهيدروجينية. يُبرز الجدل الحالي الحاجة لتطوير تقنيات الإنتاج وتحسين مصادر الطاقة، بدلاً من العودة إلى الوراء. الحل لا يكمن في طريق واحد فحسب، بل في تسريع التحول نحو مستقبل أنظف وأكثر تنوعًا في الطاقة.