كتب رفعت عبد السميع
اقام فيكتور هوجو سفير جمهورية الباراجواي في مصر احتفالية بمناسبة الذكرى ال213 لاستقلال الباراجواي شهدها سفراء امريكا اللاتينيه ولفيف من رجال السلك الدبلوماسي بالقاهرة والسفير اشرف منير نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون امريكا اللاتينيه والذي قال في كلمته نتقدم بالتهنئة لشعب وحكومة الباراجواي بمناسبة هذا اليوم العظيم باراجواي دولة صديقة وتربطها بمصر علاقات تاريخية منذ عام 1959 عندما فتحت مصر سفارة في عاصمة باراجواي ومنذ ذلك التاريخ تم تطوير العلاقات في مختلف المجالات إلي أن تم توقيع اتفاق التجاره الحره بين مصر ومجموعة الميركسور والباراجواي أحدي الدول الأعضاء فيها وهو تجمع إقتصادي هام لدول امريكا اللاتينيه وفي هذه المناسبة نتمنى للباراجواي التقدم والازدهار وإلي المزيد من التعاون والتنسيق السياسي في المحافل الدولية من جانبه قال سفير الباراجواي في كلمته
قبل 213 عامًا، حقق مجموعة من الشباب الوطني الباراجواني، الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 عامًا، مدنيين وعسكريين، استقلال باراجواي. لقد كان مسارا تطلب في بدايته انغلاق البلاد على نفسها لتعزيز استقلالها الوليد، وخوض حروب دولية شرسة ذات عواقب وخيمة على سكانها؛ وحروب داخلية مؤلمة بنفس القدر؛ واجهت البلاد تحديات كبيرة بسبب طبيعة البحر الأبيض المتوسط التي تحدد تنميتها الاقتصادية؛ دون أن يفوتنا عدم الاستقرار السياسي الذي اعتقد البعض أنه يمكن حله عن طريق الدكتاتورية العسكرية، التي كانت قاسية للغاية واستمرت 35 عامًا. ولكن بفضل الله والعديد من الباراجوانيين الطيبين الشرفاء، بالإضافة إلى الدعم الدولي، منذ فبراير 1989، استعادت الباراجواي الديمقراطية من جديد والأن تلتزم جميع القوى السياسية الداخلية بالحفاظ على الديمقراطية وتعزيزها كشكل أساسي لتنظيم الدولة وجمهوريتها وحكومتها.
لأكثر من 20 عاما، حافظت الباراجواي على مؤشرات مستقرة للاقتصاد الكلي. ويبلغ عمر عملتها، الغواراني، 81 عاماً بالفعل، دون إزالة أي أصفار أو إجراء تصحيحات مصطنعة على تعادلها مع العملة الأجنبية. وتحافظ سياسة الصرف على التعويم الحر للدولار، ولكل شخص الحرية في شراء وبيع الدولارات وتحويلها إلى الخارج، في الوقت والمبلغ المطلوبين، مع مراعاة قواعد الشفافية والشرعية.وبالنسبة لمعدلات التضخم فهي في النطاق المقبول وضمن الأهداف التي حددها البنك المركزي. كذلك تتلقى الباراجواي تدفقًا كبيرًا من الاستثمارات من رجال الأعمال من دول المنطقة والقارات الأخرى، الملتزمين بالحفاظ على خصوبة أراضيهم وتطبيق القواعد الواضحة لتطوير الأعمال ومنها: اتباع سياسة 10 – 10 – 10 (أو ثلاثية العشرة 10): وتعني ضريبة القيمة المضافة بنسبة 10٪ ; 10% ضريبة الدخل الشخصي؛ 10% ضريبة دخل الأعمال. إن الممارسات الاقتصادية والتجارية الجيدة تجعل الباراجواي تقترب بشدة من الدرجة الاستثمارية، والتي إذا تم تحقيقها، سيكون لها وقع رائع على المستثمرين والجهات الاستراتيجية الرئيسية والقائمين على الاقتصاد في المنطقة والعالم، وعندها سيستفيد الجميع المصدرين والمستوردين.
باراجواي بلد يحث على الاستثمار: يمكن لرجل الأعمال تقديم رأس المال وتقديم السلع الرأسمالية لأغراض الاستثمار مع تعريفات جمركية بنسبة 0%؛ يمكنك تحويل الأرباح بالدولار الذي تم الحصول عليه بحرية، مع رسوم بنسبة 0%؛ يمكنك تأسيس شركتك بمزايا ضريبية في فترة زمنية قصيرة جدًا؛ لديها أقل تكاليف ضريبية وأقل تكاليف العمالة في المنطقة وأيضا أقل تكلفة للطاقة الكهربائية في المنطقة. تتمتع كذلك الباراجواي بموقع جغرافي استراتيجي في أمريكا الجنوبية: فهي تقع في وسط القارة حيث تمر عبر أراضيها طرق برية تربط المراكز الصناعية والموانئ الواقعة في المحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ، وكذلك مع طرق من الدول والمناطق شمال وجنوب باراجواي. من ناحية أخرى تمتاز بالممر المائي هيدروفيا، الذي يتكون من التقاء نهري باراجواي وبارانا القويين، حيث يجعل من الباراجواي محطة مركزية للسفن النهرية ولذلك فإن الباراجواي حاليًا صاحبة ثالث أكبر أسطول للمراكب النهرية في جميع أنحاء العالم، بعد الولايات المتحدة والصين. بمجرد تشغيل مشروع الجمع بين ممر باراجواي بارانا المائي والطرق البرية بكامل طاقته، ستكون باراجواي أشبه بقناة بنما البرية، وستنخفض تكاليف نقل البضائع التي تستخدمها بنسبة 15% إلى 20% مقارنة بالتكلفة الحالية.
كذلك تتمتع الباراجواي بمصدر الطاقة الفريد الخاص بها الذي يحقق إنتاج طاقة كهربائية خضراء بنسبة 100%. وهي قادرة شأنها شأن القليل من الدول الأخرى – على إنتاج الهيدروجين الأخضر (وقود المستقبل) الضروري لتعديل مصادر الطاقة العالمية.
أما عن سياستها الخارجية، فلطالما حافظت الباراجواي على علاقات ثنائية ممتازة مع دولة مصر الشقيقة وكان هناك دائمًا احترام متبادل بين البلدين لاختلاف الثقافات من الطرفين وحافظ كل منهما على سيادة الأخر سواء في الشئون الداخلية أو في العلاقات التي تربط كل منهما بدول أخرى.
كذلك تقدر الباراجواي وتعرب عن إعجابها بدور مصر كضامن للاستقرار في المنطقة، ودورها المرجعي المحوري بين الدول العربية، وبالطبع في قارة أفريقيا، خاصة في شمالها. ونحن ممتنون بشكل خاص للتسهيل والضمان الذي قدمته مصر لإخراج مجموعة مكونة من 27 مواطن من الباراجواي ومواطن أرجنتيني عبر شرم الشيخ، بعد بضعة أسابيع فقط من الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس على إسرائيل. كما رأينا مصر تلعب دوراً رئيسياً في تخفيف معاناة البشر من جميع الجنسيات في الصراع الداخلي في السودان، فضلاً عن استقبالها بسخاء لعدد كبير من اللاجئين على أراضيها. كل هذا دون أن ننسى عدد المرات التي نجحت مصر في الوصول إلى اتفاقات هدنة في المنطقة كما ساهمت في إعادة الإعمار أيضَا. واليوم أصبحت مصر مرة أخرى المركز الذي يحاول التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس. برافو مصر!
من ناحية أخرى، نحن نرى أن مصر بدأت العودة على الطريق الثابت للانتعاش الاقتصادي. وقد تزامنت جاذبية الاستثمارات الضخمة في منطقة البحر الأبيض المتوسط مع الدعم القوي من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي. وحرر البنك المركزي سعر الصرف والذي لم يكن صداه في تحقيق الاستقرار وحسب، بل أظهر أيضًا قوة الجنيه المصري من جديد. وكما قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، عند إعلانه عن الاتفاقية بين مصر والصندوق السيادي الإماراتي: “إن هذا الاتفاق هو أول طريق التغلب على الأزمة وصناعة بداية جديدة للاقتصاد المصري”.
وتعرب الباراجواي عن أملها العميق في أن تسمح هذه المحطة الاقتصادية الجديدة لمصر بمواصلة تنفيذ خطتها الطموحة للبنية التحتية وتحقيق الرخاء للشعب المصري بأكمله.
وأخيرا، اسمحوا لي أن أخبركم ببعض الأخبار المحزنة للغاية بالنسبة للباراجواي: فلأسباب تتعلق بالميزانية فقط، اضطرت حكومة الباراجواي إلى اتخاذ قرار بإغلاق سفارتها في مصر. إن هذا القرار، الذي نأسف له بشدة، لا ينتقص من العلاقات الثنائية الممتازة التي تربطنا منذ ما يقرب من 70 عاما. وليس تجاهلًا للدور المحوري الذي تلعبه مصر كلاعب استراتيجي وضامن للاستقرار الإقليمي.
ونأسف أيضًا لأننا سنضطر إلى المغادرة في الوقت الذي حققنا فيه عدة انجازات على مستوى العلاقات التجارية الثنائية على وجه التحديد خلال عام 2023 حيث تستلمت مصر أول شحنة من نبات اليربا الباراجواني؛ واتجه عدد من المستثمرين المصريين إلى الباراجواي لزيادة معدل التصدير والاستيراد بين البلدين؛ وعلى الجانب الثقافي قمنا بترجمة مجموعة شعرية مكونة من 265 قصيدة لأكثر من 100 مؤلف باراجواني إلى اللغة العربية. وسنبذل كل ما في وسعنا حتى لا يؤدي رحيلنا إلى تعطيل أو قطع هذه المشاريع الجارية.
في بداية كل عام، نضع جميعًا أهدافًا لتحقيقها… منذ وصولي إلى هذا البلد العظيم، عملت بشكل وثيق جدًا مع الصديق المحترف والعظيم، السفير أشرف منير حتى تفكر مصر في فتح سفارة مقيمة لها في الباراجواي. . ولدى وصول السفير حازم فهمي، نائب الوزير للأمريكتين، تمكنا من تعزيز هذا العمل لنفس الهدف. وفي احتفالية العام الماضي بمقر إقامتي، أشار سعادة السفير حازم فهمي خلال كلمته المكتوبة – أي أنه تصريح محضر له ولم يكن نتيجة ارتجال – إلى أن افتتاح سفارة مصرية مقيمة في الباراجواي كان من أولويات وزارة الخارجية المصرية، لكن عوائق الميزانية وحدها هي التي حالت دون تحقيق ذلك.
ومن ثم، فأنا راضِ بهذه التصريحات التي قالها مسؤولون على قدر كبير من الأهمية بالدولة، على الرغم من أننا بالطبع نود جميعًا، مصريين وباراجوانيين، أن تتحول هذه النوايا إلى حقيقة واقعة، فالباراجواي شريكًا تجاريًا جيدًا لمصر، وعلى الرغم من انخفاض أرقام التبادل التجاري قليلاً، فإن نسبة الإنجارات السياسية والثقافية ارتفعت، فنحن مرتبطون بشكل ممتاز. كذلك أسس رجال أعمال مصريون مقرا لشركتهم في أسونسيون، بالباراجواي العام الماضي محققين نجاحات كبيرة هناك. وعليه سيحتاج بالطبع هؤلاء المستثمرون سفارة لمصر في الباراجواي لتقوم بمساعدتهم.
رحيلنا ليس نهائيًا فلقد تحدثت إلى وزير خارجية الباراجواي روبن راميريز ليزكانو، الذي أكد لي أن الباراجواي تأمل أن تتمكن قريبًا من إعادة فتح سفارتها في مصر. وأضاف أنه يتمنى أن يكون الافتتاح مشتركًا لتمثيل الباراجواي في القاهرة بمصر ولتمثيل مصري بأسونسيون بالباراجواي. ووزارة خارجية الباراجواي على استعداد لتقديم كافة الضمانات اللازمة لذلك.
وفي الختام، اسمحوا لي أن أعرب عن امتناني للمسؤولين في وزارة الخارجية المصرية الموقرة وعلى رأسها معالي السيد سامح شكري وزير الخارجية المصرية؛ وإلى مساعديه السفير نبيل حبشي؛ والسفير حازم فهمي، والسفير وليد حجاج؛ وإلى الصديق العظيم والعزيز السفير أشرف منير الذي كان له دورًا أساسيًا في تعريفنا على أماكن مصر المميزة وثقافتها ومن خلاله تعرفنا على عظمة البلد وشعبها! كذلك اسمحوا لي أن أشارك في الترحيب بالمساعد الجديد للأمريكتين، سعادة السفير سامح أبو العينين الذي من المؤكد أنه سيكمل مسيرة العمل المثمر الذي قام به سابقيه. فأتمنى له كل النجاح والتوفيق في إدارة هذا المنصب الهام. ومن خلال كل هذه الشخصيات أتقدم بالتحية والامتنان لوزارة الخارجية برمتها.
كما أتقدم بالتحية لكل من قداسة البابا تواضروس الثاني وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد محمد أحمد الطيب.
كما أوجه جزيل الشكر إلى إدارة الأمانة العامة التابعة للرئاسة، والسادة مديري الوزارات والهيئات المؤسسية الأخرى ووكلاء الوزارات؛ والسادة رؤوساء جامعة القاهرة وجامعة أسيوط وعين شمس وأقسام اللغات بالكليات المختلفة على تعاونكم معنا خلال السنوات الماضية.
وجزيل الشكر لقداسة السفير الباباوي؛ وإلى السادة سفراء أمريكا وأوروبا وأفريقيا وآسيا وأوقيانوسيا الذين أتيحت لنا فرصة العمل والتآخي معهم. جزيل الشكر للسفراء والقائمين بالأعمال في مجموعة أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي – الذين ينشئ كل منهم روابط مهنية أخوية وصداقة.
كما يجب أن أشكر رجال الأعمال الذين وضعوا ثقتهم فينا وقد استقر بعضهم بالفعل في الباراجواي ويقومون بأعمال جيدة للغاية، وأنا متأكد من أنهم سيحققون نتائج أفضل. وما زال آخرون يفكرون في الأمر، لكنني أعتقد اعتقادا راسخا أنهم سينضمون قريبا إلى الباراجواي. ولقد أصبح العديد منهم أصدقاء عظماء وعزيزين شخصيين!!
شكرًا جزيلاً لدعاة الثقافة المصرية الرائعين الذين ميزوا دائمًا سفارة الباراجواي بتعاونهم وشرفوني بصداقتهم الشخصية!
شكراً جزيلاً للمجتمع اللاتيني بالمعادي!! هنيئاً لكم العمل الإنساني الذي تقومون به كل عام، منذ سنوات عديدة!!
شكراً جزيلاً للجالية اللاتينية بالمعادي!! هنيئاً لكم على العمل الإنساني الذي تقومون به كل عام، منذ سنوات عديدة!!
وقد تركت شيئًا رئيسيًا حتى النهاية تقريبًا: طاقم السفارة الذي تعاون معي ويتكون من (5 مصريين واثنين من باراجواي) الذين سأذكر أسمائهم حسب الأقدمية في خدماتهم في البعثة:
محمد يوسف راجح: ما يقرب من 22 عامًا من العمل بالسفارة
محمود السعيد عبده؛ 20 عامًا
ناصر عبد العزيز 9 سنوات
يولاندا بوزولي 8 سنوات
إيفر بيرالتا 7 سنوات
ساره عبد الحميد 6 سنوات
والآن، أدين بالفضل والشكر الأساسي لزوجتي، ستيلا، التي تقاسمت معها حياتنا منذ ما يقرب من 33 عامًا. والتي سألتها قبل أيام: ما الذي تودين تسليط الضوء عليه في مصر؟ فأجابت: “سِحرها”.. ذلك السحر حاصرها لدرجة أنها اليوم لا تريد مغادرة هذا البلد الحبيب!
والآن أشارككم أنه قد خصص لي وزير خارجية الباراجواي وَجهة جديدة، في بلد عظيم أخر نظرًا لحجمه وأهميته السياسية والاقتصادية والثقافية. وستكون وجهة رائعة لتتويج مسيرتي السياسية والدبلوماسية، التي امتدت لعدة عقود مما يحقق لي رضا كبير بالنسبة لي شخصيًا!
لكن صدقوني، الـ 39 شهرًا التي قضيتها في مصر ستظل دائمًا من بين أفضل ذكرياتي! لقد كان شرفًا لي أن أتعرف عن قرب على الإيمان الديني لشعب مصر العظيم، وعاداته وتقاليده، وثرواته التاريخية التي لا مثيل لها!
تحيا باراجواي! تحيا مصر!
شكرًا جزيلاً لمصر ونراكم دائمًا على خير!!