ولاء عدلان
تستعد الحكومة لخطوة حاسمة خلال الفترة المقبلة تتمثل في تحريك سعر رغيف الخبز المدعم، الذي ظل ثابتًا على مدار 36 عامًا عند مستوى 5 قروش فقط، وذلك في ظل زيادة فاتورة إنتاج الخبز المدعوم بصورة غير مسبوقة في الفترة الأخيرة.. لكن كيف تطوّر سعر رغيف الخبز على مدار العقود الماضية؟
منذ عام 1988 لم تقدِم الحكومات المتعاقبة على المساس بسعر الخبز المدعم، رغم تفاقم فاتورة الدعم لتقفز من حدود 18.5 مليار جنيه في العام المالي 2014/2015 إلى قرابة 91.6 مليار جنيه في العام المالي الحالي الذي ينتهي في يونيو المقبل، كما ارتفعت تكلفة إنتاج الخبز من نحو 65 قرشًا للرغيف الواحد في عام 2021 إلى 125 قرشًا حاليًا.
زيادة تكاليف الإنتاج
رئيس وحدة الاقتصاد بمركز الحبتور للأبحاث، محمد شادي، قال إن الخبز ليس كغيره من السلع، إذ يعد أساسيًا على موائد غالبية المصريين، وأي تحريك لسعره سيمس بشكل مباشر قطاعًا عريضًا منهم (نحو 65% من السكان يستفيدون من دعم الخبز)، لذا ظل سعره ثابتًا على مدار عقود.
وأشار إلى أن التحوّل من الدعم التمويني السلعي إلى آخر عيني مع استثناء الخبز، يعد الخيار الأفضل راهنًا، لتحقيق الانضباط المالي لموازنة الدولة والحد من العجز الكلي تدريجيًا.
وفي فبراير الماضي، رفعت شعبة المخابز بالغرفة التجارية في القاهرة، مذكرة إلى وزارة التموين تطالب فيها بمراجعة تكلفة إنتاج رغيف الخبز المحددة من قبلها وزيادتها في ضوء ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج بصورة كبيرة، وفقًا لسكرتير الشعبة والمتحدث الرسمي باسمها، خالد فكري.
وأوضح فكري أن جميع أسعار مستلزمات إنتاج الخبز المدعوم كالخميرة والملح وحتى تكاليف العمالة والكهرباء شهدت ارتفاعات خلال الفترة الأخيرة تتراوح بين 21% و80%، الأمر الذي يتطلب زيادة للدعم الموّجه للمخابز التي تنتج رغيف العيش المدعوم ويتجاوز عددها حاليًا أكثر من 30 ألف مخبز، لافتًا إلى أن آخر زيادة لتكلفة إنتاج جوال الدقيق المدعم كانت في 2020 وهي حاليًا عند مستوى 256 جنيهًا للمخابز العامة بالسولار و283 جنيهًا للمخابز العاملة بالغاز الطبيعي.
وأكد رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحفي الإثنين الماضي، أن الدولة ستواصل دعم الخبز لكن مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تحريك سعره بشكل بسيط لا يؤثر في المواطن، مشيرًا إلى أن الدولة تنتج سنويًا 100 مليار رغيف، تكلفة الواحد 125 قرشًا يتحمل منها المواطن فقط 5 قروش.
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي، السبت الماضي خلال افتتاح عدد من المشروعات التنموية، إن تكلفة إنتاج رغيف الخبز الواحد وصلت إلى 125 قرشًا، وأن الدولة بعد أن كانت تتحمل في السابق 30 مليار جنيه دعمًا لرغيف الخبز أصبحت تتحمل قرابة 130 مليار جنيه.
رحلة الرغيف “أبو نص قرش”
تنتج مصر يوميًا نحو 275 مليون رغيف خبز مدعوم، ويصل نصيب الفرد الواحد ضمن منظومة دعم الخبز، إلى 5 أرغفة يوميًا، ووفقا لتصريح للمتحدث باسم مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصاني، قال فيه إن الزيادة في سعر الخبز ستكون “محدودة” ربما عدّة قروش، في إشارة إلى أن الزيادة لن تكون قرشًا أو اثنين كما كان في السابق، بل قد تكون خمسة قروش، وربما يصل سعر الرغيف الواحد إلى 15 أو 20 قرشًا.
ويستفيد من منظومة الخبز المدعوم حوالي 70 مليون مواطن، وقبل أن يصل سعر الرغيف الواحد إلى 5 قروش، مر برحلة من الزيادات الهادئة على مدار نحو 44 عامًا، وظل سعر الرغيف في سبيعينيات القرن الماضي ثابتًا عند نصف قرش فقط إلى يونيو 1980 عندما تم رفعه إلى قرش واحد، ثم شهد ارتفاعًا آخر في عام 1984 إلى قرشين، ثم في عام 1988 قررت حكومة عاطف صدقي رفعه إلى 5 قروش.
وفي مارس الماضي، وجه الرئيس السيسي الحكومة بالإبقاء على أسعار الخبز من دون تغيير، وذلك في أعقاب قيام لجنة تسعير المنتجات البترولية برفع أسعار السولار بواقع 125 قرشا للتر، ووجه بتحمل الدولة لفارق الزيادة في أسعار الوقود للمخابز التموينية، يشار إلى أن موازنة العام المالي الجديد الذي سيبدأ في يوليو المقبل خصصت أكثر من 125 مليار جنيه لدعم الخبز.
وحاولت الحكومات المتعاقبة تخفيف فاتورة الدعم دون المساس بسعر الخبز بشكل مباشر، عبر تخفيف وزنه، وأحدث قرار في هذا الإطار كان في أغسطس 2020 عندما قامت الحكومة بتخفيض وزن رغيف الخبز المدعوم إلى 90 جراما من 110 جرامات لتصل إنتاجية جوال الدقيق “وزن 100 كيلو جرام” إلى 1450 رغيفا بدلا من 1250 رغيفا، بينما كان وزن الرغيف المدعم في تسعينيات القرن الماضي 150 جرامًا.