سنعثر عليهم يوما ما

وفاء أنور

وتمر تلك الساعات الطوال ، أو إن شئت قل الساعات الثقال حينما تمتليء ذاكرتك القوية بالعديد من المواقف ، والأحداث التي مرت بك على غير ماتتمنى لتشعر بعدها بالانطفاء يسري بداخلك ، لاتدري نحو أي طريق ستتوجه أو لأي باب سوف تطرق .
إن أفكارك التي تنال منك دون رحمة تأتي بالفكرة فتغيب عند طرفها فكرة أخرى ، وهكذا تربكك دوامة الأفكار فتقيدك بالسلاسل والأغلال ، تمتد يديك للأعلى باحثة عمن كانوا يخلصونها في الماضي فلا تجد سوى صدى صوتك يتردد وعندما تشعر بالضعف تشد بك دوامتك اللعينة إلى عمق العمق .


تتوقف بعدها محاولًا استبدال بعض الأشخاص وإعادة ترتيب الأفكار فلا تجد لديهم ماتريد ، فعالمنا قد تنازل عن بعض إنسانيته منذ زمن بعيد ولكنك كنت حالمًا تعدو كالفراشات دومًا لتطارد أحلامك الوردية في وجود عالم مثالي توهمت وجوده ثم قمت بنسج خيوطه من وحي خيالك .


إن رغبتك في العودة لمن كنت معهم من قبل الوحيدون الذين كانوا يتمكنون من انتشالك حينما تغوص بك دوامتك إلى أعماق المزاج السيء قد رحلوا عن دنيانا .
أسمعك تنادي بصوت عال على كل القلوب الرقيقة لتجدها بعد طول العناء وبعد تكرار النداء قد رحلت ألى عالم السماء .


فأين أنت من عالم سماوي سما فيه ساكنوه عن كل حقد عن كل غيرة ، عن كل مكر ، ودهاء ، عالم أعلى ، وأرقى من أن تشغله تلك الصغائر ، عالم ترفع عن كل تلك الأشياء .
تعود من جديد لرحلة البحث عن الأشباه ، فتجد الأمر أصعب من كل أمر قد مر بك ، وكلما ازداد عدد الرفاق من حولك كلما عدت بالخذلان أسرع فتظل تبحث من جديد عن قلوب عامرة بقيم المحبة ، والوفاء .


حاولت كثيرًا أن تعبر محنتك في صمت كاتمًا أنفاسك ، ثم آثرت بعدها الانسحاب ، ولكنك لم تخلق من أجل ذلك إنما خلقت لمعايشة أقسى الظروف وأعتاها ، خلقت لتواجه ، لتتغلب على كل العواصف ، والأنواء .


سر في طريق من يسير فيه لايخيب له رجاء ، جاور هؤلاء الذين مازالوا يحتفظون بإنسانيتهم ، ابحث عنهم في سماحة وجوههم ، في رقة مشاعرهم ، في طيب خلقهم ، ابحث عنهم في حلو حديثهم ، في شدة إخلاصهم ، وإن عثرت عليهم لاتفرط فيهم ، فهؤلاء هم صناع السعادة ، في هذه الحياة .

سنعثر عليهم يوما ما

Loading