في مثل هذا اليوم من عام 1924 شكل سعد زغلول أول وزارة شعبية في مصر، وأصبح سعد رئيسا للوزراء بعد أن فاز الوفد بـ 90٪ من مقاعد البرلمان في الانتخابات وبتولي السلطة استطاع الزعيم الوفدي وقف المظاهرات وأعمال الشغب.
ما لا تعرفه عن الانتخابات البرلمانية عام 1924
جرت الانتخابات النيابية في مصر 1924 وكانت تتويجًا لكفاح الشعب المصري وترتبت على صدور دستور 1923 الذي وضعته لجنة من 30 عضوًا تمثل الأحزاب السياسية والزعامات الشعبية.
في 12 يناير 1924 تحدد موعد انتخابات مجلس النواب، وتقدمت الأحزاب التي كانت موجودة في الساحة في هذه الفترة للماراثون الانتخابي وهي الوفد والأحرار الدستوريين والحزب الوطني، وأسفرت عن مفاجأتين أولهما إسقاط رئيس الوزراء يحيى إبراهيم باشا، والثانية حصول الوفد على الأغلبية من مقاعد مجلس النواب 195 مقعدًا.
وجرت الانتخابات في أجواء تاريخية بعد ثورة 1919م وبعد أن أصدرت بريطانيا تصريح 28 فبراير الذي يعطي استقلالًا نسبيًّا لمصر، وكذلك صدر دستور 1923م، وهو أول دستور يتم تفعيله في تاريخ مصر الحديث، وينص علي إقامة حياة نيابية في مصر يشارك فيها الشعب حكم البلاد من خلال مجلس نيابي يختار الشعب أعضاءه، ويقوم الحزب الذي يحظى بأغلبية الأعضاء بتشكيل الحكومة.
وكان الدستور آنذاك كان خطوة مهمة للحياة الديموقراطية، وإن شهد بعض أوجه النقد مثل أنه أعطى الملك الحق في حل البرلمان وإقالة الوزارة، الأمر الذي جعل الملك صاحب السلطة التنفيذية وله اليد العليا في التحكم بالسلطة التشريعية وهي البرلمان.
لكن من مميزات دستور 1923 أنه ألغي الأحكام العرفية، وبموجبه خاض الوفد بزعامة سعد زغلول الانتخابات في يناير 1924م.
تشكل البرلمان من 264 عضوًا بطريق الانتخاب العام، أما مجلس الشيوخ فكان يتكون من 147 عضوًا منهم 28 عضوًا بالتعيين، والباقي بالانتخاب.
وافتتح البرلمان في 15 مارس 1924، وألقى سعد زغلول خطاب العرش نيابة عن الملك، وبعد ذلك شكل سعد زغلول وزارة برئاسته فكان أول مصري من أصول ريفية يتولى هذا المنصب وسميت وزارته بوزارة الشعب.
عرض سعد باشا برنامج وزارته وكان يهدف إلى التخلص من التحفظات الأربعة في تصريح 28 فبراير التي كانت تعوق الاستقلال التام لمصر، فطرح سعد زغلول مطالب وزارته وهي الاستقلال التام بجلاء القوات الإنجليزية عن البلاد، وقيام مصر بمسؤولياتها في حماية قناة السويس، وحرية الحكومة المصرية في وضع سياستها الخارجية وتولي شئون الأقليات والأجانب، ولكن الحكومة البريطانية رفضت هذه المطالب ولذلك ناصبت وزارة سعد العداء.
أسباب تآمر الإنجليز ضد حكومة سعد زغلول
جاء الإنجليز الفرصة عندما اغتال أحد المصريين بدافع الوطنية سردار الجيش المصري في السودان سير لي ستاك وهو في القاهرة ليوجخ لورد اللنبي إنذارًا لوزارة سعد زغلول يطالب فيه أن تقدم الحكومة المصرية اعتذارًا عن هذه الجريمة وتقدم مرتكبي هذه الجريمة والمحرضين عليها للمحاكمة والعقاب وتقديم تعويض مقداره نصف مليون جنيه استرليني للحكومة البريطانية وسحب القوات المصرية من السودان وزيادة مساحة الأراضي المزروعة قطنًا في السودان.
كان الإنجليز يهدفون من هذا الإنذار إبعاد مصر عن السودان لتنفرد به بريطانيا ووضع السودان ومصر في تنافس اقتصادي حول محصول القطن وظهور إنجلترا بمظهر المدافع عن مصالح السودان إزاء مصر.
وافق سعد زغلول على النقاط الثلاثة الأولى ورفض الرابعة، فقامت القوات الإنجليزية بإجلاء وحدات الجيش المصري بالقوة من السودان، فتقدم سعد زغلول باستقالته.
بعد استقالة سعد زغلول، كلف الملك فؤاد أحمد زيور باشا برئاسة الوزارة كما قام بحل البرلمان ولكن نواب البرلمان اجتمعوا خارجه وقرروا التمسك بسعد زغلول في رئاسة الوزراء. فقامت الحكومة البريطانية بإرسال قطع بحرية عسكرية قبالة شواطئ الإسكندرية في مظاهرة تهديدية، لذلك قرر سعد زغلول التخلي عن فكرة رئاسة الوزراء حتى لا يعرض مصر لنكبة أخرى مثل ما حدث عام 1882م.