د.مروة الليثي #دليلك للطمأنينة
في كل بيت تقريبًا، في طفل اتقال له يومًا:
“شوف ابن خالتك بيذاكر إزاي… شوف بنت جارتنا جابت كام… ليه مش زيهم؟”
كلمات بسيطة، يمكن الأهل شايفينها تحفيز، لكنها كانت الشرارة الأولى لجرح بيكبر مع العمر… وبيشكّل نظرتنا لنفسنا من غير ما نحس.
المقارنة واحدة من أقدم أدوات التربية في مجتمعنا، لكنها أخطرهم. لأنها مش بس بتجرح، لكنها بتكسر طريقة الطفل في تقييم نفسه. الطفل اللي يتقارن كتير، بيفضل طول عمره شايف إنه أقل… مهما حقق، مهما تعب، ومهما وصل.
جرح المقارنة مش بس بيظهر في الطفولة. بيجري ورا صاحبه وهو كبير:
بيظهر في الشغل لما يقارن نفسه بزميله.
بيظهر في العلاقات لما يحس إنه “مش كفاية”.
بيظهر في كل إنجاز… ينهيه وهو مش قادر يفرح بيه.
وبيظهر أكتر في السوشيال ميديا لما يشوف “نسخة مثالية” من الناس ويصدق إنه أقل منهم.
المقارنة مش بس بتقلل من ثقة الإنسان بنفسه، لكنها كمان بتخلق قلق مستمر… قلق من الفشل، وقلق من نظرة الناس، وقلق من إنه مهما عمل… برضه مش هيكون “كويس كفاية”.
ومع الوقت، الشخص اللي اتعرض لمقارنات طول حياته، بيتحوّل هو نفسه لخصم داخلي شرس.
يبقى الصوت اللي جواه أقسى من أي حد برّه.
يبقى هو اللي بيقول لنفسه:
“مش هتعرف… غيرك أحسن… حاولت كفاية؟ لأ، في ناس عملت أكتر.”
لكن الحقيقة النفسية الواضحة هي:
كل إنسان له طريقته، سرعته، ظروفه، قدراته، وملامح رحلته الخاصة.
مفيش اتنين زي بعض، ومفيش نجاح واحد يتقاس عليه كل الناس.
المقارنة الوحيدة الصحية هي إن الإنسان يقارن نفسه بـ نفسه…
هو كان فين؟
وبقى فين؟
وقدر يتغلب على إيه؟
ويمكن أجمل مرحلة في التعافي من جرح المقارنات… هي اللحظة اللي الإنسان فيها يفوق ويقول:
“أنا مش نسخة من حد… وأنا كفاية.”
لأن كل واحد فينا جاي الدنيا برسالة وموهبة وخط مختلف.
ومفيش مقارنة هتقدر تغيّر الحقيقة دي.

Loading

By عبد الرحمن شاهين

مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأوسط العالمية نيوز مقدم برنامج اِلإشارة خضراء على راديو عبش حياتك المنسق الإعلامي للتعليم الفني