من المقرر أن يقوم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بزيارة إلى البيت الأبيض اليوم الجمعة لتوقيع اتفاق بقيمة عدة ملايين دولار يتعلق بالمعادن، في زيارة تستحضر ذكرى المكالمة الشهيرة التي جرت في عام 2019.
مكالمة مثيرة للجدل
يتذكر ألكسندر فيندمان، الذي كان يعمل في مجلس الأمن القومي في ذلك الوقت، كيف نظم مكالمة هاتفية بين ترامب وزيلينسكي، الذي كان حديث العهد في رئاسة أوكرانيا، في يوليو 2019. وقد سمع الرئيس الأمريكي يساوم على المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا مقابل فتح زيلينسكي تحقيقًا حول نجل الرئيس الأمريكي السابق هانتر بايدن، فيما يتعلق بعمله في شركة الغاز الأوكرانية. خلال تلك الفترة، علم فيندمان أن ترامب كان يواجه اجراءات المساءلة تمهيداً للعزل.
وبحسب صحيفة “جارديان” البريطانية، واجه ترامب إجراءات المساءلة بسبب هذا العرض المثير للجدل الذي تم تقديمه كشكل من أشكال الضغط على خصمه السياسي. وبعد مرور ست سنوات، لا يزال هذا الحدث يلقي بظلاله على المفاوضات الحالية لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، بما في ذلك اتفاق يشمل استمرار المساعدات العسكرية الأمريكية في مقابل الوصول إلى الموارد المعدنية الثمينة في أوكرانيا.
بينما يُنتظر وصول زيلينسكي إلى البيت الأبيض اليوم الجمعة، يحذر المراقبون من أن ترامب يسعى مجددًا لإعادة استخدام أساليب الضغط. يتذكر فيندمان، مؤلف كتاب “حماقة التحلي بالواقعية: كيف خدع الغرب نفسه بشأن روسيا وخان أوكرانيا”، كيف أن ترامب قال خلال تلك المكالمة إن أوكرانيا ستقوم بخدمة من أجل الحصول على حزمة المساعدات التي خصصها الكونغرس والبالغة 400 مليون دولار.
عند إجراء المكالمة، كان فيندمان يشغل منصب مدير الشؤون الأوروبية في مجلس الأمن القومي، وقد أعد تقريرًا رسميًا حول “خطة ترامب الفاسدة”، مما أدى إلى جلسات استماع علنية، ليصبح ترامب بموجبها ثالث رئيس أمريكي يساءل تمهيداً للعزل، على الرغم من أنه تمت تبرئته في النهاية من قبل مجلس الشيوخ.
وبحسب “جارديان”، فإن العلاقة بين ترامب وزيلينسكي، التي كانت ودية في عام 2019، أصبحت متوترة بسرعة. وعندما التقى مسؤول أمريكي رفيع المستوى مع نظيره الروسي في السعودية الأسبوع الماضي لمناقشة إنهاء الحرب، لم تتم دعوة أوكرانيا. وعندما زعم ترامب أن أوكرانيا تتحمل اللوم في الحرب الروسية، وهو ما يتماشى مع الروايات التي يروجها الكرملين، رد زيلينسكي بأن ترامب “محاصر” في “فقاعة من المعلومات المضللة” الروسية.
ورد ترامب بغضب، واصفًا زيلينسكي بأنه “ديكتاتور” لعدم إجراء انتخابات خلال فترة الحرب، عندما كانت مناطق واسعة من أوكرانيا تحت السيطرة الروسية، بينما كانت البلاد تخضع للأحكام العرفية.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، وفي تحول ملحوظ في السياسة الأمريكية، ابتعدت الولايات المتحدة عن حلفائها الأوروبيين برفضها إلقاء اللوم على روسيا في الحرب الأوكرانية، حيث صوتت على ثلاثة قرارات أممية تهدف إلى إنهاء الصراع المستمر منذ ثلاثة أعوام.
في سياق متصل، يُنتظر أن يزور زيلينسكي واشنطن لتوقيع اتفاق يتيح للولايات المتحدة الوصول إلى المعادن الأوكرانية النادرة، والتي تُستخدم في صناعات الطيران والدفاع والطاقة النووية، كوسيلة لدعم كييف بالمساعدات التي تلقتها خلال إدارة بايدن.
أوجه التشابه بين الماضي والحاضرهناك تشابهات بين المقايضة الحالية والماضية، وكذلك فروقات، حسبما ذكرت صحيفة “جارديان”. وأوضح فيندمان أن “ترامب لا يبتز أوكرانيا هذه المرة لخدمة أغراض انتخابية، بل هناك عنصر يتعلق بالأمن القومي. تحتاج الولايات المتحدة إلى معادن أرضية نادرة من أجل اقتصادها، وتحتاج أوكرانيا إلى الاستثمارات. لذا، هذا الأمر يعتبر، بطريقة ما، أكثر مشروعية مقارنة بالماضي، رغم أنه لا يزال يبدو كنوع من الابتزاز بالنسبة لأمريكا في كيفية تنفيذ الأعمال على الصعيد العالمي”.
كما أن زيلينسكي يواجه وضعًا مختلفًا وأكثر ضعفًا، حيث أعلن أن أكثر من 46 ألف جندي أوكراني قتلوا، وأكثر من 390 ألفًا أصيبوا، لكن التقديرات الأخرى تشير إلى أعداد أكبر بكثير.