كتب _ عبدالرحمن شاهين
لم يكن سهلاً أمام السيارات الصينية دخول السوق المصري، حيث ارتبطت لسنوات عدة بسمعة ضعيفة فيما يتعلق بالجودة والأداء. ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة تحولاً كبيراً، وأصبحت السيارات الصينية الآن رائدة في قطاع السيارات بمصر، تتصدر قوائم المبيعات في العديد من الفئات. فما الذي حدث؟ وكيف انتقلت من الظل إلى القمة؟
البداية كانت متواضعة، حيث اقتصر وجود السيارات الصينية على الفئات الاقتصادية مع التركيز على توفير أسعار منخفضة. إلا أن الجودة كانت محط تساؤل، إذ كانت هناك مقولات شائعة بين المستهلكين بأن السيارات الصينية “غير موثوقة” أو “لا تدوم”. ورغم البداية المتواضعة، استمرت الشركات الصينية في تحسين منتجاتها حتى بدأت تظهر مؤشرات التحول.
بحلول منتصف العقد الماضي، بدأت العلامات الصينية مثل “جيلي” و”إم جي” و”شيري” في تقديم سيارات بمواصفات فاقت توقعات المستهلكين. تم تحسين معايير التصنيع واستخدام تكنولوجيا مبتكرة، وأصبح التركيز على الجودة جزءاً من النجاح. مع دخول نظام الضمان الممتد وخدمات ما بعد البيع المتميزة، تغيّرت نظرة المستهلك المصري بشكل جذري.
لعبت التكنولوجيا دوراً محورياً في نجاح السيارات الصينية، حيث قدمت أنظمة أمان حديثة، شاشات ذكية، ومحركات اقتصادية جذبت السائق المصري. ووفقاً للخبير العالمي جوناثان مايكلز، اتبعت الشركات الصينية استراتيجيات عالمية في تطوير سياراتها، مما أعطاها القدرة على المنافسة مع العلامات الأوروبية واليابانية.
إلى جانب السعر، الذي لا يزال عاملاً تنافسياً، لم تعد السيارات الصينية تعتمد على هذه الميزة وحدها. تعددت عوامل الجذب الجديدة مثل الجودة والتصميم والتكنولوجيا. وأصبح العميل المصري أكثر وعيًا ويركز على القيمة مقابل المال، وهو ما يلبي احتياجات السيارات الصينية.
يمثل الشباب الشريحة الأكبر من مشتري السيارات الصينية، حيث يفضلون التصميمات العصرية والأسعار المعقولة. العائلات أيضاً تتجه نحو السيارات الصينية بفضل المساحات الواسعة وأجواء الراحة، كما بدأت الشركات تعتمد عليها في أساطيلها نظراً لانخفاض تكاليف التشغيل.
تدفق السيارات الصينية في السوق دفع العلامات التجارية الأخرى، مثل الكورية واليابانية، لتقديم عروض تنافسية وتحسين خدماتها للحفاظ على حصتها. كما أشار مدير أحد معارض السيارات إلى أن السيارات الصينية غيرت قواعد اللعبة وأدت إلى شراسة أكبر في المنافسة.
على الرغم من النجاح، تواجه السيارات الصينية تحديات مثل تقلبات أسعار العملات وارتفاع تكاليف الاستيراد، بالإضافة إلى الصورة النمطية السلبية التي لا تزال مرتبطة بها. لكن الشركات الصينية أظهرت مرونة كبيرة في مواجهة هذه العقبات بتقديم تسهيلات مالية وخدمات مبتكرة.
بحسب الخبراء، تسير السيارات الصينية بخطى ثابتة نحو السيطرة على السوق المصري. مع استمرار الاستثمارات في التكنولوجيا والتسويق، يُتوقع أن تصبح العلامات الصينية الخيار الأول للمستهلك المصري خلال العقد المقبل.